أشاد صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية، بجهود لجنة إصلاح ذات البين بالدمام وما تقدمه من عمل دون تكلف مع جميع فئات المجتمع من مواطنين أو مقيمين للعمل على الصلح. جاء ذلك خلال استقبال سموه بالمجلس الأسبوعي "الإثنينية" بمقر الإمارة، أصحاب السمو والفضيلة والمسئولين والأهالي بالمنطقة ورئيس لجنة إصلاح ذات البين بالدمام فضيلة الشيخ احمد العصيمي ومنسوبي اللجنة. وقال سموه: بلادنا ولله الحمد منذ نشأتها سارت على ما سار عليه نبينا العظيم - عليه أفضل الصلاة والتسليم - في حبه للعفو والإصلاح، والعمل على الإصلاح ما لم يكن هناك مساس بالمجتمع أو رفض أو عزوف من أولياء الدم، فما أن نسعى لإصلاح نأخذ بعين الاعتبار أصحاب الحق فالحق لا يسقط، ولم يحصل في أي مرة من المرات أن أجبر أو فرض على أي شخص أن يسقط حقه إلا بالأسلوب الحسن، ومتى ما توفرت عنده القناعة أو رضا بالدية. وأضاف سموه: أعلم علم اليقين أن أعضاء لجنة إصلاح ذات البين بالدمام يذهبون إلى أماكن بعيدة داخل وخارج المملكة، وتواصلت مع عدد كبير من الأفراد والمجموعات لتحقيق الصلح، فالحمد لله الذي وفق دولتنا وولاة أمورنا أن ينهجوا هذا النهج المحمدي، الذي يدعو للخير وللصلح ويعقب بالأسباب، ونهيب دائما بالجميع أن يراعوا رب العالمين في كل عمل، فعندما يراعي الإنسان ربه في عمله مهما كبر الخطأ، إلا أن رحمة رب العالمين أوسع والصلاح يأتي في بعض الأحيان بأبسط الأسباب، عندما تتوافر القناعة الكاملة لدى صاحب الحق سواء دم أو دون ذلك، ويعلم علم اليقين أن حقه لم يضيَّع وسيسلم له. وأضاف سموه: نقدر جميع ما يقوم به فضيلة الشيخ أحمد العصيمي وزملاؤه في لجنة إصلاح ذات البين بالدمام، وكذلك اللجان المماثلة في باقي المحافظات، ولكل من يعملون دون أن يُعلم أنهم يعملون، وهم المتطوعون الذين يسعون في الخير في كل مكان وزمان، والحمد لله أننا في هذا المجتمع نتميز بهذه الميزة التي هي التكافل الاجتماعي في كل صوره. كما قدم سموه شكره لجميع القائمين على اللجنة، على جهودهم لتحقيق الأهداف النبيلة التي أسست من أجلها اللجنة؛ تحقيقاً لمراد الشريعة الإسلامية السمحة في الإصلاح بين الناس والسعي لما فيه خير ومصلحة، متمنياً لهم التوفيق. وألقى رئيس لجنة إصلاح ذات البين بالدمام فضيلة الشيخ احمد بن راشد العصيمي، كلمة بدأها بآيات عطرة من كتاب الله، حيث قال الله تعالى في محكم التنزيل: (لا خير في كثير من نجواهم الا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما) وقال الله تعالى (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم). ولما رواه الصحابي الجليل أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع إليه شيء في القصاص إلا أمر فيه بالعفو، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أفضل الصدقة إصلاح ذات البين) وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال عمر: ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ فقال: رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة، فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي، فقال الله تبارك وتعالى للطالب: فكيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء؟ قال يا رب فليحمل من أوزاري، قال: وفاضت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبكاء ثم قال: إن ذاك اليوم يحتاج الناس الى من يحمل عنهم أوزارهم، فقال الله تعالى للطالب: ارفع بصرك فانظر في الجنان، فرفع رأسه فقال: يارب لأي شهيد هذا؟ قال: هذا لمن أعطى الثمن، قال: ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه، قال بماذا؟ قال بعفوك عن أخيك، قال: يا رب فإني قد عفوت عنه، قال الله عز وجل: فخذ بيد أخيك فأدخله الجنة، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك "اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، إن الله يصلح بين المؤمنين". رواه الحاكم وقال: صحيح الاسناد. ولكون ولاة الامر حكام هذه البلاد الطاهرة - حفظهم الله - يستمدون نهج دستورهم، ونظام حكمهم من كتاب الله ربهم وسنة نبيهم محمد - عليه أفضل الصلاة والسلام - فقد استشعروا من خلال النصوص القرآنية والاحاديث النبوية الخير العظيم في الإصلاح بين الناس، ونشر ثقافة التسامح مما اقتضى تشكيل اللجان المتخصصة بشؤون اصلاح ذات البين في كافة مناطق ومحافظات المملكة، بموجب الأوامر الملكية السامية التي تنظم إنشاء تلك اللجان وترسم أهدافها وتحدد مهامها وآلية أعمالها. حيث صدر أمر والدكم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز (رحمه الله)، عندما كان ولياً للعهد ووزيراً للداخلية في 15/9/1425ه بإنشاء اللجنة العليا لإصلاح ذات البين بالمنطقة الشرقية برئاسة أمير المنطقة، وينضوي تحت مظلتها سبعة فروع في محافظات المنطقة، ومن ضمنها فرع لجنة اصلاح ذات البين بالدمام الذي أتشرف برئاسته، وعضوية نخبة من الأخيار المتطوعين من منسوبي الأجهزة الحكومية وغيرهم من الداعمين والمتعاونين من أبناء هذه المنطقة الغالية على قلوبنا. وقد قام تشكيل هذه اللجنة من خلال رؤية عامة وهي نشر ثقافة التسامح بين الناس، وفضل العفو تنازلا لوجه الله تعالى أو صلحاً بعوض مالي والصفح، وكذلك رسالة خاصة وهي بذل مساعي الاصلاح في القضايا الخلافية التي تقع بين الناس بكافة صورها ووصفها، بما في ذلك قضايا الدم ما لم تكن فيها محاذير شرعية، وتكون منسجمة مع القيم والضوابط المحددة في النظام وتحقق رغبات المجتمع المشروعة مع أهداف اللجنة التي تنحصر حالياً في الآتي: أولاً: السعي في تحقيق العفو عن المحكوم عليهم بالقصاص؛ مما يسوغ التدخل في العفو عنهم شرعاً ونظاماً. ثانياً: الإصلاح في قضايا الخلافات والمنازعات في المجتمع بأنواعها، وخاصة فيما يتعلق بالخلافات الزوجية والأسرية - وعقوق الوالدين – قضايا الفصل – والعنف الأسري وجميع الخصومات والمشاحنات التي تنشأ بين أفراد المجتمع. ثالثاً: إن تكون المساعي مبذولة لأطراف الخلاف من سعوديين ومقيمين على أرض هذه البلاد الطيبة. وتقوم اللجنة بتنفيذ الدور المنوط بها، من خلال آلية عمل محدودة وفق خطة عمل يضعها رئيس اللجنة وأعضائها للقضايا التي ترد اللجنة من القنوات التالية: * القضايا التي تحال من سمو أمير المنطقة أو وكيل الإمارة. -القضايا التي تحال من فضيلة الأمين العام للجنة العليا أو من فضيلة مساعده. * القضايا التي تحال إلى اللجنة من المحاكم الشرعية والسجون ودار الملاحظة وغيرها من الدوائر الحكومية والأهلية والخيرية. * القضايا التي يتقدم بها أصحابها إلى اللجنة مباشرة أو من ينوب عنهم شرعاً. حيث يشترط لبذل المساعي في تلك القضايا وعلاجها أن تكون من القضايا الواضحة التي تنسجم مع الضوابط الشرعية، التي تجيز السعي فيها وموافقة رئيس اللجنة العليا على ذلك، وفي قضايا القتل ألَّا تكون من قضايا الحدود أو صدر فيها أمر سامٍ، يمنع السعي فيها لاقترانها بإفساد أو غيلة أو مخدر أو انتهاك للأعراض وسلامة سلوك القاتل وحسن سيرته قبل الفعل وبعده. كما أن ولاة الأمر في هذه البلاد - حفظهم الله - دائما ما يؤكدون على أن صاحب الحق الخاص سلطان في حقه، فيجب استئذانه في طلب العفو وعدم إكراهه عليه، بل حثه بالحسنى وتبصيره إلى فضل العفو وما فيه من خير كثير. وأضاف الشيخ أحمد العصيمي بقوله: لقد ورد إلى لجنة إصلاح ذات البين بالدمام حتى هذا اليوم مائة وسبع وأربعون قضية، وقضايا القتل منها ست وسبعون قضية، أنجزت اللجنة منها ستا وعشرين قضية بالتنازل عفواً لوجه الله، أو صلحاً بعوض مالي، وتم الاعتذار عن بعضها لعدم توفر شروط السعي فيها، وتتوزع باقي القضايا ما بين حوادث وديات وخلافات أسرية وخلافات عامة وقضايا ورثة وإعسار وخلافها. ولم تكن تتحقق هذه الانجازات للجنة إصلاح ذات البين بالدمام وغيرها من فروع اللجنة العليا، لو لم يكن سموكم الكريم الداعم الأول لها، والميسر لآليات عملها والمذلل لكل العقبات التي تعوق من مساعيها داخل المملكة وخارجها، وكذلك تعاون كافة الإدارات المعنية في الإمارة والأجهزة الحكومية والقطاع الخاص، والدعم من رجال الأعمال الوجهاء والمشايخ في كافة مناطق المملكة، فشكرا لكم يا سمو الأمير والشكر موصول للجميع. وشارك الشيخ دبيخي الدبيخي مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالدمام المكلف، والدكتور حسن العمري رئيس الجمعية الوطنية للتنمية البشرية بمداخلات أجاب عنها فضيلة الشيخ أحمد العصيمي. حضر المجلس صاحب السمو الأمير بدر بن محمد بن جلوي محافظ الاحساء، وسمو الأمير سعد بن تركي بن فهد بن جلوي وأمين المنطقة الشرقية المهندس فهد الجبير. ..وسموه يتلقى هدية تذكارية من رئيس اللجنة