لم يُشكل تنظيم داعش الإرهابي نمطا إرهابيا مختلفا عن الأنماط السابقة التى شهدتها المنطقة لوحشيته المبالغ فيها أو لعدم استهدافه الغرب على غرار تنظيم القاعدة أو حتى شكله التنظيم المغاير للأنماط التقليدية فحسب، بل شكل ظاهرة فريدة فى كافة جوانبه ومن أبرز ما أُثير مؤخرا حول التنظيم هو سعيه لاستقطاب النساء وذلك بعد إعلان البغدادي لدولة الخلافة وذلك كشكل من أشكال الاستغلال السياسى والتوظيف الاعلامي لملف المرأة. ومن الناحية المكانية ركز داعش فى البداية على نساء العراقوسوريا ومع نجاح التنظيم فى هذا الشأن اتجه للنساء الغربيات، ومؤخرا وبعد استقطاب بعض النساء من دول أوروبية اتجه إلى الولاياتالمتحدة ذاتها ليدعو لتجنيد أمريكيات وهو ما يُثير قلقا كبيرا داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية فى الوقت الراهن. وذلك كجزء من استراتيجية داعش للتوسع عالميًا. كتائب نسوية أما وظيفيا فقد اقتصر دور النساء في البداية على تقديم الدعم والمساعدة من خلال القيام بإعداد الطعام والمهام البسيطة التى تتناسب مع طبيعة المرأة، إلا أن الدور اتسع ليشمل مجالات التمريض والهندسة وجمع المعلومات الاستخباراتية، ومؤخرا دخلت المرأة ساحة القتال والتى كانت دوما يُنظر لها كحكر على الرجال، إلا أن داعش نجح فى تغيير تلك المفاهيم التقليدية. فمؤخرا أُعلن عن قيام داعش بتأسيس كتيبتين للنساء، تحمل الأولى اسم «الخنساء»، والثانية باسم «أم الريحان». وهاتان الكتيبتان هما الأخطر بالنسبة للنشاط النسوي على مستوى الجماعات المسلحة والتنظيمات الجهادية. والملاحظ أن هذا الدور اتسم بالوحشية التى يُعرض بها عبر الفيديوهات التى تُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يتنافى مع طبيعة المرأة المسالمة. والانضمام لكتائب داعش القتالية ليس مسموحا به للجميع فهناك نظام وضعته داعش فى هذا الشأن. ومن ضمن الضوابط التى وضعتها داعش لانضمام النساء لصفوفه القتالية أن تكون الفتاة عزباء وألا يقل عمرها عن 18 عاماً، ولا يزيد عن 25، وماديا يحرص داعش على دفع أجور المجندات من النساء فى صفوفه بواقع 200 دولار شهريا. وهناك فارق واضح بين داعش وتنظيم القاعدة فى هذا الشأن، فالأخير كان أكثر تشددا ورفضا لإدماج المرأة فى عمليات القتال وذلك لأسباب تتعلق بالاختلاط، حيث اقتصرت علاقة التنظيم بالمرأة فى عمليات التمويل والدعاية وتوصيل الرسائل والتستر، وهناك أسماء لنساء ارتبطن بالقاعدة منهن: هالة القصير وأم اليزن وأم سليمان وأم صهيب وأروى البغدادي إلا أن هؤلاء لم يكن لهن نشاط قتالي، إلا أن داعش اختلف جذريا ليس فقط فى دمج المرأة فى العمليات القتالية ولكن فى التركيز على استقطاب المقاتلات الأجانب. تجنيد النساء وفى هذا السياق يقوم داعش بالمزج بين سياستى العصا والجزرة فى تجنيد النساء من خلال استخدام أساليب الترهيب والترغيب لدفعهن إلى الانضمام إلى صفوف التنظيم وهو ما أثمر تزايد عدد المنضمات إلى صفوف داعش. ويرجع عدد من الخبراء سبب انضمام النساء لصفوف داعش، لاعتقادهن بأن انضمامهن سيجعلهن محصنات ضد الاعتداءات والعنف، وأنه سيعطيهنّ موقع قوة على سائر النساء، وسيعزز ثقتهن بأنفسهن، وبأنهن بذلك مساويات للرجل. وفيما يتعلق بالعدد الفعلي للنساء الأجنبيات اللاتى انضممن لصفوف داعش فهو عدد غير معروف إلا أنه وفقا للمركز الدولي لدراسة التطرف فهؤلاء يبلغ عددهن 30 امرأة أوروبية ويقمن بين العراقوسوريا. ورغم أن المركز يُشير إلى أن هذا العدد يُشكل أقل من 10% من عدد الرجال الغربيين الذين يشاركون في القتال في سورياوالعراق، ولكن الخوف هو أن عدد النساء المجندات قد يزداد. وهناك بعض التقديرات المبالغ فيها تُشير إلى أعداد أكبر من ذلك بكثير. فعلى سبيل المثال وفقا لأحد مقاتلي داعش وكما ذكر على صفحته على موقع تمبلر: هناك «نحو 10 أخوات إلى 20 اختًا، وأحيانًا أكثر، يصلن كل يوم». ورغم أن العدد ما زال محدودا إلا أن المخاوف من تزايد أعدادهن خاصة فى ظل الحرب الدولية الدائرة ضد التنظيم حيث سيسعى لاستقطاب مزيد من المقاتلات لصفوفه. وهذا لم يكن موقف داعش فى بداية الأمر، ففى البداية لم يشجع داعش انضمام النساء إلى صفوفه. ليقتصر دور النساء المتعاطفات مع فكر التنظيم على التركيز على دعم الجهاد بجمع التبرعات وتشجيع رجالهن للانضمام إلى القتال، مؤكدين أن ساحة المعركة هى مكان الرجل، إلا أنه مع تطور التنظيم بدأ يغير من تقنيته ليستهدف النساء عبر التجنيد والنقطة الفاصلة هنا كانت سيطرة داعش على مدينة الرقة السورية حيث بدأ التنظيم بعدها فى تشكيل فرقة أمنية من النساء وذلك لضمان امتثال النساء فى مدينة الرقة للقوانين في اللباس والسلوك ليس هذا فحسب ولكن بدأ التركيز على قيام القوة الأمنية النسائية بدور فى تفتيش النساء عند الحواجز. التواصل الاجتماعي واعتمد داعش فى تجنيده للنساء وخاصة الغربيات على وسائل التواصل الاجتماعى والتى يُجيد أنصار التنظيم استخدامها بشكل كبير، حيث كان هناك تركيز على استخدامها لتشجيع النساء على المجيء إلى سوريا وتكوين العائلات. ومن أجل النجاح فى استدراج النساء، يقدم داعش إليهن صورة دولة ناشئة لها مؤسساتها ومناهجها المدرسية وقوانينها. ووفقا لتشارلس ليستر (مركز بروكنز الدوحة) فإن هذا الأمر شجع على ترويج صورة سوريا الأصلية بوصفها جهادًا خمسة نجوم. واضاف ليستر: «تدفق عائلات كاملة على شمال سوريا، منذ ما يربو على عام، عمل على تكريس الاعتقاد بأن دولة، أو على الأقل كيانًا جديدًا له معالم محدَّدة، هو قيد الإنشاء». وينشر داعش على مواقع التواصل الاجتماعي معلومات وتعليمات للنساء القادمات إلى دولة الخلافة لمساعدتهن في عبور الحدود التركية إلى سوريا. وتُنصح المرأة بشراء تذكرة ذهاب واياب والحصول على تأشيرة سياحية وتثقيف نفسها بالمعالم السياحية في حال سؤالها على نقاط التفتيش والجمارك عن هذه الأماكن. ومن النصائح أيضًا أن تأخذ المرأة معها عباءة إضافية، تحسبًا لتمزق الأولى أثناء الزحف تحت الأسلاك الشائكة على الحدود. التلاعب بالعقول كما كشفت صحيفة «الديلي ميل» البريطانية أن تنظيم «داعش» يتلاعب بعقول النساء الأجنبيات من أجل تجنيدهن تحت ستار أنهن يساعدن في حرب مقدسة ويلعبن دورًا فاعلًا في تأسيس أمة إسلامية خالصة. وقد أصبحت هناك أسماء مميزة ومتدوالة إعلاميا من النساء بين صفوف داعش ومنهن التوأمان البريطانيتان (سلمى وزهرة (16عاما)، صوماليتا الأصل، بريطانيتا الجنسية، وقد غادرتا منزلهما في مانشستر، وسافرتا لتلحقا بأخيهما في سوريا من دون علم والديهما، اللذين قدما إلى بريطانيا كلاجئين صوماليين وقد تزوجت الفتاتان من مقاتلين في داعش). أم المقداد (45 عاما) وتعرف ب «أميرة نساء» داعش، وهى المسئولة عن تجنيد الفتيات والسيدات بمحافظة الأنبار العراقية. أم مهاجر (تونسية الجنسية المسئولة عن كتيبة «الخنساء» في الرقة وهذه الكتيبة تتكون من 60 امرأة وتقوم كتيبة الخنساء بدور شرطة الآداب، ومهمة أعضاء الكتيبة الاعتقال والجلد حيث يطفن مسلحات بالمسدسات والبنادق بالرقة في سيارات بحثًا عن مخالفات لتعاليم دولة الخلافة وقواعدها في الملبس والمظهر عمومًا). ندى القحطاني (أول مقاتلة تنتمي لداعش). أم ليث (هاجرت من المملكة المتحدةلسوريا وتتولى مهمة مخاطبة النساء الغربيات ليحذين حذوها وينضممن لداعش). أم حارثة (عضوة بكتيبة الخنساء ونشطة فى نشر صور التنظيم وانتصاراته على الفيس بوك). تجنيد الامريكيات وبعد أن نجح داعش في جذب العديد من الأوروبيّات، يسعى الآن وعبر وسائل التواصل الاجتماعى إلى تجنيد أمريكيات فى إطار إستراتيجيته للتوسع عالميا. ووفقًا لصحيفة «التّايمز» البريطانية، بدأت الشّرطة الأمريكية إجراء تحقيقات ضد ثلاث عائلات من أصل صوماليّ في مدينة مينيابوليس بعد اختفاء العديد من الفتيات من هذه العائلات في الأسابيع الأخيرة. واتّضح من خلال التّحقيق أن واحدة من بنات العائلة، وهي امرأة شابة تبلغ من العمر 19 عامًا، قد سافرت إلى تركيا ومنها إلى مدينة القدس، ومن ثمّ إلى الرّقة في سوريا، والّتي قد انضمت إلى مقاتلي داعش وتزوّجت من أحد مقاتليه. وتُشير المصادر إلى أن الولاياتالمتحدة تحقق حاليا وبشكل مكثف فى ظاهرة انضمام الأمريكيات ل «داعش»، في الوقت الذي تعهد فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما بملاحقتهن. هذا الأمر وإن كان يمثل نمطا من أنماط الاستغلال السياسى للمرأة من قبل هذا التنظيم فهو بالتأكيد ليس النمط الوحيد فداعش وقادته يتسمون بالإبداع فى هذا الشأن وكانت آخر صيحات الإبداع الإعلان عن سوق للسبايا «سوق نخاسة» من النساء عودة بنا إلى العصور الجاهلية وتحديد أسعار السبايا من النساء وجاءت أسعار السبايا داخل السوق وفقا للمرحلة العمرية والفئة الأعلى ثمنا هى الأطفال من عمر عام وحتى 9 سنوات حيث يبلغ السعر 200 ألف دينار عراقى، تليه المرحلة العمرية من 10-20 سنة ويبلغ الثمن 150 ألف دينار عراقى ويستمر التدرج حتى الوصول إلى 50 ألف دينار وذلك للمرأة البالغة من 40–50 سنة. ولن يكون ذلك آخر إبداعات داعش فقريبا سيفاجئنا بطريقة جديدة يعبر بها عن فكره الجديد ورؤيته لدولته التى ينشدها. الا انه وعلى الرغم من غرابة الموقف، في قدرة داعش على تجنيد النساء الغربيات، الا ان المعلومات تشير الى ان بعضا من الدول الغربية تساهم بطرق ملتوية بفتح المجال امام مسلمين متشددين للذهاب الى سورياوالعراق، انطلاقا من فكرة تؤكد التخلص من التطرف وتصريفه الى مناطق الصراع والنزاع!!