رفْضُ وزراءِ خارجية مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم الأخير بالرياض للتدخل الإيراني في العراق، ودعْم المساعي لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، ومنع إيران من إنتاج السلاح النووي، ورفضهم المسبق للتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية اللبنانية والسورية واليمنية والبحرينية - يصب في روافد الاتجاهات العقلانية لبسط عوامل الأمن والاستقرار في المنطقة، فالتدخل الإيراني السافر في العراق مازال يهدد وحدته الوطنية ويكاد يعصف بسلامة أراضيه، والجهود العراقية المخلصة لتوفير الأمن والاستقرار على أرض الرافدين مهددة دائما بحشر حكام طهران أنوفَهم فيها. وهاهم يؤججون الأوضاع الملتهبة في سوريا بمساندتهم وتأييدهم للنظام الأسدي الذي لايزال متشبثا بالسلطة، ويمارس بطشه ضد الأطفال والنساء والشيوخ، فالتدخل الإيراني في سوريا أدى الى فتح شهية النظام الى مزيد من سفك الدماء ومنع المساعدات الانسانية من الوصول الى العديد من الأماكن السورية المحاصرة، وبحجة تخليص إحدى الرهائن الإيرانيين، فإن حكام طهران لم يتورعوا عن التدخل في الشأن اليمني أيضا. إضافة إلى هذه التدخلات المشهودة، بما فيها التدخل في شأن البحرين الداخلي، ومحاولة إثارة الفتن والطائفية بين أبنائه المسالمين، فإن طهران ماضية في تطوير سلاحها النووي مهددة بذلك أمن المنطقة العربية بأسرها. ويبدو أن الوقت قد حان لتدخل المجتمع الدولي لمنع حكام طهران من المضي في تطوير برنامجهم النووي بحكم أنه يهدد أمن واستقرار دول المنطقة من جانب، ويهدد الأمن والسلم الدوليين من جانب آخر. لقد دأبت ايران منذ زمن ليس بالقصير -وفقا لتدخلاتها المشهودة في العراقوسوريا ولبنان واليمن والبحرين - على بث موجات من الفتن والأزمات داخل تلك الدول والعمل على تأجيج الطائفية فوق أراضيها، ودعم مختلف الحركات الارهابية التي ظهرت برؤوسها الخبيثة في دول تسعى مختلف الجهود المبذولة فيها لمكافحة تلك الحركات واحتوائها واجتثاثها من جذورها. وفي الوقت الذي تحاول فيه دول مجلس التعاون الخليجي معالجة ظاهرة الإرهاب ومكافحة الارهابيين أينما وجدوا، فإن حكام طهران - بتدخلاتهم في الشؤون الداخلية لبعض الدول - يحاولون مساعدة الحركات الإرهابية على نشر بذور الفتن والقلق والطائفية على أراضيها، وهم بذلك يساعدون الارهابيين على ممارسة جرائمهم وتطرفهم وغلوهم ونشر أفكارهم المنحرفة أينما تواجدوا. ورغم الدعوات المتكررة التي مازال يطلقها قادة دول مجلس التعاون الخليجي بأهمية تجاوب جمهورية ايران لمساعي الامارات العربية المتحدة لحل قضية الجزر الإماراتية الثلاث عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء الى محكمة العدل الدولية - فإن حكام طهران رفضوا تلك الدعوات رغم أن عدم الاستجابة لها مدعاة لخدش مبادئ وأسس حسن الجوار، وقد أضافوا الى هذا الرفض المعلن المتناقض مع حق سيادة الامارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث - تدخلهم السافر في سيادة بعض دول المنطقة واستقلالها وسيادتها. وينبغي للمجتمع الدولي اليوم أن يترجم رفضه للأساليب الإيرانية العدوانية إلى برنامج عملي تلتزم طهران بموجبه وقفَ سعيها لامتلاك أسلحة الدمار الشامل والامتناع عن تأييدها ومعاضدتها للحركات الارهابية في بعض دول المنطقة العربية، ووقف تدخلاتها في الشؤون الداخلية لأي دولة، والعمل على سرعة الوصول إلى حل قاطع لقضية الجزر الإماراتية التي لا تزال معلقة.