استقال وزير المالية اليوناني اليوم الاثنين مزيلا بذلك عقبة كبيرة أمام أي اتفاق يمكن التوصل إليه في اللحظات الأخيرة لإبقاء اليونان في منطقة اليورو بعدما صوت اليونانيون بأغلبية كبيرة ضد الشروط التقشفية التي تضمنتها خطة الإنقاذ المالي التي قدمها دائنوها. وكان يانيس فاروفاكيس الذي يطرح نفسه كاقتصادي ماركسي والذي أثار حفيظة الشركاء في منطقة اليورو بأسلوبه غير التقليدي ومحاضراته المتغطرسة دعا إلى التصويت بالرفض في استفتاء الأحد متهما مقرضي اليونان بالإرهاب. وقال فاروفاكيس في بيان "علمت بوجود رغبة محددة لدى بعض المشاركين في مجموعة اليورو وعدد من الشركاء بألا أحضر اجتماعات المجموعة وهي فكرة يرى رئيس الوزراء أنه قد يكون من شأنها مساعدته على التوصل لاتفاق." وتشير تضحية فاروفاكيس بعد وعده اليونانيين بأنه سيظفر باتفاق أفضل خلال يوم من الاستفتاء إلى أن رئيس الوزراء اليساري أليكسيس تسيبراس عازم على محاولة التوصل لحل وسط أخير مع الزعماء الأوروبيين. ومع استمرار إغلاق البنوك ونفاد الأموال في ماكينات الصراف الآلي وقرب تلاشي التعاطف مع أثينا بين حكومات الاتحاد الأوروبي يبقى مصير اليونان إلى حد بعيد في أيدي البنك المركزي الأوروبي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وعقد مجلس حكام البنك المركزي اجتماعا عبر الهاتف يوم الاثنين لاتخاذ قرار بشأن مدة مساعدة بنوك اليونان على الوفاء بالتزاماتها بعد رفض أغلبية اليونانيين لشروط الإنقاذ المالي التي ساعد البنك المركزي في وضعها. أما ميركل التي تتعرض لضغوط متزايدة في ألمانيا لإخراج اليونان من منطقة اليورو فستلتقي الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في باريس في وقت لاحق من اليوم سعيا لرد مشترك قبيل قمة استثنائية لزعماء منطقة اليورو في بروكسل يوم الثلاثاء. ويتحول الرأي العام في أكبر اقتصاد في أوروبا بشكل سريع ضد تقديم أي مساعدات أخرى لليونان. وقال زيجمار جابرييل نائب المستشارة الألمانية الذي يقود الحزب الديمقراطي الاشتراكي يوم الأحد إن تسيبراس هدم آخر جسور الحلول الوسط مع منطقة اليورو. وبعد خمس سنوات على بداية الأزمة المالية وارتفاع نسبة البطالة صوت 61.3 بالمئة من اليونانيين ضد شروط خطة الإنقاذ المالي التي رفضتها حكومتهم اليسارية هذا الشهر ليزجوا بذلك باليونان في براثن المجهول. وقال تسيبراس في خطاب تلفزيوني "لقد اتخذتم قرارا غاية في الشجاعة" بينما تجمع مؤيدوه في ميدان سينتاجما وسط العاصمة اليونانية للاحتفال بتحديهم للمؤسسة السياسية والمالية الأوروبية. وأضاف تسيبراس "التفويض الذي منحتموني إياه ليس تفويضا لقطع العلاقات مع أوروبا ولكن تفويضا لتعزيز موقفنا التفاوضي سعيا إلى حل قابل للتطبيق." وقال عدد من الخبراء بسياسة البنك المركزي الأوروبي إن البنك المركزي سيرفض طلبا من الحكومة اليونانية لزيادة سقف المساعدة السائلة الطارئة التي يقدمها البنك المركزي اليوناني وسيبقي الحد دون تغيير وهو ما من شأنه التضييق على البنوك تدريجيا لكنه سيعطيها فسحة بسيطة لمدة أيام قليلة. وقال مسؤول يحضر اجتماعات مجموعة اليورو إن "الرسالة الأولى لأثينا هي أنه لا أحد يريد أن يرى فاروفاكيس مجددا بعد أن وصفنا بالإرهابيين." ولم يتضح ما إذا كان هولاند أو شخصيات من كبار صناع سياسة الاتحاد الأوروبي أوصلوا تلك الرسالة إلى تسيبراس خلال اتصالات هاتفية مساء الأحد بعدما اتضحت نتيجة الاستفتاء. وفي رسالة احتفال على مدونته بمناسبة تصويت اليونانين ضد شروط خطة الإنقاذ المالي قال فاروفاكيس إن اليونانيين لقنوا أوروبا درسا في الديموقراطية ويجب أن يطلبوا الآن شروط إنقاذ مالي أفضل. أضاف أنه "من الضروري إذا يتم استثمار رأس المال الكبير الذي ستحصل عليه حكومتنا بفضل التصويت الرائع بالرفض على الفور في تصويت بنعم لصالح حل ملائم واتفاقية تشمل إعادة هيكلة الدين وتقليل التقشف وإعادة التوزيع لصالح المحتاجين وإصلاحات حقيقية." لكن مسؤولين بالاتحاد الأوروبي قالوا إنه سيكون من الصعب تقديم شروط أيسر لليونان لأسباب ليس أقلها أن اقتصادها عاد إلى الكساد منذ فوز حزب تسيبراس بالسلطة في يناير كانون الثاني. أما وزير المالية الأسباني ميشيل سابان فدعا الحكومة اليونانية لتقديم مقترحات للتوصل إلى اتفاق للإصلاح مقابل التمويل مع الدائنين قائلا إن أساس الحوار لا يزال قائما.