كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن عدة برامج تم اعتمادها في البنوك من أجل تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة. خاصة وان ما نسبته 76% من اقتصاديات البلد تقوم على المنشآت الصغيرة والمتوسطة. و24% هي منشآت كبيرة جدا. والنسبة والتناسب ليست متوازية حتى وان كان الطرف الأكثر هو الصغيرة والمتوسطة، ولكن لا تؤخذ بعين التمحيص وتذليل المعوقات في طريقها. ومن البرامج المعتمدة برنامج كفالة الذي تعمل به جميع البنوك السعودية، ولكن المفارقة هي بون شاسع بين الشروط في تنافسية على الأكثر تعجيزا. فعندما يتقدم المواطن لطلب الدعم من برنامج كفالة ليحيي منشأته والتي لم يقدم على طلب الدعم إلا أن المردود متراجع، وطبعا الأسباب كثيرة، خاصة عندما يتراجع مؤشر الربح في هذه المنشآت والأسباب كثيرة وقد لا تكون سوء إدارة أو فشلا في الفكرة ذاتها بقدر ما قد تكون جهات حكومية معينة هي السبب. على سبيل المثال فقط وزارة العمل وطريقتها التعسفية في التعامل مع هذه الفئة من المنشآت من رفض إعطاء تأشيرات بالعدد الذي يخدم المنشأة، أو عدم تحديث برنامج الوزارة مما يعيق صاحب العمل عن انجاز عمله من خلال الموقع، فيما يبدو خرجت عن نطاق الموضوع الأصلي وهو برنامج كفالة. المهم يعطى من البنك ما لا يقل عن 12 صفحة كلها اشتراطات، وفي الغالب تكون اللغة فيها محاسبة وبنكية بحتة قد لا يفهمها مباشرة، وهذا من أسباب الإيقاع بالمواطن. ومن أساسيات الشروط القوائم المالية لثلاث سنوات متتالية، ومن حقهم الاطمئنان أن المنشأة لديها دخل حتى وإن كان منخفضا. طبعا عدا الأوراق الأخرى مثل قائمة بمحتوى المنشأة وعدد الموظفين وعقد ايجار الموقع والسجل التجاري والإثبات الشخصي. وطبعا هذه الأساسية وتحت كل بند عشرات التفرعات إلى درجة الشعور بأنك تقرأ في طلاسم وليس في شروط. ويتيقن صاحب المنشأة عدم اكتراث هذه البنوك بخدمته واستغلاله بكافة الطرق إما أن يرضخ لها أو أن يرفضوها لأنها لا تخدمهم على أرض الواقع بل تخدم مصالح البنوك فقط ولكن أمام الرأي العام ينتمون لصورة من قدموا الخير للوطن ولأبنائه والاقتصاد الوطني والقائمة تطول ويتسع مداها. ومن المفارقات العجيبة في الاشتراطات التعجيزية، وأولا دعوني اتفق مع القارئ أن البنوك فئتان بنوك سعودية أجنبية وبنوك سعودية تماما، فمن البنوك السعودية الأجنبية بنك يقول مدير التمويل في فرعه ان التمويل لا يكون إلا للمنشأة التي لا يقل ربحها السنوي عن 30 مليون ريال ؟؟؟ 30 مليون ربح سنوي، أولا لا يصنف من المنشآت الصغيرة والمتوسطة وإنما من الكبيرة، إلا إذا كانت النظرية الاقتصادية لهذا الشخص ان الربح السنوي بالملايين هو فئة صغيرة وعشرات الملايين متوسطة ومئات كبرى!! وبنك آخر سعودي بحت يقول مسؤول التمويل إن البنك لا يمول لا فوق 2 مليون، مع ان الكثير من هذه الشريحة احتياجها لا يتجاوز مئات الألوف. ومدير تمويل آخر له نظرة غريبة في الموافقة على التمويل خاصة إذا كان الطلب نسائيا. ينظر إلى جمال الشكل ووقع الاسم ومن بعد ذلك كم حصته من المبلغ. في نهاية المطاف اختلفت الطرق والنتيجة واحدة وهي الوجاهة الإعلامية للبنوك على أكتاف منشآت صغيرة، والغريب جدا أن كفالة ذهب إلى رجال أعمال كبار، والتمويل يصل إلى المليار، أليس هذا قلبا للموازين؟ ثم تخرج هذه البنوك ان برنامج كفالة قام بتمويل مقداره وإجمالي تمويل من البنوك بلغ 10.65 مليار ريال استفاد منه عدد 5.579 منشأة في المملكة، لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وهذا الرقم الذي صرح به المسؤول، وادعم كلامي أعلاه إليكم 10,000,000,000 هاذي عشرة مليارات ريال تقسم على 5579 منشأة صغيرة ومتوسطة = 1,792,435,9204158 يعني نصيب المنشأة الصغيرة أو المتوسطة مئة مليون وأكثر بكثير، وهذا ما قاله مدير التمويل في البنك السعودي الأجنبي وبس.