أكدت المملكة العربية السعودية أن مكافحة الفكر الإرهابي جزء مهم من أي استراتيجية لمكافحة الإرهاب. وأكد وكيل وزارة الداخلية الدكتور احمد السالم في كلمة المملكة بمنتدى كرانس مونتانا الذي أقيم في جنيف أمس أن الإرهاب طاعون القرن الحادي والعشرين، الذي خلف آثارا كارثية على سلامة ورخاء الشعوب والمجتمعات على حدٍ سواء في أنحاء العالم، كما أظهرت التجارب، أن الإرهاب لا دين له، ولا جنسية، ولا جنس، ولا عرق، وأن هذه العبارة تنطبق بحذافيرها أيضاً على ضحايا الإرهاب، والذين لا ينحصرون في دين، أو جنسية، أو جنس، أو مجموعة عرقية معينة، فبعبارة أخرى، الكل معرض لهذا الخطر. وأوضح أنه "بالرغم من الجهود المكثفة المبذولة في الماضي، سواء كانت بشكل جماعي عبر المجتمع الدولي تحت مظلة الأممالمتحدة، أو غيرها من الجهات، أو إقليمياً من خلال المنظمات الإقليمية، أو فردياً من قبل الدول، يظل الإرهاب يشكل تهديداً خطيراً يتطلب من الجميع أن يكثفوا الجهود لمكافحته واجتثاثه من جذوره، وتعقب مرتكبي الأعمال الإرهابية أينما حلوا وتقديمهم للعدالة، وذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي، والإقليمي، والثنائي بين الدول، وتبني منهج أكثر فاعلية تجاه تنفيذ الاتفاقيات الدولية والإقليمية السارية بشأن مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى التشريعات الوطنية حول هذا الأمر، ويتطلب ذلك أيضاً القضاء على الأفكار الإرهابية والمتطرفة، وبذل الجهود المخلصة واتخاذ التدابير الهادفة إلى نشر مبدأ التعايش السلمي ونبذ العنف". وبين أن المملكة اتخذت الكثير من الإجراءات الفعالة التي تهدف إلى مكافحة الإرهاب داخلياً وخارجياً، فلديها أنظمة وقوانين في مكافحة الإرهاب تعد من أشدها صرامة في العالم مثل "النظام الجزائي لجرائم الإرهاب وتمويله"، كما شكلت "لجنة عليا لمكافحة الإرهاب"، ووفرت الموارد اللازمة جميعها للجهات الأمنية المسؤولة عن مكافحة الإرهاب. وقال: "اضطلعت المملكة دولياً بدورٍ رئيس في الجهود الدولية المبذولة مؤخراً في هذا الشأن فهي طرف في المعاهدات الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب، إضافةً إلى توقيعها عددا كبيرا من الاتفاقيات الإقليمية والثنائية التي تركز أو تعنى بالتعاون في هذا المجال، والمملكة كذلك من ضمن الدول المشاركة في صياغة مسودة الاتفاقية الشاملة لمكافحة الإرهاب الدولي، التي لا تزال في مرحلة النقاش تحت مظلة الأممالمتحدة. وبادرت المملكة بالدعوة إلى تأسيس، المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، الذي اقترحته، وتبرعت للمركز بمبلغ 100 مليون دولار. وأشار إلى أن تلك الإجراءات والجهود نابعة من إدراك المملكة للتهديد الذي يشكله الإرهاب على أمن ورخاء الشعوب والمجتمعات، وقال: "لقد عانت المملكة من الإرهاب، حيث تعرضت منذ عام 2003م لأكثر من (147) من تلك الأعمال الإجرامية، قتل بسببها أكثر من (95)، وأصيب أكثر من (569) من المدنيين الأبرياء، وتشمل تلك الأرقام مواطني دول أخرى كانوا في زيارة أو عمل في المملكة، كما تمكنت قوات الأمن بالمملكة من إحباط أكثر من (250) مخططا إرهابيا كانت تستهدف مصالح داخلية وأجنبية وحياة الأبرياء من المواطنين والمقيمين داخل المملكة، وتمكنت من تقديم المتورطين للعدالة، واستشهد أكثر من (74) فرداً من قوات الأمن السعودية، وأصيب أكثر من (657) فرداً منهم خلال تلك المواجهات في سبيل مكافحة الإرهاب". وأبان أن المملكة طورت نهجاً إضافياً وقائياً وعلاجياً لمكافحة الإرهاب من خلال استراتيجية شاملة لمكافحة التطرف مبنية على ثلاثة محاور هي الوقاية، والتأهيل، والرعاية اللاحقة، تهدف في مجموعها إلى تحصين وحماية المجتمع من الأفكار المتطرفة من خلال برامج التوعية، ونشر مفاهيم الوسطية والتسامح، وأنه من أجل إعداد وتنفيذ هذه البرامج تم إنشاء "وحدة مكافحة التطرف" بالتعاون والتنسيق مع المؤسسات التعليمية والدينية والاجتماعية في مجتمعنا، واستهداف التجمعات الشبابية، وأفراد الجاليات غير السعودية المقيمة في المملكة لوقايتهم وتحصينهم من التطرف. وأضاف الدكتور السالم: إنه صممت أيضا عدة برامج وحملات اجتماعية وتوعوية لمكافحة الإرهاب من خلال الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي كما يسهم العديد من المختصين ومئات من المواطنين المتطوعين في هذه الأنشطة على الإنترنت؛ من أجل حماية ووقاية الشباب من الأفكار المتطرفة، مبيناً أنه تم إعداد برامج بقصد مكافحة التطرف على الصعيد الدولي، ويأخذ النهج الوقائي والعلاجي أهمية إضافية مع تزايد أعداد المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى ميادين الصراع، ومن ثم يعودون إلى بلدانهم مفعمين بتجارب الحرب، متبنين آراء متطرفة وميولا تجاه العنف. وقال: يعد مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية في مكافحة الأفكار المتطرفة -الذي فتح آفاقاً جديدة للتعامل مع الأفراد الذين يحملون أفكاراً متطرفة ويؤمنون باستخدام العنف لتحقيق أهدافهم- أحد الأدوات الوقائية والعلاجية لمكافحة الإرهاب التي تستخدمها المملكة للتحاور مع المغرَّر بهم والتعامل معهم، وتدرك المملكة تماماً أن استخدام الإجراءات الأمنية لن تكفي وحدها لحل المشكلة، لذا فإن المركز يبرز كأداة فعالة ضمن الجهود الشاملة لنبذ التطرف، ويصنف المركز على أنه مؤسسة إصلاحية تأهيلية تهدف إلى تطوير المهارات المعرفية والسلوكية من خلال مجموعة برامج يقدمها مختصون في مجالات مختلفة ذات علاقة بالشريحة المستهدفة، لتعزيز الأفكار المبنية على التعاليم الإسلامية الوسطية، والرفع من الولاء للوطن عبر الإحساس بالمسؤولية. وأشار إلى أن لدى المركز ثلاثة برامج رئيسة، هي: المناصحة، والرعاية والتأهيل، والرعاية اللاحقة، وأن البرنامج الرئيس الأول هو "برنامج المناصحة"، الذي يعمل على تصحيح المفاهيم الدينية الخاطئة، وغرس المبادئ الدينية الصحيحية المبنية على الوسطية. وأوضح وكيل وزارة الداخلية هناك (2.736) مستفيداً سعودياً من برامج المركز من عام 2007 إلى 2014م، وأن نسبة النجاح في البرنامج تقارب ال(90%). وأكد أهمية منهج الوقاية والعلاج والرعاية في مكافحة الإرهاب والتطرف، بالإضافة إلى المواجهات الأمنية المباشرة، مؤكداً أن الإجراءات التي اتخذتها المملكة في هذا المجال تعد أنموذجا للإجراءات الفعالة في الحرب المستمرة على هذا الداء يمكن للدول الأخرى الاستفادة منه في مكافحة الإرهاب والتطرف.