لم يكن منذ زمن طويل أن أشادت كتب الأعمال التجارية ودراسات الحالة في الصين أنه استطاع أن يتفهم ويستوعب أكبر سوق في العالم. حيث سيطرت شركة، يام براندز Yum، على حوالي 40 بالمائة من سوق الأطعمة السريعة في الصين بحلول عام 2011، وحققت شركة يام في الصين، حوالي 44 بالمائة من إيرادات الشركة العالمية. من ناحية، كانت الشركة تفتتح 500 منفذ جديد للأطعمة السريعة كل عام في الصين (كان لديها 6715 مطعما في نهاية عام 2014، مقارنة مع مطعم واحد في عام 1987) وبدت متجهة نحو السيطرة على هذا القطاع. ولكن اعتبارا من عام 2012، بدأت الشركة في التعثر. هذا الأسبوع، أعلنت شركة يام عن أنها تريد أن تفصل تماما أقسامها التي كانت ثمينة وتدر لها الإيرادات القوية في البر الصيني، وأن تجعلها مستقلة. كان المقصود من الانقسام هو تعظيم قيمة المساهمين في الوقت الذي تمنح فيه شركة يام في الصين الحرية للبحث عن طريقة للخروج من حالة ركود استمرت عدة سنوات دون أن تكون مدارة من الخارج بشكل تفصيلي في كل صغيرة وكبيرة. وتلك الخطوة عززت بالفعل أسهم شركة يام. لكنها لن تعمل على حل مشاكل عمليات فصل الأقسام في الصين. هناك، تواجه الشركة - مثل غيرها من سلاسل مطاعم الوجبات السريعة الأمريكية - سلسلة من الرياح المعاكسة التي سيكون من الصعب أو المستحيل تغيير اتجاهها إلى الوراء. وسيكون التحدي الرئيسي متمثلا في التركيبة السكانية الآخذة في التغيير في الصين. على مدى 30 عاما، كانت منتجات المطاعم تستهدف الشباب الصيني والعائلات التي تتألف من أزواج في سن الشباب. لكن تراجع معدلات الخصوبة عبر الصين عمل على تقليص تلك العوامل الديموغرافية - وهو اتجاه من غير المرجح أن يتغير في أي وقت قريب. ما بين عامي 1997 و2014، تراجعت نسبة دخول المدارس الأساسية في الصين من 25 مليون فرد إلى 16.58 مليون طالب، وتناقصت التسجيلات في المدارس الثانوية من 22.63 مليون طالب إلى 14.48 مليون طالب. في الوقت نفسه، تعتبر الصين التي يكثر فيها عدد السكان المتقدمين في السن بالأصل موطنا لأكبر نسبة سكان في العالم ممن هم فوق سن الستين - وهو عامل ديموغرافي لا يميل إلى شراء الكثير من قطع الدجاج المقلي في الصين. ما يجعل الأمور أسوأ ويزيد من تعقيد الموضوع، يكون الشباب الصيني في الوقت الحاضر هم أكثر ثراء وتطورا من الأجيال السابقة، وبالنسبة لهم، زال منذ فترة طويلة عنصر الجِدة المتمثل في تناولهم الطعام في سلسلة مطاعم الوجبات السريعة الأمريكية. أشارت دراسة استقصائية للمستهلكين أجريت في (سبتمبر)، من قبل شركة ميلر شاندويك للأبحاث، إلى أن 62 بالمائة من المستهلكين الصينيين قاموا بنشر "تجربتهم الغذائية" في وسائل التواصل الاجتماعي خلال الشهر الماضي، مع تشارك 17 بالمائة منهم صور الطعام يوميا (بما في ذلك نسبة مئوية كبيرة من أصدقائي عبر تطبيق ويتشات). رغم الفطائر الرائعة وعجة البيض الجيدة التي يقدمها مطعم كي إف سي، إلا أن أن هؤلاء الشباب الصينيين المهتمين بالأطعمة الصينية لا يتطلعون إلى الإعلان عن وجودهم الذي يفيد بأنهم يتناولون طعامهم في أحد المطاعم العادية التي ليست لها أية ميزات. وفي عام 2012، وجدت ميلوارد براون، الشركة المسؤولة عن استطلاعات المستهلكين، أن 39 بالمائة من الصينيين يعتبرون أن المطاعم المملوكة لشركة يام هي "علامة تجارية مرغوب بها"، أما في العام الماضي فقد كانت نسبة أقل من الربع هي التي لا تزال تعتبر أنها علامة تجارية مرغوب بها. هذه الأيام، يسعى الشباب الصيني للذهاب إلى مطاعم بديلة محلية مثيرة للاهتمام مثل مطعم (داك برجر) الذي يقدمه أحد أفضل بائعي بكين داك "بط بكين" في بكين فقط هذا الأسبوع. في الوقت نفسه، تكتسب سلاسل مطاعم الوجبات السريعة الناشئة محليا والتي تقدم الطعام المحلي الصيني - بدلا من الطعام الأمريكي المصنوع محليا - حصتها في السوق. وفي النهاية، ربما تعمل الفضائح على تقويض أقوى ميزة لمطاعم كي إف سي وغيرها من العلامات التجارية في الولاياتالمتحدة ذات الأمد الطويل: التصور السائد بين الصينيين بأن هذه المطاعم هي أنظف وأكثر أمنا من المطاعم الصينية المفترى عليها (وغالبا ما تكون اتهامات لها ما يبررها). بدأت التداعيات مع الكشف في عام 2012 عن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية في دجاج المطاعم (حيث أصبحت عبارة "أنا لا أذهبُ إلى الطبيب، بل أذهبُ إلى مطعم كي إف سي" بمثابة نكتة شائعة في أعقاب ظهور الموضوع في وسائل الإعلام). واستمر الوضع مع تقرير أكثر ضررا من وسائل الإعلام في عام 2014 أظهر أن إحدى شركات توريد الدجاج من منطقة شنغهاي لمطاعم كي إف سي وغيره من سلاسل مطاعم الوجبات السريعة وهي تعيد تغليف اللحوم منتهية الصلاحية وتلصق عليها أغلفة بتواريخ جديدة. كانت تلك الفضائح نعمة للمطاعم المحلية التي تجادل الآن إنها ليست أسوأ المطاعم الأجنبية، بل وربما تكون أفضل منها. وبطبيعة الحال، شركات الوجبات السريعة ليست وحدها التي تواجه هذه المشاكل. العلامات التجارية الاستهلاكية الأجنبية تفقد حصتها السوقية أمام الشركات المنافسة المحلية في مختلف أرجاء الصين، وفقا لدراسة صدرت في يونيو عن شركة كانتار ويرلد بانيل وشركة بين. هذا الاتجاه العام قوي بصورة خاصة في المدن الصينية الصغيرة حيث مستوى الدخول منخفض وحيث العلامات التجارية المشهورة - باستثناء كيه إف سي وبيتزا هت - ليست تنافسية في المناطق النائية. والتحدي أمام شركة يام ليس بالهين. ربما تحتاج الشركة إلى التفكر في موقف شركات الوجبات السريعة الأمريكية مثل: تشيبوتل ونودلز، التي كانت الرائدة في "الوجبات السريعة الراقية"، والتي لم تذهب إلى الصين. في الوقت نفسه، ينبغي على كيه إف سي وغيرها من العلامات التجارية الغربية أن تتكيف مع وضع جديد تكون فيه المنافسة في الصين أقوى من قبل، وحيث يكون المستهلكون أكثر وعيا الآن، والنمو سيكون بطيئا بالتأكيد.