بعدما أعلنت وزارة المالية البريطانية أن وكالة تمويل الصادرات البريطانية ستضمن صكوكا إسلامية بقيمة مائتي مليون جنيه إسترليني للمرة الأولى في العام القادم، بدأت لندن - عمليا - في التحول لعاصمة للتمويل الإسلامي، عقب سنوات من العمل والتجهيز التشريعي والقانوني. وتعليقا على هذا التوجه البريطاني الرسمي لاستقطاب رأس المال الإسلامي، كشف بعض المسؤولين في وزارة الاقتصاد سر هذا التوجه ومزاياه العديدة للمملكة المتحدة، موضحين أن لندن تسعى لتكون مركزا عالميا للتمويل الإسلامي، تمشيا مع سعيها للتحول تماما كمركز مالي عالمي مستعد للعمل مع الجميع وتوفير كل التشريعات التي تلائمهم. إدارة السيولة لقد أعطت الصكوك المصارف الإسلامية في المملكة المتحدة فرصة لتحسين إدارة السيولة لديها، من خلال توفير سيولة عالية القيمة والتصنيف من العملة البريطانية، وبين أن صناع القرار يعتقدون أنه عندما يقوم مصدر ائتماني عالي الثقة كحكومة بريطانيا بإصدار الصكوك السيادية فإن هذا يجب أن يحرك التمويل الإسلامي في التيار المالي الرئيسي، ويشجع قبول صكوك التمويل الإسلامي كأصول لدى الذين لم يلتفتوا إليها سابقا. وهذا الإصدار لتلك الصكوك يؤكد تأسيس المملكة المتحدة للإطار القانوني والتنظيمي الذي يضع التمويل الإسلامي على مستوى متكافئ مع التمويل التقليدي. وكانت أندريا ليسوم - السكرتير الاقتصادي لوزارة الخزانة البريطانية - قالت قبل يومين - خلال مشاركتها في منتدى الاقتصاد الإسلامي العالمي بدبي -: إن تجربة بلدها في مجال التمويل الإسلامي مرتكزة على التعاون مع الاقتصادات السريعة النمو، وليس التنافس معها. وأقر خبراء في ذات المنتدى بدور الاقتصاد الإسلامي في توفير حلول ومخارج لمشاكل النظام المالي الحالي، ودللوا على ذلك بدوره في التقليل من مخاطر الأزمة المالية العالمية. من جهته، قال الشيخ هيثم تميم - نائب رئيس هيئة علماء الشريعة في التمويل الإسلامي (ASSIF) في أوروبا -: إن قرار الحكومة البريطانية بإصدار صكوك سيادية إسلامية توجه محمود، ورسالة واضحة لتبني ودعم التمويل الإسلامي أكثر فأكثر، فالتمويل الإسلامي ليس جديداً أو وليد الساعة، بل قارب عمره عشر سنوات. وبين تميم أن أهم المعايير المطلوبة أن تكون الصكوك مطابقة للشريعة الإسلامية، وتحت إشراف هيئة شرعية تتمتع بالكفاءة والعلم والخبرة العملية. مفهوم الصكوك الإسلامية وعرّف الشيخ تميم الذي تعد الهيئة التي يعمل بها إحدى المرجعيات للحكومة البريطانية ان المقصود بالصكوك هو «تحويل مجموعة من الأصول المُدِرَّة للدخل الثابت غير السائلة، إلى صكوك قابلة للتداول مضمونة بهذه الأصول، ومن ثم بيعها في الأسواق المالية، مع مراعاة أحكام الشريعة وضوابط التداول». وتعرف هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية الصكوك بأنها «وثائق متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان، أو منافع، أو خدمات، أو في ملكية موجودات مشروع معين، أو نشاط استثماري خاص، وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك وقفل باب الاكتتاب، وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله». وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أكد خلال المنتدى الاقتصادي الإسلامي الدولي - في أكتوبر/تشرين الأول الماضي - عزم بلاده أن تصبح عاصمة للاقتصاد الاسلامي. وستقوم وكالة تمويل الصادرات بضمان سندات إسلامية العام القادم يصدرها عميل لشركة إيرباص الأوروبية لصناعة الطائرات، فيما أعلنت وزارة الاقتصاد أن الصكوك البالغة قيمتها مائتي مليون جنيه إسترليني وتستحق في 22 يوليو/تموز عام 2019، قد تم بيعها لمستثمرين في المملكة المتحدة.