كل المناشدات العربية والدولية لوقف إراقة الدماء في سوريا لم تلقَ آذانًا صاغية من قبل النظام السوري ورئيسه بشار الأسد وآخرها مناشدة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بوقف قتل الشعب السوري، مما يؤكد على حقيقة أن النظام يسعى إلى كسب الوقت لتشديد قبضته الأمنية. لعل بعثة المراقبين العرب للجامعة العربية خلصت في تجربتها إلى أن النظام يتلاعب بها وبالمعلومات التي يوصلها، لذلك رأينا هذا التغيّر المفاجئ في تصريحات المراقبين واعترافهم بأن تعاون النظام معهم في أدنى الحدود، وهو ما يؤشر إلى انتقال الملف السوري لمجلس الأمن والاستنجاد بالمجتمع الدولي لحماية الشعب وإيقاف آلة القتل، وحين ينتقل الملف إلى مجلس الأمن، فهناك سيناريوهات عديدة منها على الأقل إنشاء منطقة عازلة لحماية المدنيين، وكذلك دعم الجيش السوري الحُر في مواصلة مقاومته بعد أن شهدنا انشقاقات كثيرة في الجنود والضباط وآخرها لواء في الاستخبارات العسكرية، ولجوؤه إلى تركيا وتصريحاته المثيرة برغبة الآلاف من الرتب العسكرية في التمرُّد ومقاومة النظام.. هذا السيناريو أقل الاحتمالات إذا لم يتخذ المجلس قرارات بفرض حظر جوي وبحري على سوريا لمنع النظام من استخدام الأجواء في الإبادة وهو احتمال وخيار جدّي سيصل إليه المجتمع الدولي لفرض محاصرة النظام وشلّ قدراته العسكرية والتنفيذية وإعطاء حرية للشعب السوري في تغيير النظام سلميًّا. أما الاحتمال والسيناريو الأكثر صعوبة فهو صدور قرار من مجلس الأمن بالتدخّل العسكري، وإذا حصل ذلك فعندها سوف يتم على شاكلة ما حدث في ليبيا وهو ما تتجنبه العديد من الدول وفي مقدّمتها روسيا التي وقفت حتى هذه اللحظة بجانب النظام السوري بحُجج عدم استفراد أمريكا وأوروبا بالقرار الدولي مع احتمال أن تغيّر روسيا موقفها إذا وصلت إلى قناعة بأن بقاء بشار الأسد لن يخدمها على المدى الطويل خصوصًا أن قوى التغيير في سوريا مهمتها الأساسية تغيير النظام بغض النظر عن تفاوت الموازين الإقليمية والدولية. ما ينتظر سوريا يبقى أكثر ظلامًا في ظل تعنّت رئيسه وإصراره على القتل اليومي للمدنيين وقمع المظاهرات السلمية وعدم قناعته بتقديم تنازلات جوهرية تمسّ نظام الحكم، يتمكّن معها الشعب السوري من اختيار نظامه السياسي بإرادة شعبية. كل الآمال تبخّرت ولم يبق إلا انتظار ما تحمله التغيّرات الإقليمية والدولية وتقديراتها للموقف السوري في قادم الأيام وهو المجهول الذي يتردد عنده بعض القوى السياسية الدولية والإقليمية.