انخفضت أسعار النفط بشدة، ولم يكن هناك من يحتفل بصورة واضحة أو يشعر بالابتهاج في شركة النفط بتروليو برازيليرو هذا الأسبوع، لكن بإمكانك تماماً سماع أنشودة من الراحة بسبب انخفاض أسعار النفط التي اجتاحت برج مكاتب شركة النفط البرازيلية الكبرى في ريو دي جانيرو. وإذا كان هذا يبدو غريباً، فلأن بيتروبراس لطالما كانت تعمل من خلال مجموعة مختلفة من القواعد. شركة الطاقة العملاقة في أمريكا اللاتينية، التي يتم تداولها علناً لكن تُسيطر عليها الحكومة، يجب أن تُرضي مجموعة متنوعة من الأسياد. والمساهمون العاديون قد يرحبون بالمفاجأة التي قد تجلبها أسعار الوقود الأعلى في العادة، كذلك قد يفعل مدراء بيتروبراس، الذين يكافحون لتحقيق التوازن بين حسابات الشركة الخاصة بالديون المشطوبة واستخراج النفط من عمليات الحفر المكلفة في المياه العميقة جداً. ومع ذلك، كلاهما يخضع للحكومة البرازيلية، التي تكافح مع اقتصاد ضعيف وأسعار مرتفعة قبل الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في السادس والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر). رئيسة البرازيل ديلما روسيف، التي تسعى لإعادة الانتخاب وقد تعرضت بالفعل لاتهامات بالفساد وتجاوز التكاليف في شركة النفط المُسيطر عليها، تعرف أن ارتفاع التضخم يمكن أن يعمل على إسقاط أكثر الزعماء شعبية. لذلك عندما كانت الأسعار الدولية مرتفعة، أبقت البرازيل البنزين والديزل المحلي عند مستويات رخيصة وقامت بدعم الفرق، وكانت الميزانية العمومية في بتروبراس تتعرض لضربة في كل مرة يقوم فيها سائق بتعبئة سيارته. الضرر منذ عام 2011: حوالي 24 مليار دولار (59 مليار ريال برازيلي)، وذلك وفقاً للمعهد البرازيلي للنفط، وهو الجهة الضاغطة الخاصة بالنفط. وفي منطق البرازيل الملتوي، تراجع النفط الدولي سيسمح الآن لشركة النفط العملاقة في أمريكا اللاتينية بوقف الخسائر عن طريق إلغاء الإعانات. وفي أماكن أخرى، قد يتوقع المستهلكون دفع مبالغ أقل عندما يتم تداول النفط بسعر منخفض. وهذا متروك لمنظمي حملة روسيف البارعين لإقناع البرازيليين أنهم أفضل حالاً حتى عندما يدفعون مبلغا أكثر في محطات التعبئة. لكن الإغاثة النقدية الفورية التي جلبها النفط الرخيص هي الصداع النصفي طويل الأمد في بتروبراس. لنعُد بالذاكرة إلى عام 2007، عندما أعلنت البرازيل عن اكتشاف ما يصل إلى 80 مليار برميل من النفط عالي الجودة تحت المحيط الأطلسي، وهو أكبر اكتشاف في الأمريكيتين منذ حقل كانتاريل في عام 1976، في خليج المكسيك. المهندسون السياسيون كانون يشعرون بسعادة غامرة، حيث تدافع قادة بتروبراس لترويج البرازيل بأنها قوة نفط مستقبلية، ومجرد نفحة من تدفق إيرادات جديدة قد أشعل مشاجرة مدتها ثلاثة أعوام في الكونجرس حول كيفية تقسيم الجائزة النقدية المتصوّرة. وقامت الشركة، مدعومة بالطفرة، بالكشف عن واحدة من خطط العمل الأكثر طموحاً في العالم: 221 مليار دولار في الاستثمارات بين عامي 2014 و2018. المشكلة كانت أنه قد تم بناء الخطة على توقعات بتداول النفط بسعر 100 دولار للبرميل في المتوسط حتى عام 2017، وأقل قليلاً في عام 2030، وذلك وفقاً لشركة فالور إيكونوميكو. والبرازيل تنفي أن الركود الحالي يُهدد عملها من أجل نفط «ما قبل الملح»، الذي سُمي كذلك بسبب الاحتياطات الكبيرة من النفط المغطى بطبقة سميكة من الملح، على بُعد أميال من أرض المحيط. وتم تسجيل المسؤولين في بيتروبراس وهم يقولون: إنه لا يزال بإمكانهم تحقيق الأرباح من آبارها فائقة العمق حتى لو انخفض النفط إلى حوالي 45 دولاراً للبرميل. لكن الأسعار المنخفضة تضغط على الشركة؛ لأن التكاليف تصاعدت والديون ارتفعت إلى حوالي 100 مليار دولار. وإذا استمر الريال البرازيلي المُدمّر باتباع أسعار النفط المنخفضة، فإن عبء ديون الشركة المقومة بالدولار سيصبح أسوأ، لترتفع أكثر من خمسة أضعاف أرباحها قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والإطفاء، وذلك وفقاً لبنك إيتاو بي بي آيه. وبيتروبراس بالفعل تعمل فوق طاقتها. وقال أدريانو بيريس، مدير المركز البرازيلي للبنية التحتية: «إذا انخفض النفط إلى حوالي 80 دولاراً للبرميل، فإن الشركة ستعمل تحت هوامش ربح أكثر صرامة بكثير». وإذا كان هناك جانب إيجابي لانهيار أسعار النفط، فهو أن البرازيل ربما تضطر إلى إعادة التفكير في سياسة الطاقة المقلوبة لديها، التي تسرق بتروبراس لتمويل الدورة السياسية وكفاءة القروض على مذبح القومية. هذا أمر سوف يكتشفه البرازيليون فقط بعد أن يُوقف المرشحون الحفر بحثاً عن أصوات الناخبين.