أكد الدكتور مهنّد الشيخ، الرئيس التنفيذي لشركة آل سالم جونسون كنترولز، أن المملكة العربية السعودية ستنتقل إلى مصاف الدول المتقدّمة في كفاءة الطاقة، مشيرا الى أن استخدام العزل الحراري سيعمل على المساهمة في تقليص استهلاك الكهرباء وتقنين المصروفات ذات العلاقة وبالتّالي لن يؤثر على المستهلك في حال ارتفاع أسعار الطاقة الكهربائية كثيرا. وأشار الدكتور الشيخ في حوار مع «اليوم» الى أهميّة دور الدولة في القيام ببرامج ابتعاث للشباب السعودي للعمل في الشركات العالمية واكتساب الخبرة العملية، مبينا أن تلك البرامج ستعود على السوق السعودي بجيل من صناع القرار القادرين على تولي دفة القيادة في المشاريع الكبرى... إلى نص الحوار. هل لك أن تخبرنا بأهم التحديات التي تواجه الشباب الطامح لدخول عالم الأعمال؟ هناك حالة من عدم التوازن سائدة في سوق العمل السعودي مع كثرة العروض لذوي الكفاءة العالية، بالاضافة إلى أن قانون وزارة العمل، فيما يخص توطين الوظائف حيث أدّت مؤخراً الى حالة من التسارع لتعيين السعوديين امتثالا لقانون وزارة العمل، وبحجم هذا العدد الهائل من التعيينات، وأتاحت الفرص للتسرب الوظيفي الذي يضر بمصالح الشركات والأفراد والعاملين على المدي البعيد. وهذا التسرب يرجع إلى عدة عوامل تتمثل في: عدم وجود نموذج طموح يرتقي بالموظف من بدايات السلّم الوظيفي لقمة الهرم كما يحدث في الولاياتالمتحدةالامريكية، ويعود عدم وجود هذه النماذج إلى قلة الوعي لدى الشباب، وأخيرا غياب برامج التدريب والتطوير. واجتهدت بعض الشركات في اعتماد بعض البرامج التطويرية لكنها لم تصل للنموذج المطلوب، امّا عن آل سالم جونسون كنترولز فإننا نحرص على تحقيق هذا الهدف من خلال برنامج يتيح للشباب فرصة التأهل لكي يصل المتدرب الى منصب تنفيذي بعد مرور عدة أعوام. وبالرغم من كل التجهيزات، والدورات التدريبية التي تُمنح للموظف، تتفاجأ الشركات بتسرب هذا الشاب من العمل بمجرد حصوله على فرصة وظيفية أخرى براتب أعلى بغض النظر عن المؤهلات، بالإضافة الى عقبة عدم وجود نموذج يشرح للموظف أهمية البقاء في العمل على المدى الطويل وتحصيل عدد من الدورات التدريبية. ونجد أن الشاب الذي يعمل في المجال التنفيذي يأتي من خلفية تمثل النموذج وتكون البوصلة لتضعه على الطريق الصحيح وهذه النماذج الناجحة يندر وجودها الآن، لترسم للشباب الطريق بوضوح أو لتشارك تجربتها مع الشباب المنضم حديثا بالإضافة الى ميول الشباب الخريج سابقا الى العمل في القطاع الحكومي. أين تصنف مكامن القوة ومكامن الضعف في الاقتصاد السعودي؟ بمعزل عن قطاع صناعة النفط والذي يعتبر من أهم مكامن القوة في الاقتصاد السعودي، أعتقد أن تجربتنا في التصنيع تُعتبر من أهم التجارب. على سبيل المثال، الشريك المستثمر الأجنبي كانت لديه مخاوف من الاستثمار قبل 15 عاماً، فكان قرار المساهمين السعوديين إنشاء مصنع في جدة وهو من أكبر المصانع حالياً. بشراكة مجموعة شركات آل سالم مع شركة جونسون كنترولز العالمية وبسبب الثقة في الاقتصاد الوطني، ومن خلال مراقبة الاقتصاد السعودي، فنحن بصدد انشاء مصنع حديث بمساحة ضعف مساحة المصنع الحالي ومركز تدريب في الوادي الصناعي في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية. ونجد أنه في عام 2009 انخفضت أسعار البترول، وقررت الحكومة زيادة الانفاق ومع ذلك كان الوضع الاقتصادي ثابتا ومتينا. لا أعتقد ان التذبذب الحالي قد يؤثر بشكل كبير على ميزانية المملكة اذا ما قارنا انخفاض الدين المحلي والارتفاع الكبير في الاحتياطي المالي للدولة، كما أن الدين المحلي حاليا لا يتجاوز 2 %، بينما في التسعينيات كانت نسبة الدين 70 %. وأتوقع انخفاضا طفيفا في الحركة التجارية في الربع الأول لاستعادة عجلة النمو بقية السنة. تقدم شركتكم خدمات التبريد والتكييف، كيف تقيمون القرار الصادر مؤخراً بتطبيق العزل الحراري؟ وهل ترون له أثرا فعالا؟ مشكلة عدم وجود أنظمة العزل الحراري كان لها أثر كبير في هدر الطاقة ونحن كشركة مصنّعة لأجهزة التكييف والتبريد قد نستخدم ضِعف الطاقة المستخدمة في مبنى لا يطبق العزل الحراري. قانون العزل الحراري يساعد على توفير الطاقة وكذلك استخدام المنتجات ذات الجودة العالية فقط. نتوقع في المرحلة المقبلة، وبعد اكتمال تطبيق العزل الحراري، ستنخفض معدلات استهلاك الطاقة الكهربائية، ونتوقع ارتفاع رسوم الكهرباء بما يتماشى مع أسعار الطاقة العالمية مستقبلا. ومن المعروف ان نظام العزل الحراري يضمن توفير استهلاك الطاقة مما يحقق الاستدامة على المدى الطويل ويضمن الاستمرارية للموارد الطبيعية للأجيال القادمة. ومن الضروري ان يعي المستهلك أهمية تلك التغييرات لتحقيق الاستدامة. وهو ما يتوافق مع رؤية شركتنا المتمثّلة في تقديم حلول آمنة وتحقيق الاستدامة. بماذا تفسرون صمود السوق السعودي على الرغم من المتغيرات الاقتصادية والسياسية المحيطة والتي قد طالت أقرب الدول المجاورة؟ سياسة المملكة العربية السعودية المالية حكيمة جداً، بالنظر إلى الاستثمارات الخارجية نلاحظ أن كثيرا من الدول التي استثمرت خارج حدودها في عام 2004، ولم تنجرف المملكة لهذا النوع من الاستثمارات والتي أثرت سلبا على اقتصاديات الكثير من الدول خلال الأزمة المالية العالمية. وبالنظر الى الصرف الحكومي بين عامي 1994-2004 نجد أنه خلال تلك الفترة يعادل ما صرفته المملكة في سنة واحدة وهي 2004. ومنذ ذلك الوقت ونسبة الصرف في ارتفاع عاما تلو الآخر، هنا، الحكومة هيأت البلاد خاصة القطاع الخاص كي تتحقق الاستدامة والنمو على المدى الطويل. إذاً، سبب صمود السوق السعودي هو القواعد الصحيحة التي بُني عليها الاقتصاد، خاصة أن 80% من الاستثمارات برؤوس أموال محلية. وحقيقة المتابع لوضع المملكة يرى أن تغييرات جوهرية تمت في السنوات الماضية مما كان له أكبر الأثر على تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولذلك نحن متفائلون جدا بالحاضر والمستقبل. كيف تنظرون إلى وجود الاستثمار الأجنبي في السوق السعودي؟ المستثمر الأجنبي الناجح يحتاج دوما إلى شريك محلي ناجح يستطيع المشاركة في جزء من المخاطر. مع أن قوانين سوق العمل السعودي التي صدرت مؤخرا اعطت انطباعا للمستثمر الاجنبي ان البيئة لا تعتبر مشجعة للاستثمار، لكن بالنظر للأمور عن قرب ومع وجود الشريك المحلي الناجح يستطيع الشريك الأجنبي تجاوز الأزمات وفهم التغييرات في السوق وتحقيق عوائد استثمارية مشجعة تباشر شركتكم عددا من المشاريع التطويرية الكبرى، حدثنا عن أهمها؟ نحن بصدد إكمال عدد كبير من المشاريع في عدة قطاعات منها قطاع الصحة، ونجزم أن هذا القطاع سيشهد طفرة بسبب الخطط التنموية التي تعمل الحكومة على تطبيقها. بالإضافة الى قطاع التعليم العالي، حيث وقعت آل سالم جونسون كنترولز عددا من العقود لتزويد المدن الجامعية بأنظمة التكييف وكفاءة المباني والتحكم، كما وقّعت شركة آل سالم جونسون كنترولز اتفاقية لتوريد أجهزة التكييف لمشروع توسعة المسجد الحرام في مكة المكرّمة. ونعمل على تقديم نظام متكامل لإدارة المرافق يتضمن أحدث ما توصل إليه العلم في تقنيات التهوية والتكييف؛ لخدمة أضخم مشروع توسعة يشهده الحرم المكي الشريف في تاريخه. ويشمل العقد توريد 24 وحدة تكييف مركزية ذات ضواغط الطرد المركزي متعدد المراحل، ما يجعل من هذا المشروع واحداً من أكثر المرافق استدامة وكفاءة في استهلاك الطاقة على مستوى العالم. في الحقيقة تُعد هذه المعدات، والتي صُممت خصيصاً لتلبية متطلبات التوسعة في المسجد الحرام، عاملا قويا في خلق بيئة أكثر كفاءة واستدامة وتوفر مزيداً من الراحة للملايين من المصلين. وتبلغ طاقة التبريد الإجمالية لهذه الوحدات 160 ألف طن. من ناحية أخرى، نتطلع لإكمال مشروع مطار الملك عبدالعزيز ، حيث وقعت آل سالم جونسون كنترولز عقدا على توريد جميع أنظمة التكييف والأنظمة الأمنية لمشروع مطار الملك عبدالعزيز الجديد بجدة ليخدم عند اكتماله أكثر من 30 مليون مسافر سنوياً، كذلك نعمل على توريد الأنظمة الأمنية وأنظمة المراقبة المرئية لصالح المرحلة الأولى من مشروع تطوير مطار الملك عبدالعزيز بجدة. ما المعطيات التي يستوجب على الشركات الالتزام بها من أجل تحقيق التنافسية والاستدامة؟ نجاح أي شركة يعتمد على قائدها. القائد الذي يهتم بموظفيه، وبالتالي يهتم موظفوه بعملاء الشركة. نجاح أي شركة يحتاج إلى وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، إيجاد منتجات ذات جودة عالية بسعر مناسب، التطوير والبحث الدائم لإيجاد افضل المنتجات، وأخيرا التواجد الجغرافي بشكل يتماشى مع حركة السوق. في الواقع، نماذج الشباب المتواجد في السوق السعودي الآن هي فعلا نماذج ممتازة لديها الكثير من الطموح لكن ما ينقص الشاب السعودي هو الخبرة العملية. كما أسهمت البعثات التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -حفظه الله- بوجود جيل كامل يحمل شهادات عليا، لكن يفتقر هذا الجيل للتجربة العملية. وللأسف بيئة العمل غير محفزة لتطوير المهارات العملية. رسالتي للقائمين على برامج الابتعاث: ابتعاث الشباب للعمل في الشركات العالمية واكتساب الخبرة العملية كما شاهدنا تجربة الدول الإسكندنافية خلال 5 سنوات سيعود هؤلاء الشباب بخبرات عملية بالإضافة الى شهادات عالمية، مما يؤهل جيلا من صناع القرار الذي يحتاجهم السوق السعودي. أخيرا، نحتاج الى تطوير الموارد البشرية للشركات. مع الأسف ادارة الموارد البشرية في اغلب الشركات داخل المملكة تكاد تكون مغيبة، مع العلم أن النجاح المطلوب لن يتحقق إلا بوجود موارد بشرية قوية. معظم مجالس الإدارات لا تفهم أهمية قوة ادارة الموارد البشرية التي من شأنها تحقيق قوانين سوق العمل وفرض السعودة بشكل يتماشى مع قوانين السوق ولا يمس بمصالح الشركة. الاستثمار في طاقات الموارد البشرية هام جداً لرفع كفاءة الموظفين. هل هناك اتجاه من شركتكم لتدريب الشباب السعودي والاستثمار في طاقاتهم؟ شعارنا في الشركة هو: أنا أساعدك لتساعد نفسك في أي وقت وفي أي مكان. طرحنا الكثير من البرامج التدريبية بعضها عن بعد باستخدام الانترنت والبعض الآخر داخل مراكز التدريب في جدة حيث فوجئنا العام الماضي بشاب سعودي حصل على 200 شهادة من خلال التدريب عن بعد وكان مثالا يحتذى به لبقية موظفي الشركة. نعتمد على الدورات التدريبية والبرامج المؤهلة للموظفين في عملية الترقية، نحن لا نجبر الموظف على الانخراط بالدورة التدريبية، بل نقدم له الدورات التدريبية التي تساعده على الانتقال من مرحلة الى أخرى ودعم تنمية قدرات ومهارات موظفينا من السعوديين وتعزيز مسيراتهم المهنية، حيث نلتزم بمكانتنا كمنشأة رائدة في تقديم فرص التعلم لموظفينا وتدريبهم وفقاً لمعايير التميز العالمية. ومع إحرازنا نسبة توطين وصلت إلى 30 %، نعمل في آل سالم جونسون كنترولز على تأسيس قادة المستقبل عبر برامجنا ومبادراتنا المتنوعة؛ ومن أهمها: «برنامج القادة الشباب» الذي يهدف لاستقطاب وتوظيف الشباب السعودي من خريجي الجامعات السعودية والعالمية ممن يملكون الموهبة والمهارات القيادية والتي من شأنها أن تمكنهم من الارتقاء في سلم الوظائف القيادية في الشركة والمساهمة بشكلٍ فاعلٍ في نجاحها. ويسعى البرنامج بشكلٍ رئيسي لتزويد المشاركين فيه بفرص تطوير المهارات والقدرات التي تتطلبها أعمالهم، وتوسيع خبراتهم العملية عبر أساليب مختلفة والتي تتضمن التدوير الوظيفي، إسناد أعمال ومهام إضافية، إتاحة الفرصة لهم للعمل على المشاريع التطويرية، وتبادل المعرفة والخبرات مع الأشخاص ذوي الخبرة، والتوجيه والإرشاد والتي تزيد من فرص التعلم والتطوير المهني. يشهد السوق السعودي تغيرات كبيرة مثل قوانين العمل الجديدة، وكذلك برامج السعودة. ما تقييمكم لتلك البرامج وفاعليتها على الإنتاجية على المدى القريب والبعيد؟ نحن مع وزارة العمل في قراراتها 100 %، وقد بدأنا في تطبيق السعودة منذ عام 2010 بعد انضمامي لفريق العمل والعودة للمملكة تفاجأنا بنسبة البطالة العالية آنذاك والتي بلغت 2 مليون مواطن عاطل عن العمل. وعندما نظرنا الى معدل السعودة في الشركة، ولاحظنا ان النسبة متدنية جداً. كذلك لاحظنا آنذاك عدم وجود فهم لمتطلبات الشاب السعودي مما اثر على نجاحه في الشركة. لذا كان أول قرار صادر عني في ذلك الوقت هو منع توظيف غير السعوديين لبحث المعوقات التي كانت تواجه الزملاء السعوديين في الشركة والعمل على تلافيها. واستمر ذلك القرار لمدة ستة أشهر. وأدى الى زيادة عدد الموظفين بالشركة من 60 الى 420 موظفا موزعين بين الإدارات والمصنع. للأسف، يشكو الكثيرون من سلوكيات الموظف السعودي وعدم التزامه، لكنني أعتقد ان بيئة العمل هي التي تصقل سلوك الموظف. وعلى سبيل المثال، اذا نظرنا الى سعودي يعمل ببيئة عمل حرفية كشركة أرامكو، نجد هذا الشخص ملتزما مهنيا بل ويطور مهاراته على المدى البعيد اما الشاب الذي يعمل ببيئة عمل غير سليمة، فيؤثر ذلك على أدائه بل ويتكيف مع تلك البيئة على المدى الطويل. ومن المؤسف أن كثيرا من الشركات في السوق لا توفر بيئة عمل مهنية مناسبة ولا يسودها جو عمل حرفي مما يدفع الموظف لاكتساب عادات عمل سيئة مع مرور الوقت. هل تتوقعون تغيرا قريبا في السوق السعودي؟ والى أي مدى تحتاج المملكة لقوانين تضمن جودة المنتج في السوق؟ صدرت مؤخراً العديد من القرارات التي تتعلق بكفاءة الطاقة. تلك القرارات حكيمة وإن تأثر بعض المستثمرين سلبا على المدى القصير، لكن لتلك القرارات نتائج ممتازة على المدى الطويل. طبقت بعض تلك القوانين في 2014 وسيتم تطبيق بقية التغييرات في عام 2015. نتوقع لتلك التغييرات تقليص الصرف على الكهرباء. للأسف، كنا في السابق بعيدين عن تلك القوانين، لكن ابتداء من عام 2015 سوف تنتقل المملكة الى مصاف الدول المتقدّمة مما يحقق الفائدة للدولة والمواطن كمستهلك للطاقة في السابق، كان السوق مكتظا بالمنتجات المتدنية الجودة والنوعية القادمة من شرق آسيا بأسعار زهيدة مما يجذب العميل خاصة مع وجود عدم وعي بالفرق بين المنتجين. لكن من الآن فصاعداً، لن يتواجد في السوق سوى المنتج الجيد وذلك بجهود مجتمعة من وزارة التجارة وإدارة الجمارك المطبّقة لقوانين مركز كفاءة الطاقة. للأسف خسرت الشركات مئات الملايين بسبب عدم تطبيق قوانين كفاءة الطاقة. الشيخ شدد على صناعة قادة المستقبل في الشركات