لدى آدم جوناس، وهو محلل مقره نيويورك يدقق على شركات السيارات لصالح بنك الاستثمار مورجان ستانلي، رسم بياني يقول إنه «سيسيطر على ما تبقى من حياته المهنية». يقول جوناس إن التحول نحو التأجير بدلا من امتلاك الأصول المكلفة، جنبا إلى جنب مع ظهور السيارات ذاتية القيادة، سيعمل على تحويل صناعة السيارات. تصف الزاوية اليسرى في الرسم البياني في الأسفل الوضع منذ أن بدأ فيه إنتاج طراز (تي) من قبل هنري فورد وخروجه إلى الأسواق من خط الإنتاج: أنت تقوم بشراء مطيتك من صانع السيارات، وتتجه صوب الطريق المفتوح الذي تختاره، وتوقفها في الممر بقية الوقت. نحن هنا نتحدث عن نموذج لصناعة السيارات عمره 100 عام. وهو يركز على أن الشركات المختصة بالسيارات هي التي تقوم بتصنيع القطع الأصلية، ووجود الموردين وشركات تأجير السيارات. أما الزاوية اليمنى في الأعلى فتظهر أين يعتقد جوناس وجهة هذه الصناعة في النهاية: ستطلب سيارة ذاتية القيادة تحملك وتوصلك بينما تحاسبك فقط على المسافة التي قطعتَها (دون الحاجة منك للقلق متى سيتم تغيير زيت تلك السيارة أو صيانتها). التركيز هنا يكون على شركات مثل جوجل وأبل والجيل الثاني من شركات تأجير السيارات التي من قبيل أوبر. على الأرجح هذا الواقع لا يزال من الناحية الفعلية بعيدا نوعا ما، مثل المستقبل المتوقع الذي نراه في الربع السفلي الأيسر، حيث يمتلك الناس المركبات ذاتية القيادة الخاصة بهم. لكن هنالك مرحلة متوسطة أخرى، الربع الأيمن السفلي في رسم جوناس، التي حصلت للتو على دفعة صغيرة ولكن مهمة. قالت شركة الصناعة العملاقة (فورد موتور) قبل أيام إنها تدعو 2000 شخص من سكان لندن للاشتراك في خدمة تقاسم السيارات GoDrive (جو-درايف)، التي سوف تقدم خدمة تأجير السيارات ذات الاتجاه الواحد والدفع فيها مقابل كل دقيقة في العاصمة، مع ضمان مواقف للسيارات في الوجهة التي يتم اختيارها. تعتقد شركة فورد بأن ينمو اقتراض السيارات بنسبة تصل إلى 23 بالمائة في لندن بحلول عام 2025، بينما ستبلغ قيمة صناعة تقاسم السيارات العالمية أكثر من 6 مليارات دولار مع نهاية هذا العقد. سيكون نصف أسطول السيارات المؤلف من 50 سيارة من طراز (فورد فوكس إلكتريك). قال بيل فورد، وريث الأعمال التجارية للعائلة والرئيس التنفيذي لشركة صناعة السيارات، في مؤتمر TED (تيد) في يونيه من عام 2011 إن التنقل والحرية والتقدم كانت أهداف جده الأول، وليس بيع السيارات في حد ذاته. إن احتمال نمو أسطول السيارات العالمي بمعدل خمسة أضعاف ليصل إلى 4 مليارات سيارة في منتصف القرن ينبئ بخطر خلق «أزمة عالمية»، بحسب قوله. عندما تحتسب في المعادلة النمو السكاني، من الواضح أن نموذج الحركة والتنقل الذي نمتلكه اليوم ببساطة لن يكون مجديا في الغد. بصراحة، ستظل ال 4 مليارات من السيارات النظيفة على الطريق هي نفسها عند 4 مليارات سيارة، وستظل الازدحامات المرورية بدون انبعاثات هي نفسها. لن يكون الحل بالمزيد من الطرق، أو المزيد من السيارات، أو باختراع نظام جديد للسكك الحديدية، حيث إنه باعتقادي يمكن إيجاد الحل في شبكة عالمية من الحلول المترابطة. في الأسبوع الماضي، أخذت شركة الاستثمار التابعة لفورد (فونتيناليس بارتنرز) حصة في شركة أمريكية لتقاسم مشاوير السيارات، وهي شركة Lyft (ليفت). ونموذجها للأعمال التجارية - الذي يستخدم التكنولوجيا لجمع السائقين بالركاب في الرحلات المنفردة - هو تقريبا النقيض لكيفية تحقيق فورد لمكاسبها من المال عبر قرن من الزمن. إن خطة جو-درايف التابعة لشركة فورد ليست اللعبة الوحيدة في لندن. تجول في أي مركز لإعادة التدوير في لندن - كما فعلت أنا الآن كثيرا خلال الأسابيع الأخيرة، وسوف ترى أهل المدينة الحريصين يقومون بتفريغ السيارات المحمَلة التي استأجروها لمدة يوم واحد من أسطول الشركة البالغ عدده 1500 مركبة. أما غيرها من المشاريع الأخرى فتضم نادي سيارات المدينة، ودرايف ناو، وإيد-كار. تعتبر شركة فورد، رغم ذلك، الشركة المصنعة الرئيسية الأولى التي تجيد اللعبة. يبدو من الواضح جدا أن ملكية السيارات، على الأقل في مدننا المزدحمة، تسير على نفس النهج المتبع في الموسيقى أو البرمجيات. فما الذي يجعلنا نمتلك رفوفا من الأقراص المضغوطة أو حتى ملفات صوتية بامتداد MP3 (إم بي 3) عندما تكون قادرا على سماع كل ما تريده من الموسيقى مباشرة عبر الإنترنت؟ لماذا تثقل كاهل القرص الثابت في جهازك بالبرامج والبيانات التي يمكنك الوصول إليها وتشغيلها بلا عناء من خلال السحابة الحاسوبية، وتختار ما تريد في أي وقت تريد؟. وإذا كنت تعيش في وسط المدينة، لماذا تمتلك أصولا مكلفة ذات قيمة منخفضة واقفة في مكان الاصطفاف أغلب الوقت إذا كانت شركة فورد، ستسمح لك بأن تدفع ثمن المسافة التي تريدها فقط ولا شيء أكثر من ذلك؟ يقول جوناس في بنك مورجان ستانلي إنه «من المحزن أن حياتي يمكن أن تختصر في مخطط واحد». أنا أختلف. أجد تحليله للمستقبل مثيرا ويحرر طاقات وموارد الفرد. وأنا أتحرق شوقا لأول سيارة أستطيع استئجارها بالكيلومتر، بعد أن تقرر الحكومة الموافقة على استخدامها في شوارع لندن.