دعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «الجميع» إلى مكافحة الإرهاب فكرا وسلوكا، ومحاصرة الإرهابيين حيثما ثقفوا، وقال: إن الإرهاب يهدد الأمة الإسلامية والعالم أجمع. وجاء ذلك في كلمة ألقاها بالانابة عنه أمير منطقة مكةالمكرمة خالد الفيصل لدى افتتاحه مؤتمرا دوليا في مكةالمكرمة الأحد تحت عنوان «الإسلام ومحاربة الإرهاب» بحضور أكثر من 500 مشارك من العلماء والمفكرين من كل أنحاء العالم الإسلامي. ودعا الملك سلمان في المؤتمر - الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي بمقرها في مكةالمكرمة - إلى «تشكيل منظومة إسلامية جماعية تتصدى لتشويه الإرهاب صورة الإسلام والمسلمين في العالم». وحث المشاركين في المؤتمر - الذي يستمر ثلاثة أيام - على تأسيس برامج ومشاريع تشارك فيها كافة الجهات الرسمية والشعبية في العالم الإسلامي لرفع مستوى الوعي لدى الأمة بأخطار الإرهاب وأضراره وبسلبيات التقاعس عن التصدي له. وشن الأمين العام للرابطة الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي «هجوماً حاداً» ضد مرتكبي «الأعمال الإرهابية» باسم الإسلام، متهماً إياهم بالإساءة للدين الحنيف. وقال : إن «منفذي أعمال الإرهاب باسم الإسلام، يقدمون الأنموذج الأسوأ الذي بحث عنه كثيراً الطاعنون في الإسلام، حين كانوا يرمونه بأبشع التهم، من غير أن يجدوا دليلاً على دعواهم». وأضاف : «إن ما أحدثه سفهاء الأحلام، هو أنهم تكفلوا للطاعنين بما يريدون، وزودوهم بما لم يحلموا به، بأفعالهم الرعناء، واستطالتهم على دماء الناس، وما ارتكبوه من ترويع للآمنين، وإرهاب للمسلمين وغيرهم، تحت راياتهم الموشحة زوراً بشهادة التوحيد، وصيحاتهم بالتكبير والتهليل، الذي لا يجاوز تراقيهم». وأكد أن «الغيورين على الإسلام ومستقبله، جادون في التصدي لهذه الحملة، التي ارتكبت الموبقات، متسترة بلبوس الإسلام وراياته»، وشدد على أن «للعلماء والدعاة وأهل الرأي، دورا مهما وحاسما، في التحذير من هذا البلاء والبراءة منه، ووضع الحلول الناجعة لتخليص شباب الأمة من براثنه، بكشف عواره وتزييف دعواه، وتقديم التصور الإسلامي الصحيح، فيما يعرض هنا وهناك من مقولات وتصرفات لم تعد خافية على متابع». وأوضح التركي أن المؤتمر - الذي ستنظمه الرابطة حول الإسلام ومكافحة الإرهاب - يأتي لما تواجهه الأمة المسلمة اليوم من تحديات كبيرة، تستهدف دينها وتشوه حضارتها وتصد عن هدي شرعها القويم. وأشار إلى أن «هذا الأمر ليس جديدا عليها، فلا يزال التاريخ القريب والبعيد يحدثنا عن الكثير من الكيد والافتراء، الذي دس على الإسلام بقصد النيل منه، وتقطيع الجسور التي توصل الناس إلى أفيائه، فهذا الجهد الآسن لن يغيب ما بقي الليل والنهار». ولفت الى أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وجه بعقد المؤتمر عن الإرهاب برعايته، حيث أوكل إلى الرابطة «استنفار جهود المخلصين من العلماء والدعاة والمعنيين بالشأن الإسلامي حول العالم، للتصدي لخطر هذه الظاهرة، ووأدها قبل أن يتطاير شررها في المزيد من بلاد المسلمين». وبين الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي أن المؤتمر ناقش ستة محاور، تتعلق بمفهوم الإرهاب، من خلال الرؤية الشرعية وتعريف الإرهاب في المنظور الدولي، واستخدام الدين مظلة للإرهاب. كما بين التركي أن المؤتمر تناول الأسباب الدينية للإرهاب، من حيث الجهل بمقاصد الشريعة وأحكامها والتعصب المذهبي والتحزب الطائفي، والخطأ في ضبط المفاهيم الشرعية (الجهاد والولاء والبراء والتكفير والتأصيل والتنزيل)، وعدم تطبيق الشريعة الإسلامية، وضعف المؤسسات الدعوية وواقع الخطاب الديني. وبين التركي أن المشاركين بحثوا أيضا الأسباب الاجتماعية والاقتصادية للإرهاب من حيث تحديد المشكلات الاجتماعية كالبطالة والفقر والحرمان وعدم تكافؤ الفرص. إضافة إلى ضعف التشريعات والقوانين في التعامل مع المستجدات وبخاصة ما يتعلق بحقوق الإنسان وضعف الأسرة في التنشئة الاجتماعية السليمة، وضعف مؤسسات المجتمع المدني والفساد المالي والإداري. ولفت إلى أن المؤتمر ناقش الأسباب التربوية والثقافية والإعلامية للإرهاب، من خلال تناول ضعف المناهج التعليمية في تقديم ثقافة متزنة وضعف وسائل الإعلام في التوعية والتثقيف و(التطرف العلماني والليبرالي) إضافة إلى ضعف ثقافة الحوار وأدبياته. وأشار التركي إلى أنه أيضا بحث تأثير عدم تأصيل ثقافة الاختلاف على الإرهاب والمصالح الإقليمية والعالمية، لطرح موضوعات التحيز غير العادل في قضايا المسلمين وإثارة الطائفية والفتن بين أقطار العالم الإسلامي ومجتمعاته، واستغلال الإرهاب لمصالح إقليمية وعالمية وطائفية. وأضاف : «ناقش آثار الإرهاب وتشويه صورة الإسلام والمسلمين في مناهج التعليم والإعلام و»كثرة الفتن والولوغ في الدماء المعصومة» وضعف الاهتمام بقضايا الأمة الإسلامية وزيادة التوتر عالميا.