لماذا كل هذه الشائعات المغرضة، الصادرة من الأبواق الجوفاء الفارغة، التي تحاول أن يكون لها صدى على قنوات الإعلام الجديد، هذا الإعلام الذي نجح بكل المقاييس في تحويل القضايا الهامة إلى قضايا رأي عام، بعد تبنيها من ذوي الاختصاص المهتمين بالشأن العام والقريبين من نبض الشارع؛ لحل قضايا المجتمع والتي لا يسهل حلها إلّا عن طريقه. الإعلام الجديد نعمة فلا تجعلوه نقمة.. هذا الإعلام الجديد استغلته بعض الطبول الغبية باستعراض عضلاتها الواهنة، سواء كان بالثرثرة والجهل بعواقب النقل الكاذب وترويج الشائعات التي هي أخطر من الخطر نفسه، أما إذا كانت تهدف لأهواء ودوافع سياسية واجتماعية واقتصادية مسمومة لتفكيك نسيج المجتمعات وتقويض أركان بنائها بحروبها المعنوية وأوبئتها النفسية، فلا شك أنها أسلحة دمار فتاكة، وعلى الجميع التصدي لها بكل السبل واستئصالها والتحذير منها والقضاء على أسبابها وبواعثها، وبذل كل الجهود في المحافظة على الروح المعنوية في المجتمع والأمة لأمن واستقرار المجتمعات، وبناء أمجاد الشعوب والحضارات. كثير من دول العالم تُسخِّر وحدات خاصة في أجهزة استخباراتها؛ لرصد وتحليل ما يبث وينشر من الشائعات، عظيم، أؤيد هذا العمل!!. ربما بعض الشائعات فيها شيء من الصحة، أو واقع يستحق الكتمان وغير قابل للنشر والخوض فيه وتداوله، بالزيادة والتغيير والتحريف والتبديل تنقلب الحقائق، فتزيد الأمر تعقيداً وسوءاً ويقع الضرر الذي لا داعي منه على المجتمعات بكل فئاته. مسئولية الكلمة واجب ديني ووطني، فالإنسان مسئول ومحاسب أمام الله عما يقول ويتلفظ «مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» سبحانه لا يظلم أحداً. لماذا لا نتحرى صحة الخبر وننجرف وراء الأقاويل الباطلة التي تنم عن جهل وعدم تقدير للعواقب، وتؤدِّي إلى أذية الناس خاصة إذا رُوِّج الخبر باحترافية، والمؤسف أكثر عندما يكون من بنات أفكار البعض بقصد الدعابة هذا العبث البغيض مرفوض، وشائعات النقل عنْ.. وعنْ.. وعنْ.. دون التأكد بقصد إثارة الفتن وإشعال نيران الطائفية بين الشعوب مرفوض، يقول الله -جلّ وعلا- «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ». فلن يدخل الجنة قَتَّاتٌ ينقل الكلام من شخص إلى شخص، أو مِن قَوْم إلى قَوْمٍ للإفساد. للأسف نمت وتطورت الشائعات بتطور العصر والتقنية، فهي اليوم في عصرها الذهبي في الرواج، خاصة وأن هذه الوسائل تتولّى كِبرَ نشر الشائعات المغرضة، والحملات الإعلامية المحمومة، في صورة من أبشع صور الإرهاب النفسي والتحطيم المعنوي. هؤلاء هم أعداء الدين والإنسانية والأمة، الذين يكرهون البشرية جميعها، ولا يحبون إلاّ أنفسهم وأهواءهم وما يشتهون، هم العدو، كما قال عز وجل عدو لله ولرسوله وللمسلمين : «هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ» مرضى مركب النقص والغيرة من النجاح والتوفيق يروجون الشائعات من باب الكراهية والبغضاء والغيرة، أمراض وآفات اجتماعية مجتمعة أو منفردة وجدت مجالاً مناسباً فاستعرضت عضلاتها المتهرئة المقنعة بأقنعة الزيف والضلال والخداع. استغلت هذا المجال الحيوي الفعال، استغلت وسائل الاتصال الحديثة بكل أنواعها فعربدت وتجرأت ونشرت ما يحلو لها بكل تبجح، أجرمت في حق هذه الوسائل التي كان من المفترض أن تكون إيجابية بحتة، تخدم المجتمع كما تمنّيناها إلاّ أن استغلها استغلالاً سيئاً حولها لوسائل هدم وتخريب وتشويش وتشهير ونشر الفوضى وإثارة المشاكل والقلاقل بين الناس. الموقف الحازم من الشائعات وأصحابها مطلوب وبشدة، لتماسك المجتمع وتلاحم أبنائه، وسلامة لُحْمته مسئولية الجميع، سنحاسب على التقصير فيه يوم القيامة، ومن يتولى كِبْر الشائعات وترويج الأكاذيب وقلب الحقائق لا يعرف قدر مسئولية الكلمة فليتق ربه. فكم من كلمة قالت: لصاحبها دعني .. و -لَرُبَّ شائعة أثارت فِتناً وبلايا - * تربوية - مديرة