يتجدد طرح الاكتتابات الجديدة كل مرة ترغب الشركات في إدراج أسهمها في الأسواق المالية، وتتفاوت الشركات في مصداقية وصحة قوائمها المالية قبل وبعد الاكتتاب والإدراج. وقد قلت الكثير في هذا الشأن، وليس هذا الرأي الوحيد الذي كتبته عن الأسس والظروف الصحية والصحيحة لنجاح الاكتتابات الجديدة، فقد تحدثت في مقالات عديدة عن أهمية إدراج الاكتتابات الجديدة في وضع صحي مالي وإداري قوي وظروف سياسية واقتصادية مناسبة إقليمياً وعالمياً، لكننا نرى اليوم هيئة سوق المال السعودية تعلن عن قرب الاكتتاب في البنك الأهلي الذي كان الانطباع السائد عنه أنه بنك التعاملات الإسلامية. ولقد ظهر لبعض المشايخ المستقلين عن هيئة كبار العلماء التعاملات الربوية في البنك الأهلي لذلك أفتى بعضهم بتحريم الاكتتاب. أرى أنه من الأهمية استشعار المسؤولية تجاه الوطن والمواطن في ما يتعلق بالاكتتاب في الشركات والبنوك التي تتعامل بالربا، حيث سيكون لذلك الأثر السلبي على نمو وربحية أموال المساهمين، وذلك عندما يحجم المتداولون عن شرائها في سوق الأسهم. أما بخصوص الوضع المالي للبنوك والمؤسسات التي ترغب في الإدراج فإن المسؤولية تقع على وزارة التجارة والصناعة وهيئة سوق المال بعدم الترخيص لها إلا بعد تصحيح أوضاعها المالية والإدارية لما لذلك من انعكاسات قوية على أسهم البنك أو الشركة المدرجة، بل وسيكون لها تأثير قوي ومباشر على المؤشر العام وبالتالي على جميع الأسهم الأخرى المدرجة في سوق الأسهم. وبصفة عامة ورأي موضوعي شفاف تعد الأوضاع المالية للبنك الأهلي في السنوات العشر الأخيرة غير مشجعة على الاستثمار في أسهمه حتى لو كان لا يتعامل في المجالات الربوية، حيث اتضحت من خلال المخصصات العالية خلال الأزمة المالية العالمية وبعدها وبالتالي أرى أن علاوة الإصدار عالية مقارنة بالبنوك السعودية الأخرى. ولا اعتقد أن إدارة البنك الأهلي شفافة بما فيه الكفاية في تقاريرها المالية الأخيرة والتي لا تتحدث عن الديون المتعثرة التي يهدف الاكتتاب الى تكبد المكتتبين بها. أما الظروف الإقليمية والعالمية فإنها صعبة للغاية، بحيث لا توفر البيئة المناسبة والمشجعة على الإدراج في هذا الوقت. وأتوقع أن اكتتاب البنك الأهلي سيهوي بسوق الأسهم السعودية في حال عدم استشعار صندوق الاستثمارات العامة لمسؤوليته تجاه المساهمين في الاكتتاب. إن استثمارات الأفراد والمؤسسات الاستثمارية والصناديق السيادية في الأسهم المبالغ في علاوة إصدارها سيكون لها آثار سلبية على أموال المواطنين والحكومة، لذلك يجب التأكد من الأوضاع المالية للاكتتابات الجديدة بموضوعية وأمانة وصدق وحيادية. ومن الأهمية عدم السماح للبنوك بتشكيل هيئة شرعية استشارية لأن في ذلك التضارب الصريح في المصالح للهيئة الشرعية الخاصة بالبنك، بل يجب الاكتفاء بما تفتي به هيئة كبار العلماء.