عبدالله الجبلي استمرت التذبذبات الأفقية على سوق الأسهم السعودية للأسبوع الثالث على التوالي، فقد أنهى المؤشر العام تداولات الأسبوع الماضي على تراجع بمقدار 248 نقطة، أي بنسبة 3.2% وكان لتأثير المسار الهابط الرئيسي دور كبير في عدم تحقيق المؤشر العام لأي قمة جديدة في ظل استمرار حالة التشاؤم على تحركات المستثمرين، هذا بالإضافة إلى موضوع رفع الفائدة على الدولار الأمريكي، والذي تم تأجيل النظر فيه إلى شهر أكتوبر المقبل؛ نظراً لعدم ظهور أية أرقام مشجعة على الاقتصاد الأمريكي تساعد البنك الفيدرالي على إقرار رفع الفائدة، ولتجنب حصول أي ردة فعل سلبية تجاه ذلك القرار من داخل الاقتصاد الأمريكي أو من خارجه. أما من حيث السيولة المتداولة للأسبوع المنصرم، فقد بلغت حوالي 24.3 مليار ريال مقارنةً بنحو 27.6 مليار ريال للأسبوع الذي قبله، وهذا التراجع في السيولة يعطي انطباعاً بأن الموجة الارتدادية الصاعدة لم تنته بعد، بل ربما تكمل طريقها نحو مشارف 8,000 نقطة هذا الأسبوع، لكن ذلك الأمر مرهون بالبقاء فوق مستويات 7,300 نقطة، وهو أمر ممكن الحدوث إن لم تحدث أية مفاجآت تعكّر صفو الأجواء الاقتصادية للسوق. وفي جميع الأحوال، فإن هناك أصواتاً بدأت بالظهور تنادي بجاذبية أسعار العديد من الشركات من الناحية المالية، وأنها من الفرص النادرة التي لا تتكرر إلا كل عدة أعوام. وفي رأيي إن هذا الكلام صحيح، لكن الوضع العام للأسواق العالمية غير مطمئن، ولا يمكن معه أن نجزم بمثل تلك النداءات؛ لأنه لا يمكن اتخاذ أي قرار استثماري في أي سوق من أسواق العالم في حالة عدم الاستقرار كالتي نعيشها هذه الأيام، لكن في نفس الوقت لا مانع من البدء في مراقبة مجموعة من الشركات ذات القيمة المالية، وذلك للبدء في بناء مراكز استثمارية وعلى دفعات عند أسعار معينة، وهذا بالفعل ما يقوم به العديد من المحللين والاستشاريين وبيوت الخبرة هذه الأيام. التحليل الفني من خلال النظر إلى الرسم البياني للمؤشر العام للسوق، أجد أنه لا يزال في مراحل الموجة الارتدادية الصاعدة، والتي هي في الأصل ضمن المسار الهابط الرئيسي، ودليل انتهاء ذلك الارتداد هو كسر دعم 7,300 نقطة، والبقاء دونه لأكثر من يومين، حينها استطيع القول إن المسار الهابط تم استئنافه ليتجه نحو مستوى 6,700 نقطة تقريباً. أما العودة فوق مستوى 7,600 نقطة فتعني أن الارتداد لا يزال قائما، وأنه من الممكن أن نرى مستوى 8,000 نقطة من جديد، لكن ذلك يحتاج إلى سيولة أكبر من التي رأيناها خلال الأسبوع المنصرم، وهذا يتطلب ارتفاع وتيرة الشراء أكثر من مستويات الأسابيع الثلاثة الماضية، وهذا في اعتقادي أمر صعب هذه الأيام. أما من حيث القطاعات، فأجد أن قطاع المصارف والخدمات المالية لا يزال متماسكاً فوق دعم 16,750 نقطة، وهذا يوحي بأن الارتداد ما زال قائماً حتى مشارف 18,000 نقطة كمرحلة أولى، أما عند كسر ذلك الدعم فيعني أن الارتداد قد انتهى وأن المسار الهابط سيعاود مساره مجدداً. وفي نفس السياق يسير قطاع الصناعات البتروكيماوية، فبعد أن فقد مستوى 5,300 نقطة من أسبوعين وهو يحاول المرة تلو الأخرى العودة فوق هذا المستوى، لكنه يفشل في ذلك، وهذا بلا شك أمر سلبي ويجعل المسار يسير باتجاه الهبوط، وان الدخول في موجة ارتدادية صاعدة مرهون بالعودة فوق ذلك المستوى المذكور آنفاً. أما من حيث القطاعات الإيجابية لهذا الأسبوع، فهي قطاعات التجزئة والطاقة والاتصالات. في المقابل، أجد أن القطاعات ذات الأداء السلبي المتوقع لهذا الأسبوع هي قطاعات الاسمنت والزراعة والتأمين والاستثمار المتعدد والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والتطوير العقاري والنقل والاعلام والفنادق والسياحة. أسواق السلع الدولية واصل خام برنت سلسلة تذبذباته للأسبوع الثالث على التوالي، لكن ضمن المسار الهابط، فحتى اليوم لم يتمكن الخام من تسجيل قمة أعلى من مستوى 70 دولارا منذ أن فقدها في أبريل الماضي، وهذا يوحي بقوة المسار الهابط بسبب استمرار حالة الإغراق التي يشهدها السوق النفطي، والتي تسببت في فقدانه لأكثر من 50% من قيمته السوقية. لكن يبدو أن هناك ضوءا في آخر النفق، فقد أعلنت روسيا أنها ستتجه لخفض إنتاجها من النفط الخام إذا استمرت الأسعار على هذا النحو، وهذا بالفعل ما تريده دول منظمة أوبك وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، فالدول التي هي خارج المنظمة وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا استقطعت من حصة أوبك السوقية أكثر من 10% خلال السنوات العشر الماضية، حتى أحست المنظمة مؤخراً بالتهديد، لذا عمدت المنظمة إلى الضغط على اقتصاداتها والعمل بمقترح المملكة في رفع الإنتاج بهدف خفض الأسعار حتى يعيدوا حصتهم المفقودة ويعود القرار الاقتصادي في هذا المجال لهم. فنياً، فإن خام برنت يجب أن يحافظ على مستوى 42 دولارا للبرميل، حتى لا يتسارع الهبوط من جديد كما حدث خلال الشهرين الماضيين. أما اختراق مقاومة 54 دولارا فيعني أن الارتداد الصاعد ما زال قائماً حتى مشارف 60 دولارا للبرميل. أيضاً فإن خام نايمكس لابد أن يحافظ على مستوى 43 دولارا حتى لا يتراجع دون مستوى الأربعينات، في المقابل فإن اختراق مقاومة 49 دولارا تعني التوجه حتى مقاومة 53 دولارا للبرميل. من جهة أخرى، فإن أسعار الذهب ما زالت متماسكة فوق مستوى 1,080 دولار، وهذا أمر جيد لكن حتى يتأكد دخوله في المسار الإيجابي لابد من اختراق مقاومة 1,150 دولار للأوقية، وقد يحدث ذلك إذا دخل الدولار الأمريكي في مرحلة تصحيح كما هو متوقع. أسواق الأسهم العالمية كان معظم المحللين يتوقعون أن الأسواق العالمية سيكون لها ردة فعل إيجابية بعد قرار البنك الفيدرالي الأمريكي عدم رفع الفائدة على الدولار وتأجيل النظر في ذلك حتى الشهر القادم، لكن ما حصل أن الأسواق هبطت خاصةً الأسواق الأمريكية والتي هي المعنية بشكل مباشر من هذا القرار، وهذا التصرّف في نظري بسبب دخول الأسواق الأمريكية في موجة هابطة رئيسية ووطأة ذلك المسار كانت أكثر قوة من قرار البنك الفيدرالي الأمريكي، وخاصةً أن موضوع الفائدة سيُنظر فيه في موعد قريب يعني أن هذه الفزّاعة لا تزال في نظر المستثمرين قائمة. أما من حيث النظرة الفنية، فإن مؤشر داو جونز الأمريكي لم يتمكن الأسبوع الماضي من تجاوز المقاومة الأهم هذه الفترة وهي 17,000 نقطة، رغم قرار الفائدة السابق الذكر وكان كفيلاً بذلك، إلا أن سلبية المسار الهابط كانت هي المسيطر في نهاية المطاف، وهذا يوضح أن الأمور تسير بمنحنى سلبي على المؤشر حتى ما دون مستوى 16,000 نقطة والذي كسره بالفعل خلال الأسبوع الأخير من الشهر الماضي لكنه لم يغلق دونه. أما مؤشر داكس الألماني، فرغم السلبية الكبيرة التي اجتاحته إلا أنه تمكن من الثبات فوق مستوى 9,500 نقطة حتى الآن، وهذا يوحي بموجة ارتدادية صاعدة على السوق الألماني، لكن الحذر من كسر ذلك الأخير لأنه يعني أن وطأة السلبية والتسارع في الهبوط ستزداد وهذا في نظري لن يكون إلا بمؤثر اقتصادي كبير كأزمة جديدة تطرأ على ديون اليونان مثلاً، لأن ألمانيا هي أكبر دائن للاقتصاد اليوناني.