الدالوة قرية لا تكاد تُبين وجهها للأهل والأحباب في الأخبار المحلية وإذا بها تطفو على سطح الأنباء العالمية في (MBC) والقناة العربية سافرة الوجه تلك وربي من المفارقات القدرية. الدالوة بلدة ريفية هادئة وادعة بيوت متراصة يحضنها جبل القارة من شمالها وتحتضنها سامقات النخيل الخضراء من بقية الجهات تنام قريرة العين إذا جَنَّ عليها الظلام وتصحو مع أول تباشير الفجر لتزاول ما يهمها من شئون الدنيا بعد أن تفرغ من عبادة ربها. بلدة الدالوة ورثت من أبيها الجبل (جبل القارة) القوة والأساس الراسي وبياض الأخلاق وسموها وحسن النية والطوية وأخذت من امها النخلة الخضرة والعطاء والسماحة المعروفة في كل بني الأحساء فها هي تبدو لنا في جميع وسائل الإعلام وأجهزة التواصل الاجتماعي قوية صامدة محتسبة خضراء يانعة العطاء ترفل متجملة بكل حلل الصبر والتجلد والقدرة على تحمل الحدث الجلل الذي يذيب الحجر الصلد. وهذا دليل على ان هذه الكائنة الوادعة مؤمنة بقضاء الله وقدره. وملء كيان أبنائها كباراً وصغاراً رجالاً ونساء. قول الله تعالى «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون» 51-التوبة. ولا غرابة في ردة الفعل لهذا الحدث الذي أذهل العالم كله وأدهش- قبل ذلك كله- أذهل الجبل الأصم وجموع النخيل التي منذ قرون وهي واقفة ترتقب لم يرعها مثل هذا الحدث الجبان. لا غرابة في ردة الفعل العاقلة تلك.. لأن الدالوة بلدة من تلك القرى الستين التي تحتضنها الأحساء بحنانها ورقتها وجمالها وخضرتها ومياهها الجارية في جداولها. تلك هي أرومتها الراسخة في أعماق التاريخ والمثل العربي يقول: من شابه أباه فما ظلم.. هَجَرٌ بلد النخيل وبلد الشعر والشعراء. فما ان تعالت ألسنة لهب هذا الحدث في بلدتنا الدالوة هنا في الشرق حتى تجاوب معها أقلام في الشرق والغرب والشمال والجنوب يدافعون عنها ويدفعون يقول الدكتور محمود الحليبي في ذلك: يا باغي الشر أدبر إنها هَجَرٌ.. إنسانها غيمة بالطيب تنهمر.. وأما الدكتور محمد الدوغان أبو قصي فاسمعه نغماً في قوة.. وقوة في نغم. حسدوا الأحساء لما أيقنوا أنها ليست لخلف موطنا نعم إنها الأحساء. وطن التآلف والوئام والمحبة واللحمة الواحدة وصدق في قوله: يا مشعل النار في إحسائنا حسداً خابت نواياك في سِرٍ وفي عَلنِ، أما وجدت سوى الأحساء تمطرها شراً وتبذرها من بذرة الفتن. الأحساء هذا العضو من الوطن لن تؤثر فيه مثل هذه الأحداث الحاقدة والمغرضة.. والحاسدة. إن هذه الصفات الخلقية في أعداء الوطن. الحقد والحسد. وبقية مفردات الشر.. إذا نبتت في صدور قوم لا يؤمنون بالله ورسوله انكفأت على صاحبها وسامته سوء العذاب ثم بعد ذلك تنهشه بأنيابها المسمومة ولن تُبقي منه شيئاً يذكر.. ولله در القائل: لله در الحسد ما اعدله. بدأ بصاحبه فقتله. والأحساء صابرة وبلدتنا الدالوة صابرة ونحن مؤمنون بأن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله. عظم الله لنا الأجر والمغفرة نحن أبناء الأحساء عموماً والدالوة خصوصاً وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان على ما استشهد من أبنائنا البررة وأسكنهم فسيح جناته فلقد اغتالهم المجرمون على حين غرة والمجرمون ليسوا مسلمين ولا عرباً ولا رجالاً. لأنهم قتلوا عزلاً حيث تسللوا تحت جنح الظلام وقتلوا النساء والأطفال والشيوخ، ولقد صدق شاعرنا الملهم جاسم الصحيح في قوله: (عصابة الإرهاب هؤلاء المجرمون لا دين لهم ولا طائفة ينتمون إليها، وإنما هم مجموعة من الأفاعي دخلوا الحديقة وقتلوا بعض العصافير وأفزعوا البعض الاخر ساعة من الزمن، ولكن هذه الحديقة لن تفقد خضرتها أبداً ولن يموت فيها الورد الناضر الذي يتألق على غصن من غصونها الآدمية الجميلة).. وأقول: آه يا دالوة.. لمثل هذا يذوب القلب من كمد.. إن كان في القلب إسلام و إيمان. باحث لغوي