متى كان هذا الفتى مغرما بالغناء؟ وكنا نرى الصمت خيلا على صدره والعيون صغير على الوجد.. قالوا وقالوا: سبته العيون التي أسرفت في الجنون يقولون: غنّى على قبر ليلى وحيدا وقالوا: غريبا سقته المنافي صنوف الحنين وقال الرواة الذين امتطوا صهوة الريح قلب حزين مريد يسوق الضياء اصطفته المواجيد قال: دعوا من دعته السماء اصطفته العصافير لحنا شهي الشجون يقولون: غنِّ فمن يا رفاق استباح الوطن؟ ومن شرّد الشمس في سكّة الراحلين؟ ونيل النجاشي في ذروة الصمت غاف فمن يحتفي بالبنات اللواتي اشتهين الصباح؟ ودلتا الشماليّ حبلى بماض يزف الخرافة تغنّي؟ فمن يحبس اللحن عنّا وينفي اعترافه؟ فقل لي: لماذا؟ وهل علّمتك النساء الحزينات سفر الدموع؟ يقولون: رتّل على قبرها كل فجر وريدا ووردا وورد الرجوع فهل تكتفي من...؟ وتأوي إلى رجفة القلب أم خلف دمع تتوه البلاد التي سافرت في السراب؟ نعم متعَب يا صحاب دمي ليس خلّي إذا الليل جاء عنيد يعيد التفاصيل يرمي بنار الوفاء لماذا دمي خان دمعي؟ وأزرى بورد السكون ؟ قرأت التعاويذ سبعا لكي أستريح نسيّا أردت الدماء التي أرّقتني فبالله قولي لعينيك رفقا بهذا الغريب وقولي إذا ما انتويت الرحيل: انتبه لكي ما أغنّي وحيدا على جرحنا أو أموت فقولي وقولي: هو المبتلى بالحنين فيا رب نورا على روحه والسلام لعلّي إذا ما الدعاء استجيب استقال الوجع فأمضي إلى أغنيات الغريب وأعتاد لحن البلاد التي خبأتني بنيل حزين أغني نعم سيدي في دروب الأنين أغني على صهوة الريح لحنا كسته البلاد النخيل فغنّوا معي يا رفاق وقولوا: سلام على المبتلى بالحنين سلام على كل قلب حزين