تواصل تراجع النفط إلى أدنى مستوى له في أربع سنوات، حيث وصل أمس الجمعة دون 77 دولارا للبرميل؛ تحت وطأة تخمة المعروض وعدم التيقن بشأن ما إذا كانت أوبك ستخفض الإنتاج في اجتماعها بعد أسبوعين. وقالت وكالة الطاقة الدولية -التي تحجم عادة عن التكهن بأسعار النفط في تقريرها الشهري-: إن الأسعار قد تنزل بدرجة أكبر في 2015، وإن الضغوط تتزايد على أوبك لتقليص المعروض. وقالت الوكالة التي تقدم المشورة إلى الولاياتالمتحدة والدول الصناعية الأخرى: «ما لم تقع أي تعطيلات جديدة للمعروض، فإن الضغوط النزولية على السعر قد تتصاعد في النصف الأول من 2015». وبحسب بيانات، تراجع برنت لثمانية أسابيع متتالية في أطول موجة خسائر أسبوعية له منذ بدء رصد الأرقام في 1988. وأضافت وكالة الطاقة الدولية أمس الجمعة: إن سوق النفط دخلت حقبة جديدة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني وطفرة الإنتاج الصخري الأمريكي، مما يجعل العودة سريعا إلى الأسعار المرتفعة أمرا مستبعدا. وبينت وكالة الطاقة الدولية أمس الجمعة انها تتوقع استمرار تراجع اسعار النفط في الاشهر القادمة؛ بسبب ضعف الطلب في مقابل وفرة العرض، دون ان تستبعد بروز مخاطر للتزود بالنفط على الامد البعيد. وقالت الوكالة في تقريرها الشهري لنوفمبر الجاري: «تظهر توقعاتنا للعرض والطلب -باستثناء حدوث انقطاع مفاجئ في التزود بالنفط- أن توجه الاسعار الى الانخفاض يمكن ان يزداد حدة في النصف الاول من 2015». وتهاوى سعر برميل النفط -الذي يشهد تراجعا مضطردا منذ اشهر- الخميس تحت عتبة 80 دولارا؛ بسبب تضافر عدة عوامل منها تنامي نفط الشيست الامريكي وضعف الطلب وارتفاع سعر صرف الدولار، وأنهى برميل النفط (برنت) تعاملات الخميس عند 77,92 دولار في لندن متراجعا بنسبة 32% مقارنة بمنتصف حزيران/يونيو. وفي نيويورك أنهى برميل الخام المرجعي الخفيف (سويت لايت كرود) التعاملات عند ادنى مستوى له منذ ايلول/سبتمبر 2010 عند 74,21 دولار. وقالت الوكالة: إن استهلاك النفط هذا العام يتوقع أن يرتفع ب680 ألف برميل يوميا، وهو ادنى ارتفاع منذ خمس سنوات، ليبلغ اجمالي الاستهلاك 92,4 مليون برميل يوميا. وأبقت الوكالة على توقعاتها كما هي لعامي 2014 و2015. وأوضحت «أن الارتفاع الضعيف نسبيا للطلب في الصين والانخفاضات الكبيرة في القيمة المطلقة في البلدان الاوروبية وبلدان آسيا وأوقيانيا التابعة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، تضعف حركة صعود سعر النفط التي يغذيها اداء اقتصادات سائر دول المنظمة والولاياتالمتحدة». وتوقعت منظمة الطاقة ان يعود الطلب الى الارتفاع في 2015 بفضل تحسن ظروف الاقتصاد الدولي لتبلغ زيادة الاستهلاك 1,1 مليون برميل يوميا ما سيرفع الاستهلاك الاجمالي اليومي الى 93,6 مليون برميل. لكن ذلك ليس كافيا لعكس اتجاه تراجع سعر البرميل في الاشهر القريبة. ولاحظت الوكالة التي تمثل الدول المستهلكة ان «نمو الانتاج يظهر القليل من علامات التباطؤ»، بل إن الانتاج سجل رقما قياسيا جديدا في الولاياتالمتحدة متخطيا عتبة تسعة ملايين برميل يوميا الاسبوع الماضي. وفي تشرين الاول/اكتوبر ارتفع الانتاج ب 35 الف برميل يوميا ليبلغ 92,4 مليون برميل يوميا، ما يمثل ارتفاعا ب 2,7 مليون برميل يوميا بالقياس السنوي، منها 1,8 مليون برميل يوميا مصدرها بلدان غير اعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، بحسب وكالة الطاقة. ورغم تراجع إنتاج اوبك التي تضخ ثلث الانتاج العالمي من النفط، ب150 الف برميل يوميا الشهر الماضي، فإن انتاج اوبك البالغ 36,6 مليون برميل يوميا، بقي فوق حجم الانتاج المستهدف للمنظمة المحدد ب30 مليون برميل يوميا. ولا يبدو أن اوبك تريد خفض إنتاجها في اجتماعها القادم المقرر في 27 تشرين الثاني/نوفمبر بفيينا رغم الخلافات بين أعضائها ال12. ورأى صندوق النقد الدولي أمس الأول الاربعاء ان تراجع اسعار النفط يمكن ان «يحفز» الاقتصاد العالمي، لكن الوكالة الدولية للطاقة حذرت من أن ضعف الاسعار يمكن أن يؤثر على الانتاج على المدى البعيد. وقالت الوكالة: «إن مخاطر التزود بالنفط تبقى مرتفعة بشكل استثنائي، وستتفاقم بفعل تراجع الاسعار». وأوضحت «أن بعض الشركات تعيد النظر في مساهمتها في مشاريع كبرى من كندا الى انغولا، لكن التأخير أو تخفيضات الكلفة ستؤثر على آفاق التزود بالنفط على الأمد الأبعد أكثر منه على الإنتاج في الأمد القريب».