يجري تحويل عالم سوق العمل بسبب التكنولوجيا الرقمية. حيث تخرج وظائف، وتدخل أخرى. الجميع يعرف ذلك. باستثناء، كما تعلم، معظم القوة العاملة الأمريكية. تلك هي واحدة من الاستنتاجات التي يمكنك التوصل إليها من خلال التقرير الجديد لمعهد ماكينزي العالمي حول "ربط المواهب بفرص العمل في العصر الرقمي". إنها ليست النتيجة التي من المفترض أن تستبعدها- الخبر الكبير المقصود من التقرير هو التقدير بأن ما يسمى بمنصات المواهب الإلكترونية ستعمل على إيجاد ما يعادل 72 مليون وظيفة بدوام كامل وستزيد من إجمالي الناتج المحلي العالمي بمبلغ 2.7 تريليون دولار سنويا بعد عشر سنوات من الآن. إن المكاسب المتوقعة كبيرة جدا، جزئيا لأن الكثير من كل هذا لم يحدث بعد. قالت سوزان لوند، وهي من المؤلفين الذين شاركوا في التقرير، عندما سألتها عنه الأربعاء الماضي: "نحن نعتقد أن هنالك دليلا واضحا على أن تلك المنصات تصل الآن فقط لحجم حرج". تتراوح تلك المنصات من مواقع التوظيف التي بدأت منذ الألفية الماضية، مثل موقع (مونستر دوت كوم)، إلى أسواق العمل الأحدث التي تتراوح بين العام- مثل أبوورك، وتاسكرابت- والمتخصص جدا- مثل أوبر، وايربانسيتر. إن اتساع نطاق التعريف يمكنه أحيانا أن يسبب الجنون لقراء التقرير، لكن الفكرة هي أن كل ذلك له تأثير في جعل أسواق العمل أكثر مرونة وأكثر فعالية مما كانت عليه قبل ذلك. إن أهم موقع للوظائف على الانترنت الآن في الولاياتالمتحدة والعديد من الدول الأخرى هو (لينكد إن) وهو (أكبر شبكة مهنية في العالم)، ساعد شركة (إم جي آي)- الذراع المسؤولة عن البحوث في شركة الاستشارات- ببيانات الاستطلاع الخاصة بالتقرير. لكن (لينكدإن) أصبح منتشرا في كل مكان فقط خلال السنوات القليلة الماضية، والتفكير هو أن استكشاف إمكاناته ما تزال في بدايتها. أما بالنسبة للعمال الذين يعتمدون على الوظائف التي يتم عرضها والإعلان عنها من قبل أبوورك أو تاسكرابت أو أمثالهم، تقدر (إم جي آي) بأنهم "حاليا يشكلون أقل من 1 بالمائة من السكان البالغين سن العمل في الولاياتالمتحدة". إن السكان الذين أطلق عليهم الكاتب دان بينك ذات مرة لقب "الدولة الخالية من العملاء" هم أكبر بكثير من ذلك، لكن العدد لا يتوسع بشكل كبير. حوالي 40 بالمائة من القوة العاملة في الولاياتالمتحدة حصلوا على وظيفة في عام 2010 من غير الوظائف التقليدية الدائمة ذات الدوام الكامل، بحسب تقديرات مكتب المحاسبة الحكومي في شهر إبريل. لكن 40 بالمائة من هؤلاء العمال (بمعنى 40 بالمائة من ال40 بالمائة) كانوا يشغلون وظائف تقليدية أخرى ذات دوام جزئي، وليس هنالك أي دليل في بيانات المكتب المتقطعة والمعترف بها عن وجود نمو كبير في صفوف المقاولين العاملين لحسابهم الخاص أو بشكل مستقل. منذ سنوات وحتى الآن وأنا أحاول التوفيق بين الخطب الرنانة المتعلقة بسوق العمل المتغيرة والأدلة الأقل إثارة في إحصاءات العمالة. قد يكون جزء مما يحصل يكمن في أن التراجعات في حقول أو ميادين العمالة الذاتية القديمة كالزراعة وتجارة التجزئة تعمل على إخفاء الزيادات في العمل المستقل لموظفي المكاتب. وقد يكون جزء آخر في أن جهود الحكومة في جمع البيانات ترتبط بحقبة زمنية سابقة. جزء منها قد يكون في أن الخطاب كان مبالغا فيه. هنالك توتر مماثل بين الحديث الأوسع المتعلق بالتغيير الاقتصادي الذي تغذيه التكنولوجيا، وبين الاضطراب والأدلة الأقل إثارة في نمو الاقتصاد بأكمله والإنتاجية وبيانات الأعمال التجارية الدينامية. إن الاضطراب في كل مكان، كما يبدو، ما عدا في الإحصاءات الاقتصادية. لكن ربما تكون الإحصاءات مفقودة، أو أننا لا زلنا في وقت مبكر جدا من عملية التحويل. أنت تعرف هذا الحوار- بحيث يكون تايلر كوين وروبرت جوردون على الجانب التشاؤمي، ويكون على الجانب الآخر كل من إيريك بريانجولفسون وأندرو ماكافي والكثير من متحمسي وادي السيليكون. بات من الواضح أي الجوانب ينتمي إليها العاملون في معهد ماكينزي العالمي - بريانجولفسون، الأستاذ في معهد ماسوشستس للتكنولوجيا، هو أحد مستشاري (إم جي آي). ويذكر التقرير قصة جديرة بالثقة حول السبل التي تتبعها منصات الوظائف الإلكترونية في إزالة أوجه القصور عن عملية التوظيف وإعطاء العمال المحتملين تغذية راجعة أفضل حول المسارات التربوية ومسارات العمل التي تعتبر أكثر تبشيرا بالنجاح. إن معظم المكاسب الاقتصادية التي تشير إليها (إم جي آي) سوف تتحقق من خلال جعل عملية التوظيف التقليدية تعمل بشكل أفضل. لكن أسواق العمل الإلكترونية التي تحول العمل إلى جزئيات منفصلة ستلعب أيضا دورا متزايدا، سواء عن طريق زيادة المشاركة في قوة العمل أو زيادة الإنتاجية. لقد تم انتقاد منصات "الخدمات عند الطلب" مثل تاسكرابت وأوبر أيضا، بسبب نوعية العمل الذي تقدمه ونظرا لعدم حصول العمال المؤقتين لديهم على أي من منافع الموظفين. لكن نظرة (إم جي آي) المتفائلة هي أن هذه المواقع على الأقل تقدم "سبلا لكسب الرزق" - وأنه على مر الزمن سيثبت نموذج السوق عبر الانترنت بأنه أكثر تمكينا من كونه استغلالا للعمال. هذا هو الحال بالفعل بالنسبة لأولئك الأشخاص ذوي المهارات ذات القيمة العالية. قالت لوند، الشريك في معهد ماكينزي وتحمل شهادة الدكتوراة في الاقتصاد التطبيقي من جامعة ستانفورد، إنها تتلقى رسائل حوالي مرة كل اسبوع من الباحثين الذين يصادفون ملفها الشخصي على شبكة لينكدإن. غير أنها ليست باحثة عن عمل. بالقرب من نهاية التقرير، تعلن هي والمؤلفون المشاركون لها بأن "أيام الانضمام إلى رب عمل، والارتقاء من خلال الرتب الوظيفية، والاستمرار في الوظيفة لعقود قد ولت". حقا؟ لقد مكثت لوند في معهد ماكينزي مدة 18 عاما، أما المؤلف الآخر للتقرير، جيمس مانييكا، فقد بدأ عمله هناك منذ 21 عاما. "أعلم ذلك"، قالت لوند، وهي تضحك، عندما طرحت هذا الموضوع. "لقد ولت الأيام التي كنت تبقى فيها تعمل لدى رب عمل واحد- ما عدا أنا". هنالك لا يزال الكثير من عوامل الجذب للعمل داخل منظمة ما، والاستمرار في ذلك لفترة طويلة تكفي لأن تصبح على دراية بأساليبها. مع ذلك، من اللطيف الحصول على استفسارات لينكدإن تلك كل أسبوع.