سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المملكة نجحت خلال العام الجاري في تقليص حجم الدين العام المحلي إلى مستويات يمكن إدارتها بيسر الميزانية السعودية لعام 2010 تسعى لتعزيز نمو القطاع الخاص.. تقرير للبنك السعودي الفرنسي: (1-2)
قال تقرير أصدره البنك السعودي الفرنسي إن المملكة نجحت خلال العام الجاري في تقليص حجم الدين العام المحلي إلى مستويات يمكن إدارتها بيسر، إذ يبلغ حجم هذا الدين حالياً 225 مليار ريال، ما يمثّل انخفاضاً نسبياً قدره 5% مقارنةً بمستويات عام 2008، ليبلغ حوالي 60% من إجمالي حجمه في عام 2002، الذي شهد بداية طفرة أسعار النفط التي استمرّت حتى منتصف عام 2008. وأوضح التقرير الذي أعده كل من الدكتور جون اسفيكياناكيس مدير عام وكبير الاقتصاديين البنك السعودي الفرنسي، وتركي بن عبدالعزيز الحقيل المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك السعودي الفرنسي أن الميزانية السعودية لعام 2010 تبعث برسالة واضحة إلى المستثمرين في القطاع الخاص مفادها أنّ المملكة ملتزمة بمواصلة برنامجها الإنفاقي التحفيزي من دون اللجوء لتمويل أيّ ديون، إذ تُخطط هذه الميزانية التي أُعلن عنها في 21 ديسمبر لزيادة حجم الإنفاق العام بنسبة 14 بالمائة خلال السنة المقبلة، ليصل بذلك إلى مستوى قياسي مرتفع قدره 540 مليار ريال. وبين التقرير أن الحكومة قد استمرت في سعيها لتعزيز عملية التعافي الاقتصادي على أمل تجاوب القطاع الخاص فأسعار النفط التي تراوح حالياً حول السبعين دولاراً للبرميل تمكّن المملكة، رغم الضغط المالي المحدود، من مواصلة خطتها الاستثمارية الخاصّة بقطاعيّ النفط والغاز القطاعات بارتياح كبير نسبياً في المدى المتوسط، بالإضافة إلى الارتقاء بمستوى التعليم وتطوير وصيانة البنى التحتية الضرورية لتلبية احتياجات السكان الذين هم في ازدياد مستمر. وقال التقرير: تتضمن ميزانية المملكة لعام 2010 إلى اعتماد 260 مليار ريال للمشاريع الاستثمارية بزيادة 16 بالمائة مقارنة بالعام الماضي، الأمر الذي يؤكد على استمرار التزام الحكومة بالإنفاق المرتفع بالرغم من توقعات حدوث عجز في الميزانية للسنة الثانية على التوالي ومن المتوقّع أنْ تؤدي هذه الخطوات إلى مشاركة أكبر للقطاع الخاصّ وأنْ تساهم، في النهاية، في إيجاد المزيد من فرص العمل. وتتوقّع ميزانية عام 2010 عجزاً في إيرادات المملكة قدره 70 مليار ريال، وهو أكثر من توقعات عام 2009 على عوائد بلغت 470 مليار ريال، وهذا يشير إلى أنّ الحكومة حدّدت الميزانية على أساس اعتبار أنّ معدّل سعر برميل الخام السعودي هو 44 دولاراً (وسعر 48 دولارا لبرميل مزيج غرب تكساس) على أن يكون الإنتاج 8.5 ملايين برميل في اليوم، وتخطّط الحكومة السعودية لزيادات كبيرة في مستويات إنفاقها في القطاعات الرئيسية؛ إذ ارتفعت اعتمادات الميزانية لقطاعات التعليم بنسبة 13%، والصحة والخدمات الاجتماعية بنسبة 51% وللمواصلات والاتصالات بنسبة 63% وللمياه والزراعة والبنية التحتية بنسبة 30%. وبوجه عام، ستتمتع المملكة بهامش واسع للمناورة على صعيد ميزانيتها خلال العقد القادم لكنْ ثمّة بعض المخاطر المرتبطة باستمرار معدّلات الإنفاق المرتفعة، وسنُلقي الضوء على هذه المخاطر في سياق هذا التقرير عبر تحليل السيناريوهات المحتملة للميزانية السعودية في عاميّ 2015 و2020. وتُبرز هذه السيناريوهات مدى أهمية تنويع الاقتصاد وإيجاد فرص العمل في القطاع الخاصّ بالنسبة لنجاح الاقتصاد السعودي في المستقبل. أفضل بقليل من المتوقع في عام 2009 بعدما توقّعت تسجيل أول عجز في ميزانيتها منذ عام 2002، وقدّرته ب65 مليار ريال، خرجت الحكومة السعودية من عام 2009، بعجز أقل قدره 45 مليار ريال بفضل ارتفاع أسعار النّفط خلال الجزء الأخير من السنة، وعندما أعلنت المملكة عن ميزانيتها لعام 2009، في ديسمبر الماضي، كانت أسعار النفط تتأرجح عند مستويات متدنية لم تتجاوز الخمسة وثلاثين دولاراً للبرميل. في المقابل، ارتفعت أسعار النفط خلال الجزء الثاني من العام الجاري، كما نتوقّع أنْ يصل معدّلها الوسطي خلال هذا العام إلى 62 دولاراً للبرميل، وبفضل ارتفاع أسعار النفط، تمكّنت المملكة من تحقيق عائدات نفطية قدرها 505 مليارات ريال أي 23% زيادة على التوقعات السابقة مع تقديراتها السابقة بتحقيق 410 مليارات ريال فقط. أما بالنسبة لعام 2010، فإن توقّعاتنا متحفّظة بالمقارنة مع التوقعات الأخرى، إذ نتنبّأ بأن متوسّط سعر برميل مزيج غرب تكساس سيبلغ سبعين دولاراً فقط. تركي الحقيل لقد تبين أنّ حجم العجز جاء أكبر من المستوى الذي توقعناه وهو تحقيق فائض يبلغ 2.3 مليار ريال، ويرجع ذلك إلى توقعاتنا الأعلى للعوائد والتي قدرت بنحو 581 مليار ريال وذلك بفرق بلغ 15%، كما توقعنا أن يصل الإنفاق إلى 579 مليار ريال عام 2009 عندما صرفت الحكومة مليارات الريالات على خطتها لدعم الاقتصاد خلال الأزمة المالية لتجنب الركود الاقتصادي. وسحبت المملكة جزءاً من أصولها الخارجية، لدعم مختلف قطاعات اقتصادها، وبالرغم من تراجع هذا التوجه في وقت لاحق من العام. وفي أكتوبر ارتفعت الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي بنسبة 2.26% ولكنها كانت أقل بنسبة 11.2% عن المستوى الذي حققته في ديسمبر من العام الماضي. لقد أعطت خطط الإنفاق السعودية الأولوية للتحسينات النوعية في قطاع التعليم والبنية الاجتماعية والتحتية خلال السنوات القليلة الماضية. وفي عام 2009 ارتفعت ميزانية التعليم بنحو 17% لتصل إلى 121.9 مليار ريال، حيث كانت المملكة تبني أكثر من مدرستين كمعدل في اليوم الواحد مع وجود خطط لبناء المزيد في العام القادم. ونجحت المملكة خلال العام الجاري في تقليص حجم الدين العام المحلي إلى مستويات يمكن إدارتها بيسر، إذ يبلغ حجم هذا الدين حالياً 225 مليار ريال، ما يمثّل انخفاضاً نسبياً قدره 5% مقارنةً بمستويات عام 2008، ليبلغ حوالي 60% من إجمالي حجمه في عام 2002، الذي شهد بداية طفرة أسعار النفط التي استمرّت حتى منتصف عام 2008. وتُعدّ نسبة الدين المحلي للمملكة إلى إجمالي الناتج المحلي 16.3% في العام الجاري من أدنى النسب في مجموعة الدول العشرين. ونتوقع أنْ تنخفض هذه النسبة إلى 13.8% بحلول عام في 2010، مع أنها تسجّل أرقاماً مرتفعة حتى في الأسواق المتقدمة بسبب الأزمة المالية العالمية. وسينجم هذا الانخفاض عن ارتفاع إجمالي الناتج المحلي والتراجع الصغير في صافي الدين العام، وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أنّ نسبة الدين العام المحلي إلى إجمالي الناتج المحلي في الولايات المتّحدة سترتفع إلى 70% في عام 2010، بعدما بلغت 62% في العام الجاري. كما أنّ نسبة الدين العام المحلي إلى إجمالي الناتج المحلي في عدد من دول الخليج العربية الأخرى أعلى بكثير منها في المملكة. ومع أنّ المستويات المرتفعة للدين العام المحلي لا تخدم سلامة الوضع المالي، إلا أنها تُبرز الحاجة إلى إصدار سندات حكومية طويلة الأجل؛ وهي أداة مهمة لتطوير سوقيّ الائتمان والمال، فالسندات الحكومية التي تستحق في فترات تتراوح ما بين سبع وعشر سنوات تثبّت السعر المرجعي المحلي للفائدة، الذي يعدُّ ضرورياً لتطوير سوق قويّة لسندات الشركات الخاصّة، لأنّ مستثمري القطاعيْن العام والخاص ينفذّون حالياً مشروعات طويلة الأمد في البنى التحتية والمرافق. ويساعد ثبات سعر الفائدة المرجعي المحلي في ضمان استقرار قيَم السندات وقد يُمكّن الشركات التي تُصدِر سندات من تلافي تقييم سنداتها، على أساس اللوائح الأمريكية. ولتحفيز أسواق السندات المحلية، أصدر العديد من الدول سندات حكومية طويلة الأجل حتى في حال عدم حاجتها لإيرادات تلك السندات. فعندما يُثبَّت سعر الفائدة المرجعي المحلي، تصبح الشركات والبنوك قادرة على الاقتراض بفاعلية أكبر وتزدهر أسواق المال، كما تظهر ثقافة تبادلية محلية قوية، بالإضافة إلى إتاحة المزيد من أدوات إدارة السيولة أمام البنوك. ولا بدّ من البدء بتطوير هذه الثقافة، مع أنه سيستغرق بعض الوقت. رغم الركود الاقتصادي العالمي، بدا الحساب الجاري أيضاً قوياً خلال عام 2009. فقد سجّلت المملكة فائضاً في الحساب الجاري قدره 76.7 مليار ريال، وهو أعلى من المستوى الذي توقعناه وقدره 12.8 مليار ريال. ومع أنّ هذا الفائض أقل بكثير من المستوى القياسي المرتفع الذي سجّلته المملكة في عام 2008، والبالغ 496 مليار ريال؛ إلا أنها استطاعت تفادي العجز في حسابها الجاري بفضل عائداتها النفطية المرتفعة خلال الجزء الأخير من السنة، بالإضافة إلى انخفاض تكاليف الواردات بسبب تراجع أسعارها وضعف الطلب عليها. وبلغت قيمة الصادرات السعودية نحو 691.6 مليار ريال وذلك بناء على تقارير وزارة المالية، أي بانخفاض قدره 41% عن مستويات 2008. كما تراجعت الواردات بنسبة 21% لتصل إلى 301.3 مليار ريال وهو أقل بقليل من توقعاتنا والتي كانت 333.308 مليار ريال أضف أن ذلك يشكل أكبر تراجع في سنة واحدة خلال خمس عشرة سنة. ولقد نما الاقتصاد السعودي بنسبة 0.15% في عام 2009، طبقاً لتقديرات وزارة المالية الواردة في وثيقة الميزانية؛ وهو أعلى من نسبة الانكماش التي توقعناها وهي 0.9%، ويُعزى ذلك بالدرجة الأولى إلى تراجع عائدات النفط، كنتيجة محتملة للاستثمارات الضخمة في قطاعي النفط والغاز في إطار التزام الحكومة باستثمار 130 مليار دولار لزيادة الإنتاج في السنوات الخمس القادمة، بالإضافة تباطؤ القطاع غير النفطي. ومن وجهة نظرنا، سينمو الاقتصاد السعودي بنسبة 4% في عام 2010، لأنّ معدلات إقراض القطاع الخاصّ بدأت تعود إلى مستوياتها الطبيعية ولأنّ الإنفاق العام السخي سيُحفّز الاقتصاد. إجمالي الناتج المحلي جاء متوافقاً مع توقعاتنا. فقد ارتفع القطاع غير النفطي بنسبة 3% بما في ذلك زيادة 4% في القطاع الحكومي (مقابل توقعاتنا التي كانت 3.8%) وزيادة بنسبة 2.5% في القطاع الخاص. أما قطاع المواصلات والاتصالات فشهد نموا أسرع بلغ 6% وحوالي 3.9% نمواً في قطاع الإنشاءات. وأضاف التقرير "نرى أن الاقتصاد السعودي سينمو بنسبة 4% خلال عام 2010 لأن قروض القطاع الخاص ستشهد تعافياً ملحوظاً وبسبب الخطة الحكومية لتحفيز الاقتصاد. وغاب الاهتمام بالتضخم في عام 2009، لأنّ معدله البالغ 4% أقل بكثير من المستوى القياسي المرتفع الذي سجّله في عام 2008، وقدره 9.9%. ومع ذلك، قد تؤدي الأسعار الناجمة عن نقص المساكن والارتفاع المطّرد في تكاليف الواردات إلى إبقاء معدلات التضّخم، عند مستويات تاريخية مرتفعة في عام 2010. وجاء معدّل التضخم الحقيقي أقل من توقعاتنا في عام 2009، وهو 5.1%. أما بالنسبة للسنة المقبلة، فإننا نتوقّع أنْ ينخفض معدّل التضخم في المملكة إلى 4.6 بالمائة. السنة المقبلة: ميزانية تحفيزية تعتزم الحكومة السعودية الاستمرار أيضاً في دعم تعافي اقتصاد البلاد في عام 2010. وتمثّل ميزانية عام 2010، زيادة نسبية قدرها 13.7% في مستوى الإنفاق العام؛ إذ تبلغ 540 مليار ريال. وتخصص هذه الميزانية لتطوير التعليم وتنمية الموارد البشرية 137.6 مليار ريال بالمقارنة مع 121.9 مليار ريال في عام 2009. ومن المتوقّع أنْ تزداد الميزانية الدفاعية، حيث بلغت 154.8 مليار ريال خُصّص معظمها لتغطية الرواتب التي أُنفقت في الاقتصاد المحليّ وكان لها آثار مضاعفة واضحة. لقد ركّزت الحكومة السعوديّة على وضع برنامج للانفاق لخلق وظائف جديدة والحول دون دخول الاقتصاد في فترة ركود طويلة. وفيما يتعلّق بالميزانيات السعودية، هناك حقيقة قائمة وجديرة بالترحيب تتمثّل بأنّ الإنفاق نما بوتيرة أسرع بكثير من وتيرة نمو الإنفاق الجاري خلال السنوات الأخيرة. حيث تضاعف سبعة مرّات خلال الفترة بين 2000 – 2008، بينما نما الإنفاق الجاري في نفس الفترة بنسبة 79%. ويعكس هذا النمط الإنفاقي حرص الحكومة السعودية على تعزيز كفاءة وإنتاجية الاقتصاد الوطني على المدى البعيد. ومع أنه من المبكّر إصدار أي حكم نهائي على الإنفاق الرأسمالي الحكومي، إلا أنه ينبغي أنْ يترك آثاراً إيجابية ملموسة على إجمالي الناتج المحلي. وقد ارتفع حجم الإنفاق العام بأكثر من الضعف بين عاميّ 2000 و2009، كما نتوقّع أنْ يرتفع بأكثر من الضعف مجدّداً بحلول عام 2020. وسيعتمد هذا على معدلات توسيع الحكومة لميزانياتها خلال السنوات المقبلة، لكنْ ثمّة مخاطر حتميّة للانفاق العام المفرط بوتيرة أسرع مما ينبغي، فالحد الأدنى لمتوسط سعر النفط الذي يمكّن المملكة من وضع ميزانيات متوازنة يرتفع كلما ازداد عدد السكان الذين يحتاجون لرعاية الدولة، وكلما برزت الحاجة إلى مزيدٍ من البنى التحتية، إذ تخطط وزارة الكهرباء والماء السعودية وحدها لاستثمار 300 مليار ريال في توليد الكهرباء خلال السنوات العشر المقبلة لتلبية الطلب المحلي المتزايد الذي ينمو بمعدّل 8% سنوياً. وتشير التقديرات أيضاً إلى أنّ المملكة ستحتاج إلى استثمار قرابة مائتيّ مليار ريال حتى عام 2020، لتعزيز قدرتها على تحلية مياه البحر. وقد تحتاج المملكة في نفس الفترة أيضاً إلى استثمار مائتيّ مليار ريال إضافية في نظاميّ النظافة العامّة والصرف الصحي. ويُتوقع أن يزداد حجم الإنفاق العام السعودي في المدى المتوسط لأنّ المملكة تنفّذ برنامجاً استثمارياً خمسياً لتحفيز الاقتصاد تبلغ قيمته 400 مليار دولار، في الوقت الذي بدأ يتعافى فيه الاقتصاد العالمي من حالة الركود. لكنْ يبدو أنْ المملكة قد تخفف وتيرة نمو ميزانيتها خلال السنوات المقبلة لكيلا تُضطر إلى تقليصها، بعدما ازداد حجمها بأكثر من الضعف خلال السنوات الخمس الأخيرة. لا ريب في أنّ السنوات القليلة المقبلة ستشهد مستويات هائلة من الإنفاق العام الذي قد يساعد في دعم التوسيع المستدام للقطاع الخاصّ. هنا، يتمثل العامل الحاسم بحدوث الأثر الإيجابي المتوقع للانفاق العام على القطاع الخاصّ. إذ نعتقد أنّ معظم منافع هذا الإنفاق تقتصر حالياً على بضع شركات كبيرة تنشط في قطاعات محدّدة، ما يجعل من الصعب على الشركات الصغيرة والمتوسطة أنْ تستفيد من الأموال العامة التي تُضخّ في الاقتصاد المحلي. وقد بدأت الشراكات العامّة - الخاصّة تؤدي دوراً بارزاً في قطاع الماء؛ وهذا أمرٌ مشجّع. لكنّ الآثار الإيجابية المضاعفة للانفاق العام السخي على القطاع الخاصّ لا يمكن أن تظهر إلا إذا تعزّزت مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة، في مجمل الاقتصاد الوطني.