استبعد الدكتور جون اسفيكياناكيس مدير عام وكبير الخبراء الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي حدوث أي تغيير في سياسة أسعار الفائدة لأنّ مؤسسة النقد العربي السعودي تسعى لتشجيع البنوك على توسيع نشاطها الائتماني، لكنه توقع في المقابل أنْ تُسجل أسعار فائدة اتفاقيات إعادة الشراء زيادة طفيفة بحلول عام 2012 أي عندما تقترب الأسواق كثيراً من وضعها الطبيعي. وأوضح اسفيكياناكيس أنه مع استمرار ارتفاع أسعار النفط منذ بداية العام الحالي فإن الأمر . ارتفاع أسعار النفط من بداية 2011 يُبشّر بانتعاش الاقتصادي السعودي .(اليوم) يُبشّر بانتعاش ملموس في النشاط الاقتصادي السعودي خلال العام الجاري، ومن المتوقع أنْ يرتفع معدّل النمو الإجمالي للناتج المحلي لأكبر مصدّر للنفط في العالم، بفضل التقاء ثلاثة عوامل رئيسة، هي: ارتفاع معدّل إنتاج النفط الخامّ والإنفاق العامّ السخي على المشروعات الإستراتيجية وارتفاع معدّل نمو القطاع الخاصّ. ومع أنّ الحكومة السعودية تحمّلت معظم أعباء تمويل المشروعات في العام الماضي، إلا أنّ القطاع الخاصّ بات مرشّحاً لتعزيز دوره، وإنْ كان بصورة تدريجية، في عملية إنعاش الاقتصاد المحلي خلال 2011، وتوقع الدكتور جون اسفيكياناكيس أن يستمر الانتعاش التدريجي للائتمان المصرفي وستخفّ حدّة الضغوط التضخّمية إجمالاً لكنّ معدّل التضخم العامّ سيظلّ عند مستويات تاريخية مرتفعة، كما أنّ المملكة ستُسجل فائضاً كبيراً مزدوجاً في الميزانية العامة والحساب الجاري، الأمر الذي سيُمكّنها من مواصلة تقليص الدين العام الداخلي ورفع قيمة صافي أصولها الخارجية، ويدعم هذه التوقعات المتفائلة الاعتقاد السائد بأنّ متوسط سعر برميل النفط سيتجاوز 85 دولاراً في العام الجاري. وخلافاً لعام 2008، حيث سجّلت أسعار النفط أعلى مستوى لها في التاريخ عندما ناهز سعر البرميل ال 150دولاراً، و سيُمثّل متوسط سعر برميل النفط الذي قد يفوق 85 دولاراً في العام الحالي، أعلى مستوى له خلال العقد الأخير. ليس هذا وحسب، بل إنّ معدّل إنتاج النفط مرشّح للارتفاع من 8.2 مليون برميل يومياً في عام 2010، إلى 8.55 مليون برميل يومياً في العام الجاري، علماً بأنّ هذا المعدّل سيكون أقل بكثير من المستوى الذي سجّله بين عاميّ 2004 و2008، وقدره 9.1 مليون برميل يومياً، بالتالي، ستواصل الحكومة السعودية اعتمادها على مواردها الضخمة ومشاركة القطاع الخاصّ المحلي لتحقيق النمو الاقتصادي المتصاعد. ومنذ اندلاع الأزمة المالية، اضطلعت الدولة السعودية بالدور الرئيسي في عملية دفع عجلة اقتصادها. وفي عام 2010،حيث سجّل معدّل نمو القطاع العامّ أعلى مستوى له في ثلاثة عشر عاماً وقدره 5.9 بالمائة فتجاوز بفارق كبير، معدّل نمو القطاع الخاصّ الذي بلغ 3.7 بالمائة . وفي الحقيقة، يُعدُّ الاعتماد على النمو الاقتصادي الذي تقوده الحكومة سياسةً غير قابلة للتطبيق على المدى البعيد. ويتوافر حالياً العديد من الأدلة التي تبرهن على اهتمام الدولة السعودية الشديد بعودة المستثمرين المحليّين والأجانب، إلى المشاركة الواسعة في الاقتصاد المحلي. لكنّ تحقيق هذه الغاية سيحتاج لبعض الوقت. ومن خلال ميزانية عام 2011، أعلنت الحكومة السعودية عن أضخم إنفاق عامّ في تاريخ المملكة، مع أنها خفّضت معدّل نمو هذا الإنفاق بهدف تقليص نسبة تجاوز الإنفاق العام الحقيقي للميزانية المعلنة، من جهة، ولدفْع شركات القطاع الخاصّ إلى العودة للمشاركة الفاعلة في توسيع الاقتصاد المحلي من جهة أخرى ، ومع أنّ معدّل نمو إجمالي الناتج المحلي للقطاع الخاصّ قد يرتفع إلى 4.2 بالمائة في العام الجاري وإلى 4.5 بالمائة في العام القادم، إلا أنّ هذه المستويات لا تزال دون تلك التي سُجّلت قبل اندلاع الأزمة المالية كما أنها لن تكفي من وجهة نظرنا، لتمكين القطاع الخاص من توفير فرص العمل الجديدة اللازمة لتقليص معدلات البطالة بشكل ملموس، أو لتخفيف العبء التوظيفي الكبير الذي تتحمله مؤسسات القطاع العام. وخلال الخطة الخمسيّة التي انتهت في عام 2008، بلغ المتوسّط السنوي لمعدّلات نمو إجمالي الناتج المحلي للقطاع الخاصّ 5.5 بالمائة ؛ لكنْ طبقاً لتقديراتنا، سيتراجع هذا المتوسط بين عاميّ 2009 و2013 إلى 4.2 بالمائة. لذا فإنّ الحكومة السعودية أمام التحدي المتمثّل بإعادة القطاع الخاصّ إلى ممارسة دوره الطبيعي في النمو الاقتصادي من خلال الشراكات العامّة الخاصّة، وعبر توسيع أنشطته بواسطة موارده الذاتية، ولا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة لزيادة نصيب المواطنين السعوديين من فرص العمل الجديدة التي يوفّرها القطاع الخاصّ المحلي. ففي عام 2009، مثّل المواطنون السعوديون 9.9 بالمائة فقط من إجمالي القوّة العاملة في هذا القطاع.ولا يزال القطاع العامّ طوق النجاة بالنسبة للسعوديين الراغبين في الانضمام إلى سوق العمل. ففي عام 2009، وظّف هذا القطاع 71,900 سعودياً إضافياً، بينما انخفض عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاصّ بواقع 147576 عاملاً. وطبقاً للبيانات الرسمية، وفّر القطاع الخاصّ 821177 وظيفة جديدة في عام 2009، لكنّه وسّع أنشطته معتمداً على العمالة الوافدة فقط؛ وهذا اتجاه مثير للقلق ولا بدّ من قلبه لصالح العمالة المحليّة.