القصاص فيه عبرة، وساحة القصاص فيها رهبة. وتشريع الإسلام للقصاص لم يكن عبثا أو دون معنى. وما يحدث لدينا من قصاص على من تم الحكم عليهم بعد التأكد وثبوت الأدلة ضدهم، فيتم تنفيذ القصاص علنا على الملأ وبشفافية، ويتم ذكر سبب تنفيذ الحد، واسم من يتم القصاص منه. وفي الوقت الحالي، ومع تطور وسائل الاتصال المرئي والمسموع، فلا تمضي فترة من الزمن إلا ويقوم إنسان لا يعرف مسؤولية وتبعات تصوير ما يجري في ساحة القصاص، ويسجل أحداث ما يجري وينشرها على الملأ، دون أن يعي بأن ما يحدث في ساحة القصاص هو إقامة حد؛ للعبرة وليس للفرجة. وعند انتشار أي مقطع، يقوم من يتربص بالإسلام ليوجه سهامه، ليس لأنه ضد ما يتم في ساحة القصاص أو عدم إيمانه بالقصاص، ولكن لكي يقوم بتشويه ما يجري. ويصل الأمر أحيانا إلى قيام البعض بتشويه الحدث، عبر وضع تعليقات غير صحيحة البتة، ولا تخدم الإسلام. وهناك الكثير مما يتم كتابته فيما يخص العقاب؛ لتشويه الواقع وتحريف أسباب العقاب أو القصاص، رغم أن العقاب أو القصاص وضع لحماية المجتمع من الشرور. بل انه من المعروف أن الكثير في دول غربية، يرون أنه لا بد وأن يكون لكل جريمة عقاب. وقبل فترة من الزمن، تم الإعلان عن احتمال تغيير آلية وأسلوب تنفيذ القصاص، والتي في الواقع لا تتعارض مع الشرع. فالإسلام صالح لكل زمان ومكان. ولهذا من الممكن أن يتم تغيير بعض ما يخص آلية التنفيذ، أو مكان تنفيذ العقاب، وخاصة القصاص، ولو للبعض منهم، وبحسب اختلاف نوع الجريمة أو مدى بشاعتها. والقصاص يتم لكي يراه العامة، ولكن في وقتنا الحالي، بدأ يراه العالم الذي ينظر إليه بنظرة مختلفة، رغم أن ما يجري في ساحة القصاص هو قصاص لحماية المجتمع. ولكن في بعض الأحيان، تم تداول مقاطع رآها كثيرون في أقاصي الأرض ممن يعيش في مجتمع مختلف في العادات والدين وأسلوب الحياة. وصحيح أن تطبيق القصاص لدينا سيتم لأنه شرع الله، ولا يهمنا رأي العالم الخارجي ما دمنا نطبق الشرع، ولكن لا أعرف هل من الممكن من الناحية الدينية أن يتم القصاص باستخدام طريقة مختلفة، أو حتى إعطاء نوع من المهدئات المخدرة للمحكوم عليه بالقصاص، وخاصة لمن لم تكن نيته الترصد والقتل. وأيضا ماذا لو تم تنفيذ القصاص في مكان غير الساحات العامة، ولكن في أماكن محددة، سواء أكان داخل السجن أو في محيطه، وسيحضره جزء من المجتمع. ولاستمرار الشفافية، فيتم الإعلان عن تنفيذ القصاص كما هو متبع. وختاما، فهذه سطور قليلة لشيء من الممكن النظر إليه من الناحية الشرعية؛ لكي لا يتم استغلال ما يجري في ساحة القصاص لتسويق أفكار عن الإسلام السمح عن طريق ضعاف النفوس، سواء أكان عن قصد أو عن جهالة.