(من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) في هذا الحديث الشريف إشاراتٌ واضحة لا تحتاج لكلماتٍ شارحة، وعد صريح لغفران ما تقدم من الذنوب وما تأخر، ففي الوقت الذي نسمع فيه عن أنواع من العروض الربانية وأصناف من الإغراءات النبوية لاغتنام هذه الفرص الذهبية في شهر رمضان المبارك والتي تجعل من الذي لا يملك حسنة واحدة يغدو فيه مليونير حسنات حال اغتنامه لتلك الفرص وإخلاص نيته في العمل، ولكننا للأسف وجدنا اليوم تنافساً من أنواع أخرى تشمل كل بلوى، كل يلهو به على حسب هواه ويرقص فيه على ليلاه، وعندما نسمع العرض الرباني بفتح أبواب الجنان وإغلاق أبواب النيران في هذا الشهر نرى فتح أبواب لأنتن المتأخر في القنوات المنحلة من بضاعة كاسدة تعرض على مدار ثلاثين يوما، وفي التوقيت الذي نسمع فيه ترغيباً نبوياً عن منادٍ ينادي من السماء بِ يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر نجد الممثلين يتسابقون في عرضهم وندائهم للناس لمشاهدة آخر ما أنتجوه وحبكوه من أعمال سموها أعمالا درامية، يفوق نتنها (درامات) و(نفايات) البلدية! هي فعلاً اسم على مسمى كونها أعمالا باللهجة العامية (درامية حرامية) و (مية بالمية) مليئة بأعمال مكرورة عن الهدى مبتورة وكأن دعاتها اتفقوا على عدم جعل دقيقة واحدة في نفس التواقيت التي تقام فيها صلاة المغرب والتراويح والتهجد لتسمير الناس أمام برامجهم الفاسدة بالموسم الذي ينادى ويكرر الإغراء النبوي فيه بحديث: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) وبالموسم الرمضاني الذي نسمع فيه عن عرض حصري بغفران ما تقدم من الذنب وما تأخر نجد الفنانات والممثلات في سباق (جسدي) محموم بينهن وتنافس في الإغراء (بعرض وإبراز) ما تقدم من أجسادهن وما تأخر بدلاً من التنافس بالطاعات لنيل رضى الله بغفران الأعمال التي لا ترضيه في السر والعلن طيلة 11 شهراً، ليس لهم جهد مفيد يذكر فيشكر لا برمضان ولا بغيره؛ ولا غرابة فيما صرح به أحد المنتمين لوسطهم بكونهم يضطرون للإفطار في أيام صيام من رمضان جراء التعب المبذول في التمثيل بالمسلسلات والحلقات، فمن هان عليهم عرض ونشر كل عهر في أطيب شهر فلن تكون لهذا الشهر حرمة عند من ليس لديهم ذمة، وبعضهم بكل بجاحة يتعذرون كونهم مفطرين لأنهم مسافرون؛ ولو كانوا محقين فيما به يتذرعون لقام بالإفطار بدلاً منهم أولئك الأخيار الأطهار الذين قاموا بالسفر لتقديم كل محتوى دعوي مفيد، أو رأي توعوي سديد، أو نصح تربوي رشيد، في أقصى بقاع الأرض، بعضها في أزقة وأحياء نائية موحشة وأدغال بالخطورة موغلة وهم صائمون بأيام نفلٍ لا فرض وتلك مفارقات عجيبة غريبة لا يعيها إلا أصحاب العقول السليمة والفطرة القويمة، والله إن غير المسلمين عندما يرون هذا الزخم الإعلامي والانفلات الإعلاني بتلك الطرق من قنوات محسوبة على المسلمين ماهيتها أن رمضان هو شهر شهواني وللهو وللعب وليس شهرا ربانيا خصص لأنواع عديدة من العبادات المحضة ولأداء أحد أركان الإسلام الخمسة، وقد صدق المغردون بتويتر عندما أطلقوا وسماً ضد مجموعة لإحدى القنوات المحسوبة علينا بوصفها أنها (تخرب بيتك!!) ، فليت ملاكها والقائمين عليها وأمثالها يفكرون بذرة واحدة من الإيجابية حيال إعادتهم لحساباتهم في توقيتهم لعرض ما لديهم من أعمال لا تليق بقدسية الزمان ولا شرف المكان.