يواصل اليورو تراجعه مقابل الدولار الأمريكي، وفقد 14% من قيمته على مدار العام الماضي إلى 1.17 في الرابع عشر من يناير، وهو المستوى الأدنى على مدار أكثر من عشر سنوات، في الوقت الذي يحاول فيه رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي تجنب حرب عملات، إلا أن تراجع العملة الموحدة يعد أمراً إيجابياً لإنعاش الاقتصاد، وسلط موقع «بيزنس ويك» الضوء على هذا الأمر. وتمثل صادرات أوروبا نصف الناتج المحلي الإجمالي تقريباً مقارنةً بالخُمس في كل من الولاياتالمتحدة واليابان، ويمكن أن يُسهم هبوط اليورو في زيادة تنافسية السلع الأوروبية على الصعيدين المحلي والعالمي، بالإضافة لدعم النمو والتضخم. ويوضح النموذج الأوروبي أن تراجع قيمة اليورو بنسبة 5% مقابل الدولار ربما يتسبب في دفع النمو الاقتصادي بنسبة 0.3% ورفع التضخم بنسبة 0.5%، وهو ما يعد أمراً إيجابياً، فيما يتوقع المركزي الأوروبي نمواً بنسبة 1% هذا العام وثبات التضخم عند 0.7%. ووفقاً لبيانات اقتصادية صادرة نهاية عام 2014، وقعت منطقة اليورو تحت براثن الانكماش بعد أن سجلت أسعار المستهلكين قراءة سالبة للمرة الأولى في خمس سنوات ليبقى معدل التضخم دون المستهدف من جانب البنك المركزي عند 2%، وتشير التوقعات إلى استمرار التراجع هذا العام. وتشير توقعات مسح أجرته وكالة «بلومبرج» إلى أن اليورو سوف يواصل الهبوط مقابل الدولار خلال عام 2015، كما توقع بنك «جولدمان ساكس» بلوغ العملة الموحدة لمستوى التعادل مقابل نظيرتها الأمريكية بحلول نهاية العام المقبل، كما يراهن المستثمرون على أن مخاطر الانكماش سوف تُجبر دراجي على توسيع نطاق برنامج التيسير الكمي، وهو ما يزيد من تراجع قيمة اليورو. ومع ذلك، ربما لا يكون ضعف قيمة اليورو كافياً لتسريع عجلة النمو بالمنطقة؛ نظراً لأن أغلب التجارة الأوروبية تجري بين الدول وبعضها البعض، كما أن 45% من صادرات منطقة اليورو لا تغادرها. من ناحية أخرى، يمكن أن يتسبب التباطؤ في النمو الاقتصادي بالصين واليابان في تقويض الطلب الأجنبي على السلع الأوروبية في ظل جهود هاتين الدولتين في إضعاف عملتيهما، ويمثل ذلك مشكلة لمنطقة اليورو التي تسعى لتعزيز تنافسية صادراتها. ومن الممكن أن تكون سياسة إضعاف العملة الموحدة هي الأداة المثلى في جعبة رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي نظراً لأن توسيع التيسير الكمي ربما لا يكون كافياً لإنعاش الاقتصاد، نظراً لأن الشركات الأوروبية سوف تكون مترددة في زيادة الاستثمار والتوظيف حتى تحسن الطلب، وفي ضوء ذلك، تكون سياسة إضعاف العملة الموحدة هي التي تجدي نفعاً على ما يبدو في منطقة اليورو.