بعد التراجعات الكبيرة لأسواق النفط واصل سوق الأسهم السعودية سلسلة تراجعاته لكن بوتيرة أكبر هذه المرة، حيث بلغت الخسائر للأسبوع الماضي حوالي 444 نقطة أي بنسبة 4.8% ولم يُمن المؤشر العام بمثل هذه الخسائر منذ حوالي 5 أشهر، لكن يبدو أن القلق من استمرار نزيف أسعار النفط سيؤثر سلباً على أداء القطاعات المدرجة خاصةً قطاع الصناعات البتروكيماوية والذي حقق بالفعل تراجعات فصلية في الأرباح بنحو 31% وهذا انعكس سلباً على أسعار الشركات البتروكيماوية. أما من حيث السيولة فقد شهدت خلال الأسبوع المنصرم تراجعاً رغم الهبوط السعري على المؤشر العام، حيث بلغت السيولة المتداولة حوالي 20.50 مليار ريال مقارنةً بنحو 21.2 مليار ريال للأسبوع الذي قبله، وهذا التراجع في السيولة يشير إلى أن عمليات البيوع ليست كبيرة على السوق رغم أنه تم كسر مهم جداً هو 9،000 نقطة والتي صمدت لأكثر من 4 أشهر قبل أن يتم كسرها خلال الأسبوع الماضي، لكن يبدو أنه رغم ضعف البيوع إلا أنه لم تكن هناك عمليات شراء كافية لتجعل الدعم الآنف الذكر أكثر صموداً. التحليل الفني بالنظر إلى الرسم البياني للمؤشر العام لسوق الأسهم السعودية أجد أن عمليات الكسر لدعوم 9،000 - 8،800 نقطة أكدت أن المسار الهابط ما زال مستمراً حتى دعوم 8،550 - 8،250 نقطة والتي إن استمر سلوك الإحجام عن الشراء الحالي ربما يتم كسرهما، لكن لا أتوقع شخصياً أن يتم كسر الدعم الأخير على الأقل نظراً لوصول الأسعار إلى مناطق مغرية ربما تدفع المتداولين إلى الشراء ولو على دفعات. أما المسار الإيجابي للسوق فلن يبدأ قبل العودة فوق مستوى 9،000 على الأقل عندها ستبدأ ملامح الإيجابية تظهر على أداء السوق لكن ذلك لا بد أن يترافق مع سيولة متداولة تتخطى حاجز 7 مليارات ريال على الأقل حتى يتم التأكد من وجود عمليات شراء حقيقية وأن السوق مقدم على مسار صاعد مؤكد. أما من حيث القطاعات فأجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية لا زال المسار الهابط عليه قويا ومتماسكا، ولا تظهر حتى الآن أية إشارات تدل على انتهاء ذلك المسار لكن ربما تظهر تلك الإشارات إذا ما تم احترام الدعم الأهم هذا الأسبوع عند 5،500 نقطة، لكن لو تم كسر هذا الأخير فإنه من المؤكد أن يتم القطاع نحو هدف القناة المكسورة عند 4،600 نقطة. أيضاً فإن قطاع المصارف والخدمات المالية قد أغلق نهاية الأسبوع المنصرم دون مستوى 19،500 نقطة، وهذا بلا شك يزيد من احتمالية استمرار المسار الهابط الحالي والذي قد يدفع بالقطاع إلى مستويات 18،600 نقطة كمرحلة أولى في مشواره نحو الهبوط لكن هل يكتفي بذلك؟؟ السلوك الذي يلي الوصول إلى تلك المنطقة هو من يحدد ذلك. لكن من ناحية أخرى فإن العودة فوق مستوى 19،500 نقطة سيعود بالقطاع إلى الإيجابية وهو ما سينعكس إيجاباً على أداء شركاته وعلى السوق بشكل عام. أما القطاعات المتوقع إيجابيتها لهذا الأسبوع فهي قطاعات الطاقة والزراعة والتأمين. في المقابل فإن القطاعات المتوقع أن يكون أداؤها سلبياً فهي قطاعات الاسمنت والتجزئة والاتصالات والاستثمار المتعدد والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والتطوير العقاري والنقل والاعلام والفنادق والسياحة. أسواق السلع الدولية لا يزال خام برنت يواصل سلسلة تراجعاته الأسبوعية مما يوحي بأن الخام لم يصل حتى الآن إلى منطقة ارتداد، وذلك منذ أن فقد مستويات 58 دولارا ويبدو أن مستوى 47.68 دولار والذي ارتد منه شهر يناير الماضي لن يوقف هذا المسار الهبوطي الحاد مما يجعل الخام مهددا بفقدان مستويات الأربعينات أيضاً، وربما حينها ستتدخل دول أوبك للحد من هذا التراجع في الأسعار والذي يعني ضغوطا كبيرة ستواجهها ميزانيات تلك الدول. فنياً فإن المحافظة على منطقة 47-46 دولارا للبرميل يعني أن حدة الهبوط ستخف وربما تدخل الأسعار في مرحلة الاستقرار. أيضاً فإن خام نايمكس هو الآخر يواجه نفس الضغوط التي يواجهها سابقه وستزداد في نظري تلك الضغوط إذا ما تم فقدان مستوى 43 دولارا للبرميل وهو ما سيقود الأسعار لما دون 40 دولارا بالتأكيد، وقد اتضحت الآثار السلبية لتراجعات الخام على القطاع النفطي الأمريكي والذي بدأ بالفعل في تسريح العديد من الموظفين بالإضافة إلى انهيار أسعار كبريات الشركات النفطية في الولاياتالمتحدةالأمريكية مثل شركة هاليبورتون والتي تراجع سعر سهمها من سعر 50 دولارا وحتى 39 دولارا حتى اليوم. أما أسعار الذهب فقد خسرت مستوى 1،100 دولار للأوقية وأغلق دون ذلك للأسبوع الثالث على التوالي، والإغلاق دون هذا المستوى فنياً يعني أن المعدن النفيس مهدد بفقدان مستوى 1،000 دولار في وقت قياسي نظراً لحدة الهبوط السابق وفقدانه لأهم دعم خلال المرحلة الحالية ليبقى له آخر مستوى قد يرتد من عنده وهو 970 دولارا للأوقية. أسواق الأسهم العالمية رغم سلسلة الصعود التي اجتاحت مؤشر داكس الألماني إلا أنه لم يتمكن من اختراق مقاومة 11،700 نقطة وهو أهم مقاومة له خلال الفترة الراهنة، وهذا يعني أن السوق الألماني مهدد بالهبوط حتى مشارف 11،000 نقطة، لكن حتى لو حدث ذلك الأمر فإن ذلك التراجع يُعتبر مقبولا وصحيا في نفس الوقت لأجل أن يبني المؤشر قاعدة سعرية جديدة تمكنه من اختراق المقاومة التي ارتد من عندها لكن لو تم كسر مستوى 11،000 نقطة فإن ذلك يعني أن هناك موجة هبوط حادة ستأخذ المؤشر الألماني حتى منطقة 10،300 نقطة كمرحلة أولى. أما مؤشر الفوتسي البريطاني فما زال محافظاً على دعم 6،500 نقطة وهذا ما يجعل أسعار الشركات القيادية المدرجة متماسكة حتى الآن رغم استمرار المخاوف بشأن الأزمة اليونانية، في المقابل فإنه لا يمكن الجزم بإيجابية السوق إلا بتجاوز مقاومة 6،800 نقطة وهذا ما لم يتحقق حتى الآن وفي اعتقادي إن استمر مؤشر الدولار بالارتفاع فإنه سيؤثر سلباً على أداء أسواق الأسهم الأوروبية ومنها السوق البريطاني. من جهة أخرى أجد أن مؤشر نيكاي الياباني قد استعاد عافيته بعد أن لامس دعم 19،100 نقطة وارتد صعوداً ليصل إلى مشارف 20،700 نقطة، وكان الفضل في ذلك الأمر يعود لتعافي السوق الصيني والذي شهد انهياراً فقد السوق الصيني على إثره ما يربو على 30% من القيمة السعرية وقد استدعى ذلك تدخلاً حكومياً صينياً على جميع المستويات وذلك بهدف إعادة الثقة لسوق الأسهم الصيني، وقد كانت هناك مخاوف من أزمة اقتصادية في الصين ستتأثر منها جميع دول آسيا بشكل أكبر ومنها اليابان، أما من الناحية الفنية فإن استمرار مؤشر نيكاي فوق مستوى 20،500 نقطة يعني استمرار المسار الصاعد الحالي للسوق والذي قد يدفع به نحو مستويات 22،000 نقطة. أخيراً فإن تراجعات القطاع النفطي الأمريكي قد شكّل ضغطاً كبيراً على مؤشر داو جونز والذي فقد أحد أهم دعومه وهو مستوى 17،500 نقطة ليصل إلى منطقة 17،370 نقطة ويقترب بذلك من الدعم الأقوى 17،000 نقطة، وكسر هذا الأخير يعني توجه المؤشر نحو مستويات 15،700 نقطة وهذا بلا شك سيدفع بأسعار الشركات الثلاثين المدرجة في هذا السوق إلى الدخول في تصحيح سعري قد يكون قاسياً نوعاً ما، أما العودة فوق مستوى 17،500 نقطة ربما يعود بالمؤشر إلى الجانب الإيجابي من جديد.