ليس هناك من يزعم أنه لا يرغب في السيطرة والتحكم في مجريات الأحداث التي تدور حوله ويستثمر كل إمكانياته المتاحة لتعزيز سطوته ونفوذه ويرسم الخطط ويجهز نفسه لتدعيم مفاهيمه بكل الوسائل المشروعة، وهذا الأمر ليس عليه غبار وله الحق في ممارسته في كل شأن وهذه الخاصية لا تحدها جغرافية الأرض ولا تمنعها تشريعات البشر فهي قادرة على تجاوزها ولديها الإمكانية على احتوائها وتطويعها بمنهجية مدروسة مما يضمن لها دخول نادي الكيانات المؤثرة.وعندما نتبصر فيما حولنا نجد أن هناك تحركات لشركات عملاقة تتنافس في اقتطاع أكبر نصيب في كعكة الاقتصاد الدولي، خاصة ان تماثلت في خطوط الإنتاج فبالشراكة أو الاندماج أو بالشراء تهيمن على المنتج حتى تسيطر على الآخرين. فمثلا شركة (جلاسكو سميث كلاين) البريطانية والمتخصصة في الأدوية قدمت عرضا لشراء منافستها الأمريكية شركة (أيلي ليلي) بمبلغ 36 مليار جنيه إسترليني بما يعادل 200 مليار ريال سعودي؛ لتكوين شركة أدوية بقيمة 100 مليار جنيه إسترليني بما يعادل 600 مليار ريال سعودي، تخيلوا معي شركة أدوية وليست صواريخ أو معدات حربية أي أن %90 من منتجها لا تتجاوز قيمته 100 ريال. كل ذلك خوفا من منافستها شركة «فايزر» عندما اشترت شركة (فارماسيا) وستصبح المجموعة بمبلغ 140 مليار جنيه إسترليني أي بما يعادل 840 مليار ريال سعودي، علما بان شركة جلاسكو لا تسيطر إلا على نسبة %5.7 من سوق الأدوية في العالم، هذا من أجل أن أضعها في حجم عدم قدرتها على السيطرة في الزمن المنظور ولكنها تعتبر من الكيانات المؤثرة.وبمناسبة الحديث عن الكيانات الكبيرة، انظر إلى عالمنا العربي والإسلامي بالعموم والسعودي بالخصوص فأجد أن ما يحسب في قياساتنا بالكيانات الكبيرة تبهت صورته عندما يلتحم مع الآخرين في تعاملات لابد منها فيصبح أمامهم مهمشا يتقبل الاشتراطات والقيود التي يفرضها الكبار خاصة عندما نعرف أن دخل مجموع الدول العربية يساوي دخل دولة أوروبية واحدة وأن الأموال المتوفرة في البنوك العربية مجتمعة تساوي ما هو متوفر في بنك واحد في ألمانيا. ولكيلا نعتم الصورة بشكل سوداوي أشير إلى تلك الكيانات التي تزعم أنها كبيرة ومؤثرة في الاقتصاد العالمي أن عامودها الفقري يتكون من مساهماتنا التي تضخ الحياة في شرايينهم الاقتصادية. حيث أثبتت أحداث 11 من سبتمبر أن خسائر المستثمرين والمضاربين العرب 500 مليار ريال، يضاف إلى كل ذلك أن هناك بالونات مملوءة بالماء وهي منفوخة وأعني به تلك التجاوزات المحاسبية التي تضخم وتخادع المتعاملين بصور غير حقيقية وغير قانونية التي جراء انكشافها أعلن كثير من الشركات العملاقة والمؤثرة إفلاسها واليكم جدول بالشركات * بسيفيك غازاندالكتريك كو بمبلغ5/1 مليار دولار سنة 2001. * أنر ون بمبلغ 9/33 مليار دولار سنة 2001. * كمارت كروب بمبلغ 17 مليار دولار سنة 2001 * غلوبال كروسينج بمبلغ 5/25 مليار دولار سنة 2002. * ادلفيا كوميونيكيشن بمبلغ 4/24 مليار دولار سنة 2002 * وورلد كوم بمبلغ 8/103 مليار دولار سنة 2002. أما عن الشركات المتحايلة على الأنظمة والقوانين لترعب العالم بتأثيراتها فهي: * شركة ارثر أندرسون (محاسبين). * شركة ميريل لنش (مصرفية) . * شركة داينجي (لإنتاج الطاقة). * شركة رايتايد (مخازن ومتاجر). * شركة تايكو انترناشونال (مجموعة صناعية). من هنا تتضح الصورة أن هناك أوهام السيطرة تتحكم في مسارات اقتصاد العالم وما على الدول النامية إلا السير وراء تلك المثبطات للعمل الجاد الذي يلزمنا بالتكتل والاندماج لإيجاد منافس حقيقي يستطيع التصدي لتلك الشروط التعسفية التي من بينها استحداث أنظمة ومحاولة فرضها مثل( franchise ) «حق استخدام الاسم التجاري» حتى ولو كان في القهوة أو الأكلات السريعة، وكذلك نظام (time shar) «بيع العطلات مقدما» بشروط لا يتقنها الملتزمون بها، وكذلك نظام(jointventure) «تكوين تكتل لغرض محدد» وهذا يبعد الشركات الصغيرة عن المنافسة، مما يتوجب علينا استيعابه والتصدي له بفتح مناخات قادرة على امتصاص هذه الأنظمة وتذويبها بأنظمة صادة لها ومقننة استخداماتها لنمط معين وبحجم مبرر كي نستطيع سبر أغوار الحقيقة وتثبيت الأقدام نحو العالمية. آمل أن يحذو كل متطلع إلى نهضة هذه الأمة.