من المفيد أن نعود في هذه المقالة وبعد هبوب العاصفة، عاصفة الحزم، إلى المقابلة المستفزة والمهينة للعرب والخليجيين بالأخص التي أجرتها قناة الميادين اللبنانية الموالية لإيران، التي تتبنى كما تزعم خط (الممانعة) و(المقاومة) و(العروبة) بصيغتها الإيرانية طبعاً، مع المحلل السياسي الإيراني محمد صادق الحسيني غداة سقوط العاصمة اليمنية صنعاء في أيدي الحوثة، بمؤامرة مع ما تبقى في الجيش اليمني من أتباع المخلوع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، إذ كانت تلك القوات تسلم المواقع العسكرية الواحد تلو الآخر للحوثة القادمين من الشمال. قال الحسيني منتشياً يومها: «إن اليمن بأكمله أصبح اليوم في يد طهران ودمشق والضاحية الجنوبية، بعد سيطرة الحوثيين على البلاد، لينضم بذلك إلى محور المقاومة»، ثم واصل حديثه قائلا: "إن مضيقي هرمز وباب المندب أصبحا تحت النفوذ الإيراني ويضيقان الخناق على البحر الأحمر وقناة السويس" ولدى سؤاله عن رد الفعل السعودي المتوقع قال: إن "السعودية مجرد قبيلة تنقرض الآن". وانتهى الحسيني إلى القول: «سيد اليمن الآن هو عبدالملك الحوثي الذي أصبح بالتالي سيد الجزيرة العربية»!! ولم تخلُ مقابلة الحسيني طبعاً من تحريض العرب على بعضهم البعض وزرع الكراهية بين الشعبين الجارين السعودي واليمني، كما دأبت على ذلك آلة إيران الإعلامية الناطقة بالعربية، إذ ابتكر كلمة على لسان الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود من إنتاج مختبرات الطرد المركزي الإعلامي الإيرانية مفادها «إن فقر اليمن في عزكم، وعز اليمن في فقركم»، طبعاً لا يحتاج الموتورون وهم يسمعون هذا الكلام إلى تذكر المساعدات الكبيرة التي قدمتها السعودية إلى الأخوة باليمن، فاختلسها المخلوع وابنه الجنرال حتى ربت على ستين مليار دولار. ورغم أن قناة الميادين ميدان واسع لمن هم على شاكلة الحسيني، إلا انه لم يشأ أن يفوت الفرصة في مقابلته تلك ليدس كل ما من شأنه تمزيق الأمة العربية، وتكريس الشقاق وبذر الفرقة بين الأخوة، طائفيا هذه المرة، فذكر أن الأحداث الأخيرة في اليمن والتي انتهت إلى سيطرة الحوثيين بشكل كامل على العاصمة صنعاء، وبسط نفوذهم على مؤسسات الدولة، تعود إلى «الوهابية السعودية التي كانت وراء ذلك بسبب تحقيرها الشخصية اليمنية» هذا ما زعمه الحسيني في مقابلته الشهيرة. والآن وبعد هبوب العاصفة التي اقتلعت الحوثة المُضلَّلِين من صياصيهم، وسيطرت نسورها على أجواء اليمن في ربع الساعة الأولى من بدء العملية، وإرغام حليفهم الرئيس المخلوع على إبعاد يخوته الفارهة من الموانئ التي أعلنت قيادة العاصفة أنها تحت سيطرتها، يحق لنا أن نسأل الحسيني هل تجدنا قبيلة منقرضة؟. وهل بإمكان قبيلة منقرضة أن تقود تحالفاً يضم عشر دول عربية، مع النجاح في الحصول على مؤازرة إقليمية ودعم دولي، وتنسيق عمل عسكري بذلك الحجم وبسرية متناهية فاجأت الجميع؟. أجزم بأن السعودية لم تتخذ في تاريخها قرارا واضحاً وجريئا بمثل شن هذه الحرب، فهل توصف بأنها منقرضة قيادة تتخذ قراراً بمثل قوة وخطورة عاصفة الحزم وهي لم يمر على استلامها زمام الحكم ربع حول؟. لا شك أنك يا حسيني، والقيادة الإيرانية، وأزلامها من نصر الله إلى صورته الكاريكاتورية عبدالملك الحوثي، الذي لم يمهله هبوب العاصفة ليكون نجماً تلفزيونياً كنسخته الأصلية اللبنانية، قد استيقظتم صبيحة يوم الخميس 26 مارس على أسوأ كوابيسكم حتى الآن. * كاتب - وروائي