تشتهر منطقة نجران منذ فجر التاريخ بكونها إقليمًا زراعيًا متعدد الجغرافيا والتربة، وظلت طوال العصور سلة غذائية متنوعة المحاصيل، ومُصدّرًا مهمًا للعديد من الأقاليم والمدن بوصفها تُنتج أصنافًا كثيرة من الثروة الزراعية تتميز بجودتها العالية؛ وذلك يعود لخصوبة تربتها، واعتدال مناخها، وتوفر المياه فيها، سواءً المياه السطحية، أو المياه الجوفية، مما جعلها تستمر في تميزها الزراعي حتى يومنا هذا. ويعد العنب من المحاصيل النجرانية المعروفة بجودتها ووفرتها وتنوعها جنبًا إلى أنواع الحمضيات، والتمر، والخضراوات، والقمح، وغيرها، حيث استطاعت منطقة نجران ومحافظاتها الزراعية مثل «حبونا، وبدر الجنوب، وخباش» أن تؤمّن اكتفاءها الذاتي فيما يخص هذه المحاصيل، وأن تصدّر منه إلى مدن المملكة، خصوصًا المدن السياحية التي لا تنتج بعض هذه الأنواع. وخلال جولة في بعض المواقع الزراعية بالمنطقة، وجدت بساتين العنب متوزعة على ضفاف وادي نجران، الذي يوفر لها المياه عبر «سد وادي نجران» الذي يعد من أكبر سدود المملكة من حيث الحجم والسعة التخزينية حيث يبلغ ارتفاعه 73 مترًا وطوله 274 مترًا، وتتكاثر بساتين ومزارع العنب في المنطقة، في «الحَضَن»، و«زور وادعة»، و«الجُربة»، كما يتواجد في محافظتي بدر الجنوب، وحبونا. وأوضح المزارع حسين الوايلي أنه يمتلك مزرعة كان جده وأبوه يزرعان فيها العنب سنويًا، وما يزال مستمرًا على نفس المنوال، مشيرًا إلى أنواع العنب في نجران هي نوعان: «الأسود» أو السوادي، و «الأبيض» أو البياضي، وتشتهر عن غيرها من منتوجات المدن الأخرى، بحلاوة مذاقها، وبحجمها الأكبر، وبطراوتها، وهذا ما يجعل الطلب على عنب نجران خارجها مستمرًا خلال موسمه الذي يوازي فيه موسم التمر، وهو فصل الصيف. وبيّن الوايلي أن موسم الإنتاج هذا العام بدأ قبل بداية شهر رمضان المبارك بعدة أيام، وما زال حتى الآن يغذي الأسواق بشكل يومي من مزارع العنب وبساتينه المتعددة. وعن طريقة زراعة العنب أكد أن زراعته لا تشبه ما تعارف عليه الناس في بذر النباتات والأشجار، فالعنب يُزرع عن طريق أخذ غصن من شجرة العنب، وغرس رأسيه في الأرض، بشكل متقابل، ومن ثم تبدأ عملية العناية به بوضع السماد الطبيعي، ومواصلة ريّه بالماء، حتى تظهر الشجرة من أحد الطرفين المغروسين، وأحيانًا تظهر من كلا الطرفين كشجرتين، وبعد الاستمرار في سقايته، تتميز شجرة العنب بامتدادها، واستطالتها بشكل متسارع، مما يجعل المزارع يضعها على امتداد مجموعة من الأعمدة اليابسة التي تؤخذ عادة من شجر «الحمض» أو من الأشجار غير المثمرة، حيث يصل طول بعض شجر العنب إلى أكثر من 15 مترًا، تمتد بشكل أفقي على الأعمدة ليكون البستان بهذه الطريقة ما يسمى في نجران «عرائش العنب»، وهي الطريقة التقليدية القديمة في المنطقة التي ما زال المزارعون في نجران يستخدمونها رغم تطور المعدات والركائز البلاستيكية أو المعدنية، لما لها من شكل جميل وبديع للبستان، وللاستفادة أيضًا من تنظيف المزرعة من الأشجار النابتة بشكل عشوائي أو ذات الأغصان الكبيرة والمائلة التي تحتاج إلى تجميل وتقليم. وأضاف الوايلي إن المزارع يواصل عنايته الفائقة بشجر العنب وتنظيف جذوعه وسواقيه حتى موعد خروج الثمار، ثم نضجها، ثم حصادها بطريقة هادئة وخاصة، تضمن أخذ العناقيد كاملة دون تشويه الأشجار، ومن ثم تعبئتها في الصناديق الكرتونية وتوزيعها على محلات الخضار والفواكه المنتشرة في شوارع وأحياء المنطقة. وفي لقاء آخر مع حسين المعلاق، وهو صاحب أحد محلات بيع الفواكه والخضراوات الشهيرة في منطقة نجران، أوضح أن العنب النجراني من الطلبات اليومية للزبائن، لما له من حلاوة معروفة، ولما لتناول العنب من فائدة في فصل الصيف، خصوصًا مع ارتفاع درجات الحرارة، مشيرًا إلى أن بعض الطلبات الكبيرة قد تأتي من خارج المنطقة بشكل شبه أسبوعي، أو أن يقوم بعض الأهالي بشرائها وإرسالها خارج المنطقة على شكل هدايا. تتميز أنواع العنب بحلاوة مذاقها وبحجمها الأكبر