كشف الدكتور (خالد ميرزا) استشاري جراحة المناظير والسمنة ونائب رئيس الجمعية السعودية لأمراض وجراحة السمنة أن «السمنة» أصبحت من الأمراض والأوبئة المنتشرة في هذا الزمان والسمنة مرض مزمن قاتل، ولكن يمكن علاجه والوقاية منه، ولقد اهتم ديننا الحنيف بجميع أمور الإنسان وصحته وغذائه ليكون مجتمعًا نموذجيًا صحيًا لعبادة الله وعمارة الأرض، ومن أهم أسباب مرض السمنة هو سوء السلوك الغذائي في كمية الأكل ونوعيتها والعادات غير الصحية في تنظيم مواعيد الأكل. وأضاف (مرزا) قد اهتم الإسلام بذلك وأمرنا بأكل الطيبات من الطعام، وليس كل ما في الأرض طيباً، وليس كل ما يمشي على الأرض طيب أكله (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون)، وكذلك حرم علينا بعض الطعام (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع). وقد ثبت علميًا ضرر هذه المحرمات ولم يقتصر الأمر على الأكل بل حرم علينا شرب المسكرات والمخدرات والخمور، حيث قال: ( ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث). وأشار مرزا إلى أن لهذا السبب كان اختيار الطعام المفيد الحلال عاملًا مهمًا لصحة الإنسان، والأمر الآخر عدم الإسراف في الأكل (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) وصية واضحة ومفيدة تمنع حدوث السمنة وتكسب محبة الله إذ إن الإفراط في الطعام عامل مهم يؤدي للسمنة؛ لأن المعدة هي مخزن للطعام، وقد تتمدد مع الإفراط في الطعام إلى ضعف حجمها مما يعني زيادة الأكل (ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بد فاعلًا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)، فان المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء، وأصل كل داء البردة، وهو إدخال الطعام على الطعام إذ يجب على الإنسان تنويع مصادر الطعام المتنوع وعدم الإكثار من نوع واحد كالسكريات والدهون بل التنويع دون إفراط. وذكر د. خالد أن من العادات السيئة في الأكل كثرة الأكل دون حاجة أو الإحساس بالجوع خلال الحياة اليومية، كما يحصل في المدارس وقت الفراغ ووقت مشاهدة التلفاز، وكذلك الأكل المستمر حتى التخمة، إذ جاء في الأثر «نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع» أي لا نصاب بالتخمة. كما قال طبيب العرب الحارث بن كلدة: (الذي قتل البرية وأهلك السباع في البرية إدخال الطعام على الطعام قبل الانهضام)، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (المسلم يأكل في معي واحد والكافر والمنافق يأكل في سبعة أمعاء)، وهي توجيه للمسلم بعدم الإفراط في الأكل. (إن أطول الناس جوعًا يوم القيامة أكثرهم شبعًا في الدنيا) أخرجه الطبراني. وأبان أن الرياضة عامل مهم في الوقاية من السمنة، ويجب على الإنسان ممارسة أي نوع من الرياضة يوميًا لبناء جسم قوي ومتكامل، وهي لم تخفَ على ديننا الحنيف، فقد حثنا على ممارسة الرياضة (علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل)، فهذه تجمع أفضل أنواع الرياضات التي تفقد الجسم سعرات حرارية عالية، وتقوي جميع العضلات والتركيز الذهني والعصبي كالرماية. إن التطور العلمي في مجال الجراحة في علاج مرض السمنة قد تركز في تصغير المعدة؛ لأنها هي بيت الداء إذ إن 80% من جراحات السمنة تعتمد على تحجيم المعدة، و20% تعتمد على إضافة تقليص امتصاص الطعام وهي جراحات فعالة للقضاء على مرض السمنة والأمراض المصاحبة كالسكر والضغط وارتفاع الدهون. وختم د.خالد مرزا حديثه ل(آفاق الشريعة) بأن من الغريب في عمليات تقليص أو تحجيم المعدة قد يرجع مرض السمنة مرة أخرى، وذلك بسبب عودة المريض إلى السلوك والعادات السيئة في الأكل؛ لذا لا بد من تغيير سلوك المريض الغذائي، لذلك تسمى هذه العمليات الجراحية جراحة لتغيير سلوك المريض ونجاحها الدائم يعتمد على الالتزام بالنظام والسلوك الغذائي الجديد بعد العملية، وليست كل العمليات تؤدي إلى نفس النتائج المرجوة والمرغوبة فهي متفاوتة ومتغيرة فلا توجد عملية واحده تناسب الجميع، بل لكل مريض ولكل مجتمع ما يناسبه من الجراحات. إن الموضوع يطول ومتوسع، ولكن لا ننسى أن شكر النعمة والصحة سبب لدوامها. (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ).