تشير الكثير من الأحداث الجارية حاليا في سوريا إلى أن البلاد مقبلة على مرحلة جديدة وخلط للأوراق، قد يفرز تحالفات وصفقات كانت حتى الأمس القريب غير منطقية أو غير ممكنة بالنسبة لشريحة كبيرة من السوريين ومن المهتمين بالشأن السوري. ايران لحضن داعش ولعل أبرز التحالفات الجديدة أو الصفقات التي قد تثير استغراب الكثيرين هو احتمالية تواطؤ ايران مع تنظيم داعش، لدفعه للاستيلاء على مواقع شديدة الاهمية في سوريا يسيطر عليها نظام بهدف إضعاف الأسد والضغط عليه وزيادة حاجته للمساعدة الايرانية، الأمر الذي سيمكنها من توسيع نفوذها بما يخدم مشروعها المحتمل في سوريا بإقصاء العلويين من حكم سوريا، واستبدالهم بقوة شيعية على شاكلة "حزب الله" في لبنان و"الحوثيين" في اليمن، وهو ما ظهر جليا في الآونة الأخيرة خلال معارك المنطقة الجنوبية من سوريا، والتي وصلت إلى حد تهميش الأسد الذي ثبت أنه لا يتجاوز كونه حليفا مرحليا لايران وليس حليفا استراتيجيا أو دينيا كما كان الكثيرون يرونه. أما شكل التواطؤ بين التنظيم وايران قد يتمثل بالتزام ايران بعدم التدخل في أي معركة بين داعش والنظام، بالإضافة إلى إمكانية تقديم معلومات تساعد التنظيم في السيطرة على المواقع التي سيهاجمها. ضربة استباقية وبحسب الهيئة السورية للإعلام، فان دوافع ايران إلى هذا التوجه هو بداية التململ والصحوة المتأخرة لدى اركان النظام ومناصريه من ظهور بوادر المشروع الايراني باستبدال حكم العلويين بقوة شيعية على شاكلة حزب الله والحوثيين، وما رافق ذلك من تمادي المسؤولين الايرانيين في مصادرة القرار لدرجة همش فيه النظام خاصة خلال المعارك الأخيرة في المنطقة الجنوبية، إلى جانب تصريحات رجال الدين الايرانيين التي اعتبرت سوريا المحافظة 35 لإيران، خاصة وأن تململ النظام من سياسات ايران تجسد باندلاع اشتباكات بين قوات النظام وميليشيا الدفاع الوطني "العلوية" مع حزب الله "الشيعي" المرتبط مباشرة بالحرس الثوري. حقل الشاعر مجددا ومن أكثر المناطق التي قد تتأثر بهذا التواطؤ هي منطقة جبل الشاعر بريف حمص الشرقي، نظرا لأهميته الاستراتيجية بالنسبة للنظام كونه آخر الحقول النفطية في سوريا التي يسيطر عليها، لأن فقدانه يعني زيادة حاجة الأسد للمساعدات النفطية الايرانية لتأمين حاجاته، الأمر الذي يفسر استعار المعارك خلال الشهر الفائت في جبل الشاعر. وبالحديث أيضا عن المناطق التي قد تدفع ايران باتجاه سقوطها بيد داعش في بلدات في ريفي حمص وحماة القريبين من الساحل السوري معقل الاسد الأساسي ومصدر الشبيحة الأول، والذي يخطط الأسد لانشاء دويلة علوية فيه في حال فقد حكم سوريا، ما يعني وضع السكين على رقبة الأسد، لدفعه باتجاه تقديم المزيد من فروض الطاعة لإيران. ضرب من الداخل وتضيف الهيئة السورية للإعلام: انه من غير المستبعد أبدا أن يترافق تواطؤ ايران مع زيادة في الضغوط غير العسكرية على الاسد لابتزازه بشكل أكبر، كتقليص المساعدات النفطية التي يعتمد عليها النظام بشكل أساسي، بالإضافة إلى إيقاف الخط الائتماني بين طهرانودمشق الذي يمد الأسواق السورية بالسلع الغذائية، خاصة أن ايران أقدمت على مثل هذه الخطوة الصيف الماضي. في غضون ذلك، أكثر ما يزيد من احتماليات تآمر ايران على نظام الأسد، ما تردد مؤخرا نقلا عن ضباط متعاونين مع الثوار عن سطو ميلشيات حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية على مستودعات للسلاح تابعة للنظام في قطع على اطراف دمشق، إلى جانب ما تردد مؤخرا عن دور كبير لإيران بإقصاء ضباط أمن علويين من مناصبهم كالعميد حافظ مخلوف ابن خال بشار الاسد، واللواء رفيق شحادة رئيس شعبة الأمن العسكري، وتعيين ضباط سوريين شيعة في مراكز أمنية حساسة، ما عكس حجم التوتر في العلاقة بين الأسد وإيران، ناهيك عن تصريحات نائب قائد الحرس الثوري الايراني العميد حسين همداني قبل شهر من الآن والذي أكد عزم الحرس الثوري تشكيل قوة مسلحة تابعة مباشرة للولي الفقيه.