اهتم الأجداد في الأحساء بالزراعة لتكون أكبر واحة زراعية في العالم، حيث تحتضن أكثر من أربعة ملايين نخلة وملايين الأشجار من الفواكه والخضراوات، وكانت الأحساء سلة الفاكهة للمملكة ودول الخليج، بل كان المزارع الأحسائي يمتاز بدرايته و فهمه للنخلة والزرع، ولكن مع ثورة التقدم، بدأ الاحسائي يتخلى عن العمل الزراعي ويتركها للعمالة الوافدة لتكسب من خيرات ثمارها. وأوضح مختصون زراعيون أنه لكي نشجع الشباب على العمل الزراعي يجب أولا إصلاح بيئة العمل في إنتاج التمور وعلى عدة محاور منها إكثار زراعة الاصناف من التمور ذات الطلب والاسعار العالية ورفع كفاءة استخدامات المياه للري للحفاظ على المخزونات الجوفية ورفع حجم القدرات التخزينية المبردة لمنح المزارع خيارات اكبر بين البيع الفوري او التخزين للحصول على اسعار افضل لمنتجه وإعداد برامج تدريبية للمزارعين وإعطاء حوافز مالية. وأشار المهندس الزراعي عدنان بن عبد الله العفالق، إلى أن في المملكة أكثر من 23 مليون نخلة، مضيفا أن «النخلة تحتاج خدمات سنوية قد تقدر بتكلفة مالية تقريبية تصل الى «50 ريالا» و بعض الدراسات أشارت الى 76 ريالا فلو اعتمدنا الرقم الأقل للاحتياط فهذا يعني أن هناك 50 X 23 مليون نخلة و هذا يساوي نحو 5.1 مليار ريال, من يتصور أننا ننفق 5 مليارات و 110 ملايين ريال على خدمة النخيل، وفي الوقت نفسه نقول أين فرص العمل للشباب؟ مبلغ فلكي خيالي لا يصدق و الشباب يقولون ليس لدينا عمل ومع هذا هل العمل الزراعي الحر مغر أو مشجع و جاذب». وأردف «هذا السؤال ينبغي توجيهه للشباب أنفسهم لأنهم هم المقصودون و هم الشريحة المهمة في ميدان العمل بشكل عام, و الواضح من الوضع ومن الخبرات التراكمية أن العمل الزراعي لا يجذب الشباب والأيدي السعودية العاملة. ما السبب؟ من باب التفكير و التأمل يرى المهتم أن هناك أسبابا موضوعية وأخرى غير موضوعية منها العمل غير آمن و شاق و غير مستمر و غير مقدر اجتماعيا، و مع كل ما ذكر من فرص وظيفية فالشباب لديه تحفظ، فنادرا أن يقبل الشاب السعودي على مهنة مزارع عند غير الدولة أو الشركات الكبرى، ولو فرضنا أن هناك إقبالا كم عدد الشباب الذين سيعملون؟ كبير؟ أو محدود؟ من المتفق عليه أن الشاب السعودي يمكن أن يعمل مزارعا ولكن في القطاع الحكومي وهذا مشاهد واضح فتراهم يتسابقون على الوظائف في هيئة الري والصرف و وزارة الزراعة مثل مراكز الأبحاث و غيرها, لماذا؟ لأن المستقبل آمن - على حد رأيهم. وتابع «لنعلم أن هذه المشكلة «العزوف عن العمل الزراعي» هي مشكلة عالمية ليست محلية فحسب، وقد ناقشها بعض الخبراء الهنود في بلادهم، الحل و الله أعلم يكمن في مبادرة ترعاها الدولة»، مضيفا «يفترض أن يتم تأسيس جمعيات شغل أو عمل زراعي و تتأسس بمجموعة من الشباب ولا يشترط أن يقدموا أي ضمانات مادية، إذ أنه لا يُتصور أن يكون لديهم أي شئ يرهنوه, و بالتالي يبدأ العمل عن طريق التسويق لأنفسهم ومكتب يفتحونه في مقر دائم وتكون لهم الأولوية في التعاقد مع الجهات الحكومية والشركات الكبرى كمقدم للخدمة وبهذا نشجع هذه الكيانات الصغيرة الهشة الوليدة حتى تكبر ويكون لها مستقبل زاهر بإذن الله, عندها سيكون لكل عامل في هذه المنشأة اشتراك في التأمينات الاجتماعية و سيبدأ مشواره الوظيفي من تلك اللحظة حتى لو انتقل الى أي جهة حكومية أو اهلية مستقبلا و يجري عليه أحكام التأمينات بكل مميزاتها و فوائدها, و من فوائد هذه الكيانات أن الشاب يمكن أن يعمل معها في وقت فراغه بمعنى يمكن أن يكون لديه وظيفه أخرى صباحا, و بهذا نكون شجعنا الشاب على التعامل مع الزراعة التي هي من أشق الوظائف عالميا». وأشار المستثمر الزراعي المهندس مهدي ياسين الرمضان بأن المملكة تنتج حوالي مليون طن من التمور المنوعة سنويا وهي تعد ثالث دولة في كمية الانتاج العالمي وتنتج بساتين النخيل في الأحساء حوالي مائة الف طن سنويا. مع تدني الاستهلاك المحلي للتمور وعدم وجود قنوات جادة للتصدير والتنافس في الاسواق العالمية وضعف القدرات التصنيعية والتخزينية المبردة، فليس من بد للمزارعين إلا بيع تمورهم خلال فترة قصيرة بعد الحصاد مما يؤدي لارتفاع المعروض امام المطلوب وبالتالي تتدنى الاسعار وينعكس ذلك على ضعف مداخيل المزارعين وبالتالي إنعدام فرص وجود مجال لعمل الشباب من ابنائهم الذين تركوا مهنة الآباء وذهبوا يبحثون عن فرص وظيفية أخرى. وأضاف بأنه بسبب عزوف الشباب عن العمل في مجال زراعة وخدمة النخيل لتدني مداخيلها يتم فقد مهنة الآباء وحرفة زراعة وخدمة النخلة وتحولها لأيدي عمالة وافدة اصبحت تتحكم في هذا المجال وتفرض شروطها واسعارها خاصة مع صعوبة استقدام العمالة الأجنبية. وأضاف: لكي نشجع الشباب على العمل الزراعي نحتاج اولاً لإصلاح بيئة العمل في إنتاج التمور وعلى عدة محاور منها إكثار زراعة الاصناف من التمور ذات الطلب والاسعار العالية ورفع كفاءة استخدامات المياه للري للحفاظ على المخزونات الجوفية ورفع حجم القدرات التخزينية المبردة لمنح المزارع خيارات اكبر بين البيع الفوري او التخزين للحصول على اسعار افضل لمنتجه وإعداد برامج تدريبية وإعطاء حوافز مالية بما فيها قروض لإنشاء اعمال للشباب السعودي للعودة للعمل في مجال خدمة النخيل. وأشار إلى أنه لدى صندوق التنمية الزراعية مبادرة لتحسين ظروف تسويق التمور سيكون لها دور فاعل في هذا الجانب أما عن الاستثمارات الزراعية للشباب فيمكن للصناديق المتخصصة المساهمة بإعداد برامج إعطاء قروض للشباب السعودي بعد تدريبهم لتأسيس اعمال في مجالات خدمة النخيل مثل اعمال مقاومة الامراض وفي مجالات التصنيع وتركيب مخازن تبريد ومجالات النقل ومحطات فرز وتعبئة للتمور وإدخال الميكنة في زراعة وخدمة النخيل وغيرها من الأعمال المساندة. في المملكة 23 مليون نخلة تحتاج كل واحدة خدمات سنوية تقدر ب 50 ريالا