أثار قانون حوكمة الشركات في اليابان، الذي تمّ تقديمه قبل شهر فقط، الآمال بأن ثقافة الشركات المتحجرة في الدولة يمكن أن تتطور أخيرًا.. وتؤكد فضيحة المحاسبة البالغة قيمتها 1.2 مليار دولار في شركة توشيبا، والتي أطاحت بالرئيس التنفيذي للشركة واثنين من أسلافه، مقدار الجهود الإضافية التي يجب أن تبذلها اليابان.. خصوصًا أن شركة توشيبا الموقرة استوفت واحدًا من الأحكام الرئيسية للقانون الجديد: إذ إنه منذ عام 2006 على الاقل أدخلت الشركة أربعة أشخاص من خارجها ليكونوا أعضاء خارجيين في مجلس الإدارة - ضعف العدد الذي تشجّعه الإصلاحات.. ولا تزال توشيبا واحدة من ال400 شركة المدرجة في مؤشر جديد لبورصة طوكيو بسبب عوائدها الأعلى على الأسهم ولحوكمتها القوية نسبيًا. ومع ذلك، وجد فريق خارجي أن الجهود «المتعمّدة» و«الممنهجة» تعمل على تضخيم أرقام الأرباح في شركة توشيبا على مدى أكثر من ست سنوات - نتيجة الضغط من الأعلى لتحقيق أهداف غير واقعية. وسوف يجد الغشاشون سبيلًا للغش في أي نظام، بالطبع.. لكن حالة شركة توشيبا تسلّط الضوء على العديد من المجالات التي يمكن أن يكون أداء اليابان من خلالها أفضل من حيث تبنّي إصلاحات لإدارة الشركات تكون أكثر صرامة. وببساطة إن إضافة المزيد من الأعضاء الخارجيين إلى مجالس الإدارة ليس أمرًا كافيًا. حيث إن تلك المناصب غالبًا ما تكون من نصيب البيروقراطيين المتقاعدين الذين لديهم خبرة قليلة جدًا في وضع أصابعهم على المشاكل المحتملة، وليس لديهم حافز يُذكر لطرح أسئلة صعبة أو محرجة.. تحتاج اليابان التأكد من أن أعضاء مجلس الإدارة قادرون على أن يكونوا بمثابة رقابة حقيقية على الإدارة، وربما في النهاية، مثل بورصة نيويورك، يتطلب أن تكون أغلبية الأعضاء في مجلس معيّن من المستقلين. لعل الأهم من ذلك هو أن اليابان تحتاج إلى التصدي لثقافة شركات هرمية يشعر فيها المرؤوسون بأنهم غير قادرين على مقاومة الضغط من الأعلى للتلاعب بالأرقام أو القيام بعمليات أخرى لخرق القواعد.. الأمر الذي يمكن أن يكون مفيدًا في هذا الخصوص هو إدخال بعض التغييرات الهيكلية. ويجب تفكيك الرابط المتين بين الأقدمية والأجر (وهو ترتيب يحصل فيه الموظفون على العلاوات والترقيات بحسب الأقدمية وليس بحسب الجدارة). وبالتالي لا تكون الطاعة المطلقة وطول مدة الخدمة هما الطرق الوحيدة لتحقيق النجاح الوظيفي. وفي حالة شركة توشيبا، يبدو أن المبلّغين عن المخالفات توجّهوا مباشرة إلى المنظمين ومعهم شكوكهم، تحت خطر تعرّضهم للطرد.. قد تساعد القواعد المماثلة لتلك الواردة في قانون دود-فرانك في الولاياتالمتحدة في حماية الموظفين من الانتقام إذا فعلوا نفس الشيء وتقدم لهم أيضًا نسبة مئوية من أي غرامات يتم فرضها في النهاية على الشركة بسبب المخالفات المرتكبة. ومن الجانب الآخر، ينبغي ألا يتم تشجيع تلك الممارسات طويلة المدى التي تسمح لكبار المسؤولين التنفيذيين بالبقاء بعد التقاعد في مناصب غير محددة بشكل واضح - وهو شيء ربما قد ساهم في الضغط الذي شعر به المرؤوسون في توشيبا. وينبغي أن يتم إرغام الشركات على تقديم تقارير تتعلق بالتعويضات التي يتم دفعها لمثل هؤلاء التنفيذيين وتبرير أدوارهم أمام حملة الأسهم (الذين هم المالكون الحقيقيون للشركة). وأخيرًا، في حين أن من المنطقي استخدام حوافز السوق لإنتاج أفضل سلوك للشركات، تحتاج اليابان إلى أن تتعامل بصرامة أكبر مع الشركات التي تتلكأ في تطبيق الإصلاحات. وفي الوقت الحاضر، تحتاج الشركات التي تختار عدم الامتثال للإصلاحات المقررة أن تفسّر لحملة الأسهم سبب ذلك. وتواصل شبكات مقتنيات الأسهم المتداخلة وثقافة الاستثمار السلبية بشكل تقليدي عزل العديد منهم عن أي رد فعل عنيف. حتى قبل النظر في جعل تلك التدابير إلزامية، يجب على المنظمين تبديد الانطباع بأن الشركات ذات الأسماء الكبيرة وكبار المسؤولين التنفيذيين هم بشكل عام في وضع آمن من العقوبات الشديدة. وفي الفضائح الماضية، غالبًا ما كان يتلقى الجناة أحكامًا بالسجن مع وقف التنفيذ أو تجنب المقاضاة كليًا. وفي حالة توشيبا، منح المنظمون الشركة وقتًا لإجراء التحقيقات الخاصة بها بدلًا من تعريض المديرين التنفيذيين للاستجواب. وربما يمكن دفع العديد من كبرى الشركات اليابانية للقيام بالشيء الصحيح.. أما الشركات الأخرى فربما تتطلب تشجيعًا أكثر قوة.