دعا سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المسلمين إلى تأمل وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطبيقها على واقعهم، حتى يزدادوا خيراً في دنياهم وآخرتهم، مؤكداً أن سنة الله في خلقه اختلاف ظروفهم وأخلاقهم وأرزاقهم وعقولهم وأفكارهم، وتلك حكمة منه سبحانه وتعالى، يختبر فيها صبر عباده وطريقة تعاملهم مع ظروفهم للفوز بجنةٍ عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. وأضاف قائلاً: إن ذلك المنتحر -الذي فسد عقله وزاغ قلبه- لم يبالِ بحياته، فضحى بها وبحياة غيره، وجميعها أنفس حرم الله قتلها، أو الاعتداء عليها، فيتّم بذلك أطفالاً، وأشقى آباء، في سبيل الشيطان الذي سلمه عقله فأفسده وغيره، فبات والعياذ بالله منقاداً للضلالات والغوايات، دون تفكير أو تدبر. وأبان سماحته في خطبة الجمعة من جامع الامام تركي بن عبدالله أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام قدم لكل مسلم الحل والطريقة الضامنة للتعامل مع هذه الظروف والفوز بالجنة، عندما نصح صلى الله عليه وسلم المسلمين بقوله: "انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعم الله عليكم"، مشدداً على ضرورة العودة إلى سنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم دائماً، للبحث عن النصائح المعينة على تجاوز العقبات والتحديات التي تقابل المسلم طوال حياته، فهو رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى، وهو سيد الخلق وأرحم الخلق بالخلق وأشفق الخلق على أمته، وإرشادهم إلى ما ينفعهم وتحذيرهم مما يضرهم. وقال سماحته: أوصانا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بأن ننظر إلى من هو دوننا وأن نستديم النظر لما دوننا، فإذا نظرنا إلى من تحتنا وإلى من فضلنا الله عليه، أقنعنا ذلك، وأما إذا نظرنا إلى من فوقنا، وركزنا تفكرنا في هذا الجانب، فسوف يؤدي بنا ذلك إلى السخط على نعم الله وعدم القيام بشكرها. وتابع قائلاً: أيها المسلم إذا فكرت في مجتمعك وأمعنت النظر إليه، سترى من هو دونك نسباً ومالاً وعقلاً، ودونك في مختلف النعم، عند ذلك ستعرف عظيم نعمة الله عليك، وتعلم أن كثيراً من الخلق طموحهم الوصول إلى مثل ما أنت عليه، مؤكداً أن ذلك سيزيد المسلم شكراً لله وحمداً له جل وعلا، الذي أنعم عليه وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا. ونوه سماحة مفتي عام المملكة بوجوب شكر الله جل جلاله على نعمة كمال العقل، التي تمنح صاحبها الرأي السديد والقلب الصالح، والعقل النير، الذي يبصر به الحق والباطل، مبيناً أن من حرمها حرم خيراً كبيراً، مستشهداً سماحته ببعض ممارسات من خسروا نعمة كمال العقل، ممن ضحوا بأنفسهم في عملياتٍ انتحارية، فجنوا على أنفسهم وعلى غيرهم. وأوصى مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء المسلمين بالتفكر والتدبر في أحوال خلق الله الذين يعاني بعضهم من أمراضٍ أرهقتهم بآلامها، وعناء البحث عن علاجٍ لها في كل مكان، أو أولئك الخلق الذين ابتلوا باتباع الهوى والنفس فقصر في واجباته تجاه ربه، أو غش في معاملاته، أو خدع وقهر، أو ظلم وجار، أو دلّس وكذب. وطالب سماحته المسلمين بالمداومة على شكر النعم، والإلحاح في الثناء على الله جل وعلا، ولفت إلى أن أهم النعم هي نعمة الإسلام والأمن والأمان والاستقرار ورغد العيش، التي من خلالها يستطيع المسلم الفرح والاستمتاع والاستفادة بسائر نعم الله سبحانه وتعالى التي أنعم بها عليه، لذا وجب شكرها والإلحاح على حمد الله الكريم ذي الفضل العظيم عليها، وقال تعالى: "أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ".