يوجد مواطنون واعون ومطلعون أضحوا يعلمون بأدق تفاصيل الأمور وما خلف (خلف) الكواليس, وهنالكم قضية تحولت حالتها من حق مطلوب, إلى أمل منشود, ثم إلى حلم مفقود, ومن أذهاننا شبه ألغيناه وجعلناه وهماً مطروداً, فالسكن للمواطن في مملكة تعادل مساحة قارة أصبحت حلقة مفرغة استغلها التجار والسماسرة , من خلال ما يكتنفها عرفنا عدونا من صديقنا, ومن معنا ومن ضدنا, وحتى العمالة غير النظامية أخذت حصتها من القصعة وأصبحت تتلاعب بنا وتتحكم في عقاراتنا وأراضينا وتحدد منتهى تنقلاتنا وأماكن استئجارنا عبر حصارها المنظم والخانق لنا. فكم من مرة تم إلغاء أكثر من عقد قران بسبب شرط سكن منفرد للزوجة, وقد حضرت أحدها حينما قال الأب : إن ولده ببداية حياته ولا يقدر على امتلاك أو استئجار مسكن تحت لهيب الإيجارات واستحالة الشراء, فرد والد الفتاة بألا مشكلة لديه بنصب خيمة لها بأي مكان! فاحتدم النقاش برد الأب المنطقي، حيث قال : نحن لسنا بوقت أجدادنا ! نحن بزمن إذا نصبت خيمة في أي أرض فناء أتتك البلدية واقتلعت خيمتك بمن فيها, وتطور جدالهما إلى أن انتهى بإلغاء عقد القران بسبب أزمة الإسكان التي سببت الكثير من الحرمان..! نعم يا سادة نحن بزمن إذا وقف أحد ما أحياناً بجوار رصيف في منتصف الليل أتت بجواره الشرطة أو أي جهة أمنية لتحقق معه وحُقّ لها ذلك, نحن بزمن أصبحت كل الدول تبيع فيه قطع الأرض وما فوق الأرض من ثرى, وتبيع ما تحت الأرض من نفط وغاز وحديد ومعادن نفيسة كلها من خيرات الأرض التي (خلقها الله) لأهل الأرض, والتي استعصى على بعض من مسئولينا أن يهيئوا لمواطنيهم وعلى وجه السرعة امتلاك أراضٍ ومساكن. فبدلاً من أن يقال: سمعاً وطاعة إذا بهم يذيبون مباشرة أمر قائدنا بمسمع منه مقترحين تقنين مساحة الأرض للمواطن إلى 400 متر فقط تعتبر قطرة في بحر.! وهناك من استكثروا حتى ال «400» متر على المواطن. لقد أغرقونا في فلسفة تنظيرهم وجعلوا المواطنين يستمرون في الإبحار في خيالهم, وكما تعود قلمي على عدم معرفته المجاملة وحجب الحقيقة فأقولها بكل وضوح وصراحة : إن من بيننا مسئولين (عديمي) مسؤولية تناسوا أنهم يوماً ما سيكونون مسؤولين أمام ربهم, فتزلفوا كثيراً وأغمضوا أعينهم عن الواقع, ورأوا أن مهمتهم تكمن في وضع الصعاب بدلاً من تذليلها, وعرقلة الطرق بدلاً من تمهيدها, وإيجاد العثرات كي لا يصل للمواطن سوى الفتات, غير آبهين بأن ذلك يوجد حالة من الحنق والامتعاض. إن كل وزير ومسئول هو (مرآة عاكسة) لرؤى وتطلعات قادتنا وكم شاهدنا حرص ولي أمرنا وهو يشد على أيدي وزرائه ويلزمهم بتحقيق تطلعاته عبر تلبية مطالب وحاجيات أبنائه المواطنين, بل إن كلماته لوزرائه في ساعة الإعلان عن ميزانية عام 2014م المنصرمة بها غاية التأثير والصدق وأجده أحكم قبضته من دائرة محاسبته لهم بربط عملهم بمحاسبة ربهم لهم. وما إعفاؤه مؤخراً وزراء إلا دليل على سعيه لدفع عجلة الأداء, وإن كان هناك من يتعمد ثني القرارات الملكية لمصالح شخصية لأي أحد، فعلى كل من علم بذلك ألا يستسلم للصمت ولتكن له رسالة اعتراض شجاعة عبر تقديم استقالته مع (ذكر الأسباب) قبل أن تقيله الأيام فهو بذلك برأ نفسه أمام ربه وولي أمره ومواطنيه .