نعيشُ هذهِ الأيامَ الأيام الأولى لرحيلِ القائدِ العظيمِ والحاكم الحكيم الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله رحمة واسعة - فقدْ بدأَ - رحمَهُ اللهُ - مسيرةَ العطاءِ منذُ الوهلةِ الأُولَى لتولِّيهِ الحكم في بلادنا سيخلد التاريخُ ذكْرَهُ قائدًا إنسانيًّا وحكيمًا فِي العصرِ الحديثِ، وأبًا حنونًا، وعطوفا ورحيما بشعبه ومواطنيه وللغريبِ والبعيدِ، فكَمْ اسمتع لصاحب حاجة ولبى طلبه وساعدَ مِنَ الفقراءِ وعطفَ علَى المساكينِ والأيتام، وقضَى حاجاتِ الضعفاءِ ورأف بالشيخ العاجز الكبير واستمع إليه وأجلسه بجانبه، قال رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:« مَنْ كَانَ فِى حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِى حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» إنَّ مآثرَ الملك عبدالله - رحمَهُ اللهُ - كثيرةٌ لا تعد وخصاله حميدة وجليلة، اهتمَّ - رحمه الله - بجميعِ جوانبِ الحياةِ، فعملَ علَى بناءِ المؤسساتِ التعليمية فِي كلِّ مراحلِهَا لا سيما التعليم العالي لتنشئةِ جيلٍ يحافظُ علَى نَهضةِ الوطنِ ورفعتِهِ، فاستحَقَّ بذلكَ صلاةَ اللهِ وملائكتِهِ وأهلِ السمواتِ والأرضِ، كمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِى جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ » وحرصَ علَى أنْ تنالَ المرأةُ حظَّهَا مِنَ التعليمِ وتتمتعَ بكافةِ حقوقِهَا فِي جميعِ المجالاتِ فأفسحَ لهَا ميادينَ العملِ المختلفةَ. وشهدت جميع مدن المملكة وقراها في عهده المبارك تطورا ملحوظا في جميع المشاريع التنموية اللافتة للنظر، وأمر بتوسيع شبكات الطرق بين مدن المملكة. إنَّ كلَّ إنجازٍ فِي بلادنا يشهدُ للملك عبدالله بالخيرِ والعطاء،ِ فقَدْ كانَ حريصًا علَى حياةِ الناسِ وأرواحِهِمْ وسلامَةِ أبدانِهِمْ، فتوسع في بناء وإنشاء المستشفياتِ العامة والتخصصية وأمر بإنشاء المراكز الصحية فِي كلِّ مكانٍ. إنَّ عطاءَ الملك عبدالله لَمْ يقتصرْ علَى بلادنا وحدهَا، بلِ امتدَّتْ أيادِيهِ البيضاءُ لكلِّ بقاعِ الأرضِ فأنشأَ صُرُوحًا علميةً ومناراتٍ ثقافيةً، ومؤسساتٍ صحيةً، وبذلَ المساعداتِ الإنسانيةَ التِي ساهمَتْ فِي تخفيفِ آلامِ المنكوبينَ، وقضاءِ حاجاتِ المستحقينَ دونَ تمييزٍ بيْنَ مسلمٍ وغيرِ مسلمٍ، فكانَ محلَّ تقديرٍ عالميٍّ، حيثُ تمَّ اختيارُهُ - رحمهُ اللهُ - مِنْ أبرزِ الشخصياتِ العالميةِ الإنسانيةِ، فله منا الدعاء، ولقَدْ منَّ اللهُ تباركَ وتعالَى علينَا بعد رحيله بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي العهد، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي ولي العهد، فنبايعهم على السمع والطاعة في العسر واليسر وفي المنشط والمكره وأثرة علينا، إن من واجبنا في الدين أن نشكر الله تعالى على نعمة الحاكم، فنجتهد في تعظيم أمره، ونحافظ على إعزاز شأنه، وقد دعانا الإسلام إلى إكرام الحاكم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في مسند الإمام أحمد: «من أكرم سلطان الله فى الدنيا أكرمه الله يوم القيامة» فالحاكم نعمة، يحرس به الدين، وتحفظ به الأموال، وتحقن به الدماء، وتصان به الأعراض، وتجتمع على رأيه الكلمة، وتتحد تحت رايته الصفوف، فتحيا بوجوده البلاد، وتنتظم على إدارته مصالح العباد، ويدوم الاستقرار وينمو، ويقوم به الحق، فاللَّهُمَّ ارْحَم الملك عبدالله بن عبدالعزيز وملوك البلاد السابقين الذينَ انتقلُوا إلَى رحمتِكَ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْهُم مُنْزَلاً مُبَارَكًا، وأَفِضْ عَلَيْهِم مِنْ رَحَمَاتِكَ وَعفوك وغفرانك، وَاجْعَلْ مَا قَدَّموا فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِهِم يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وارحم اللهم موتانا وسائر موتى المسلمين، ووَفِّقْ اللهم وَلِيَّ أَمْرِنَا الملك سلمان بن عبدالعزيز وَنَائِبَيه لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاه، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة التقية يارب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. * إمام وخطيب جامع بلدة الجشة بالأحساء