ضعف الاتصالات، والافتقار إلى القيادة، ونقص التمويل، كل ذلك أضر باستجابة منظمة الصحة العالمية الأولية لتفشي الإيبولا، والسماح للمرض بالخروج عن نطاق السيطرة. في حالة واحدة، لم يتم توجيه المسعفين إلى مكان الإصابة لعدم صدور تأشيرات الدخول. وفي بلد آخر، أدت العقبات البيروقراطية إلى تأخير إنفاق نصف مليون دولار تهدف إلى دعم استجابة المرض. وفي الوقت نفسه، كانت معلومات حول الوباء من الخبراء في هذا المجال بطيئة في وصولها إلى المقر، في حين رفض العاملون في الاتصال العمل خوفًا من أنهم لن يحصلوا على رواتبهم. هذه العثرات التي ارتكبتها منظمة الصحة العالمية، استنادًا إلى مقابلات مع خمسة أشخاص مطلعين على الوكالة وطلبوا عدم الكشف عن هويتهم، تكشف النقاب عن طريقة عمل وكالة صمّمت لتكون أعلى جهاز صحي في العالم، ومع ذلك نجده مثقلًا بالمكائد والخلافات السياسية والبيروقراطية. وقال لورانس جوستين، أستاذ القانون الصحي العالمي في جامعة جورج تاون في واشنطن: «يجب أن يكون ذلك بمثابة جرس إنذار. حيث تعاني منظمة الصحة العالمية من «ثقافة الجمود، وعدم التفكير بجرأة عن المشاكل، والنظر إلى نفسها على أنها وكالة فنية بدلًا من شركة عالمية رائدة». وقالت مارغريت تشان، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، في مقابلة هاتفية، إنها لم تكن على علم بنطاق الأزمة الصحية حتى تلقت مذكرة في أواخر يونيو حزيران تحدد أوجه القصور الفريق المحلي أي بعد ثلاثة أشهر بعد اكتشاف تفشي المرض. مستاءة جدًا وقد وصفت نفسها بأنها «مستاءة تمامًا» بعد قراءة المذكرة، حيث تولت تشان القيادة الشخصية لخطة الوكالة لمكافحة الإيبولا بعد ذلك بيومين. وقررت استبدال رؤساء المكاتب في غينيا وليبيريا وسيراليون، ورفع حالة الطوارئ إلى أعلى مستوى من ثلاث طبقات، حسب المصادر المطلعة. ووافقت تشان على الرد على رواياتهم عن الموضوع في مقابلة. وقالت قبل يومين: «لم أبلغ أنا تمامًا حول مراحل وتطور انتشار المرض».. وأضافت: «قمنا بالرد، ولكن ردنا ربما لم يكن بمثل حجم وتعقيد اندلاع الوباء». انتشار فيروس إيبولا في ثلاث قارات، مع بعض الحالات في اسبانيا والولايات المتحدة، زاد من تركيز الأنظار على القيادة اللازمة لمحاربة هذا المرض.. واجه توماس فريدن مدير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أتلانتا، دعوات للاستقالة من المشرعين الجمهوريين بيت وتوم مارينو جلسات هذا الاسبوع. وقد عيّن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قبل أيام مسؤولًا سابقًا في البيت الأبيض، هو رون كلاين، لتنسيق الاستجابة المحلية في الولايات المتحدة. واقع مقلق تلقت منظمة الصحة العالمية تقريرها الأول عن حالات إيبولا في غينيا في 21 آذار، على الرغم من أنه استغرق أكثر من ثلاثة أشهر لعقد اجتماع لوزراء الصحة الإقليمي أو فتح مركز التنسيق الإقليمي. وكان أطباء الإغاثة من منظمة «أطباء بلا حدود»، الذين كانوا قلقين من أن الفيروس انتشر في كوناكري عاصمة غينيا، في وقت مبكر من نيسان، وصوف الاندلاع بأنه «غير مسبوق»، كما قال نيكولاي مايني، رئيس مركز عمليات المجموعة في بروكسل. في وقت متأخر من مايو، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن العدوى أصبحت تحت السيطرة. وقال نيكولاي في مقابلة عبر الهاتف: «كنا متهمين بأننا وقعنا ضحية للذعر».. وأضاف: «أعتقد انهم ينظرون إلى هذا الوباء على نحو يقل كثيرًا عن جسامته». وبدأت المراتب العليا لمنظمة الصحة العالمية بفهم واقع ينذر بالخطر على الأرض عندما أعطى بيير فورمنتي، كبير خبراء إيبولا في المنظمة، عرضًا للشرائح الى لجنة توجيهية مختصة بالإنذار والاستجابة، والمعروفة باسم GOARN، في جنيف في 24 حزيران، وفقًا لما قالت المصادر المطلعة. وأظهرت الرسوم البيانية التي عرضها فورمنتي كيف أن تفشي المرض في سيراليون وليبيريا وغينيا يفوق القدرة على الاستجابة على الأرض.. وكان من بين الذي حضروا الاجتماع بروس أليوارد المدير العام المساعد في منظمة الصحة العالمية، المسؤول عن شلل الأطفال وحالات الطوارئ، الذي سبق أن أطلعه ثلاثة أعضاء من اللجنة التوجيهية في اليوم السابق. الأرقام تتحدث مع أنه تم نشر أكثر من 400 شخص من خلال منظمة الصحة العالمية، أظهر العرض أن الوضع قد تصاعد في غضون أسابيع قليلة فقط. وذكر أليوارد في رسالة عبر البريد الإلكتروني في 15 أكتوبر: «هذا ما كان لافتا ومثيرًا لقلق كبير».. في رأيه، كان انتشار الوباء بالأصل يحتل مرتبة عالية على جدول أعمال منظمة الصحة العالمية. وفي الأسبوع الثالث من حزيران، تم الإبلاغ عن أكثر من 500 حالة فيروس إيبولا، بما في ذلك 338 حالة وفاة.. وكان عدد الإصابات الجديدة يتضاعف كل 24 يومًا. وبعد ثمانية أسابيع، بلغت الحصيلة 2914 شخصًا، وهو ما يعتبر أعلى من جميع حالات تفشي الايبولا 24 السابقة. وعلى ما يبدو فإن عدد الحالات هذا الأسبوع في سبيله إلى أن يصل إلى 9 آلاف شخص. رجاء من منظمة الصحة العالمية تحدث فورمنتي كيف أن نسبة كبيرة من المرضى كانت تعاني فقط من أعراض تنفسية، ما يجعلها أكثر صعوبة من حيث الكشف. وقال أليوارد، الذي يعمل مع منظمة الصحة العالمية منذ 22 عامًا، إنه أرسل على الفور رسالة بالبريد الإلكتروني إلى تشان وزميل بارز آخر لتتابع آخر التطورات، بما في ذلك مخاوف المتعاونين من GOARN عن عدم وجود قيادة منظمة الصحة العالمية التي جعلت شريكًا واحدًا على الأقل يعتقد أن الوكالة كانت تميل إلى «التسويات» بدلًا من مساعدة الاستجابة العملية. وهناك مجموعات أخرى على أرض الواقع «ترجو منظمة الصحة العالمية أن تقوم بقيادة تنسيق الاستجابة»، كما كتب أليوارد في البريد الإلكتروني لتشان، وفقًا لشخصين. تشان، التي تبلغ من العمر 67 عامًا، بعد أن قرأت الرسالة، دعت جميع قادة الفرق لمكتبها وتساءل: لماذا لم يقم أحد منهم بإبلاغها بالوضع. ولم تتلق جوابًا من أي شخص منهم. وفي اليوم التالي، اتصلت بلويس سامبو، مدير منظمة الصحة العالمية الإقليمي في إفريقيا، وطلبت منه إلغاء جميع خُطط السفر وتنظيم اجتماع عاجل مع المسؤولين في البلدان المتضررة والمجاورة. نتيجة لذلك خسرت المنظمة ثقة بعض الدول الأعضاء، وفقًا لما قاله جوستين. وقد أخذت عدة منظمات من المجتمع المدني التي تدافع عن القضايا الصحية في مختلف أنحاء العالم تشعر بالاستياء من التعامل مع المنظمة، التي أخفقت في التعاون في حالات كثيرة.