اقترح على واضعي أسئلة امتحانات نصف العام الدراسي التي يستعد ملايين الطلبة والطالبات لدخولها قريباً أن يكتفوا بسؤال واحد فقط لكل المراحل ولكل المواد هو كيف وصل طفلا الشرقية الهاربان من المدرسة إلى الرياض، السؤال محير ويمكن صياغته لمادة التعبير لاستنتاج أدبيات القصة ومؤثراتها النفسية والاجتماعية، كذلك في مادة الجغرافيا لقياس المسافة والتضاريس بين المنطقتين، كما يمكن صياغته رياضياً للبحث عن المجهول في هذه المعادلة الجديدة، وفي الفيزياء لمعرفة هذه النظرية التي كشف خلالها الطفلان معطيات جديدة في طبيعة نظامي التعليم والنقل في بلادنا؛ كذلك يصلح السؤال في امتحانات علم الإدارة لقياس نظام الرقابة وتحديد المسئوليات؛ أيضاً يصلح السؤال لقياسات علم النفس وزميله علم الاجتماع لتحليل نفسيات أسرتي الطفلين وظروفهما ودوافع هذا الهروب المبكر لحديثي السن وحتى النقد والبلاغة والأدب والقواعد فربما يُمتحن الطلبة في كتابة قصيدة عن الحدث أو استخلاص قواعد اللغة مثل ظرفي الزمان والمكان والنعت والحال والمبتدأ والخبر في قصة الطفلين المحيرة، وحتى لا نفاجأ يوماً بأطفالنا في تبوك أو الخرخير أو حتى خارج حدود الوطن فيجب أن لا تمر الحادثة مرور الكرام وان تشبع الحالة دراسة وتمحيصاً في كل المستويات لمعرفة جوانبها ومسبباتها ولمنع تكرارها، فنحن في مرحلة يحظى فيها التعليم العام في المملكة بجهود تطوير واسعة «مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم» والذي يهتم بتجويد المخرجات وتأهيل العاملين عليها بمستوى متقدم من المهارات والخبرات وإحداث تغييرات جوهرية في هذا القطاع الذي يؤمل أن يؤهل أجيال بلادنا لمستقبل واعد نجنى منه الخير لبلادنا وأمتنا، فهروب الطفلين مسألة محيرة تطرح جملة أسئلة تفرض على الجهات المعنية تحليلها بدقة، كما تفرض على المعلمين والمعلمات فهم حقيقة ما صرح به سمو وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل حين قال: « لا مكان بعد اليوم لمن ينظر لمهنة التعليم بأنها مجرد مصدر رزق سهل» فقد كان سموه يوجه رسالة موجزة للمعلمين والمعلمات للعمل على تجويد قدراتهم والتفاعل مع المهنة وفق ما يجب أن تكون عليه شخصية المعلم وقدراته، كما أنها تضع اليد على الجرح مباشرة وتبشر بمرحلة جادة ومحاسبة عملية فاعلة لا تتسم بالمظهر والعبارات فقط، كان الله في عون القائمين على التعليم في بلادنا وكان الله في عوننا جميعاً كأولياء أمور ونحن نأمن على فلذات أكبادنا في مدارسهم وبين معلميهم؛ واستعيد هنا ذكريات مدير عام التربية والتعليم الدكتور عبدالرحمن المديرس وهو الصوت المنادي دائماً بالجودة وبتطبيقها لأتمنى معه صورة أجمل لتعليمنا في كل جوانبه؛ أيضاً المسئولية في حالة هروب الطفلين تطال مؤسسة السكة الحديد فربما يمر عبر بواباتها ما هو أخطر. *كاتب وإعلامي سعودي