مشكلة مجتمعنا السعودي أو معظمه انه يعيش التناقضات في سلوكه وأدبياته وطرق تفكيره، فما وافق هواه وواكب ميولاته كان صالحا ومفيدا وما خالفه كان فسقا وفسادا ويصعب ان ترى منهم وسطيين فلا يبالغون ولا يتطرفون!!. ما ذهب اليه الامير عبدالرحمن بن مساعد رئيس الهلال من دعوة لجماهيره بالدعاء والصدقة بإخلاص لفريقه الهلال في مباراة الذهاب مع سيدني الاسترالي لنهائي كأس آسيا للابطال في 25 اكتوبر شيء غريب لم يسبق لأحد ان يطلب مثل هذا صراحة ووضوحا!!. بالتأكيد نحن ندعو الله بالفوز والنصر والغلبة لفرقنا الرياضية حتى عندما تلعب فيما بينها داخل السعودية، وكذلك نطلب وندعو الله بالفوز لمنتخباتنا الوطنية في مشاركاتها الدولية وهذا ليس عيبا او حراما او حتى جرما يدان به أحد سواء كان من يدعو للفوز والنصر رياضيا او غير رياضي او معلما او موظفا أو متدينا أو غير متدين أو مستقيما او غير مستقيم..!! الرياضة بكل اشكالها ليست حكرا على أمة او طائفة او على نوع خاص من البشر او جنسية بل هي جسر مودة ومحبة بين الشعوب والامم، وقد قالوا ان ما تفرقه السياسة تجمعه الرياضة، وقد قادت الرياضة الكثير من الامم الى الشهرة ورفعت أعلامها في اصقاع الدنيا بل ان بعض الامم لم نعرفها الا من خلال الرياضة!!. محاولة فصل الرياضة عن الدين ممن ابتلي بهم مجتمعنا السعودي وخاصة اهل التطرف الديني يسيء للرياضة بل للدين نفسه، فهل يعقل ان نمنع لاعبا من السجود في الملعب بعد تسجيله هدفا!!؟ وهل يعقل ان نمنع حارس مرمى من شكر ربه وسجوده على ارض الملعب لأنه صد ضربة جزاء!! أو نمنع حكما أو لاعبا تمتم بآية الكرسي او المعوذتين لأنه في ملعب!! أو حتى نمنع الجماهير الحاضرة لمشاهدة كرة القدم من الصلاة في الملعب!!؟؟ لأنهم وببساطة جاءوا لمشاهدة كرة جلد منفوخ يتقاذفها لاعبون في ميدان كرة القدم!! ولماذا نهاجم ونحرم قصة «القزع» في رؤوس لاعبينا إذن!! ولماذا نطلب من الحكام ان يخافوا الله في حكمهم وقراراتهم، وهل نطلب منهم انفصالهم عن الدين عندما يكونون في الملعب!؟ نحن بالتأكيد لا نحب التطرف ولا نحب المبالغة في توظيف الدين في امور الرياضة مثلما صرح رئيس الهلال، ولا نحبذ ان يكون جل اهتمامنا كرة قدم ونيل بطولة أو كأس وفي الوقت نفسه لا نجعل من الرياضة عادة بذيئة أو أمرا تافها لا تستحق منا الاهتمام، أو نظرة دونية محتقرة لا تتعدى جلدا منفوخا يركض وراءه «الغاوون»!!. وإذا كنا تعودنا على التطرف في معظم امور حياتنا في هذا المجتمع فإن علينا القبول به، وما يقوم به لاعبونا من حركات دينية كشكر الله والسجود له في مبارياتهم وما يدعو به لاعبونا او رياضيونا في صلواتهم او حتى طلب من حولهم في الدعاء لهم بالتوفيق ليس عارا أو عيبا أو حتى حراما، ولكن المبالغة في شحذ كافة الهمم من كافة الجماهير على امر هين وبسيط يمكن تعويضه شيء لم نتعوده في مسيرتنا الرياضية، فبالتأكيد خير الدعاء هو ما يخدم الاسلام والمسلمين وليس لفوز فريق او انتصاره في مباراة كرة قدم!!. ولعلي أتذكر ما اصابنا من فرح كبير لم ولن تنساه الجماهير الرياضية قاطبة في بلادنا على الاطلاق هو ذلك الفوز المبهر الذي رسمه ابطالنا في سنغافورة عام 1984 والذي لم يبق أحدا الا وخرج من بيته مبتهجا بتلك البطولة الآسيوية بل لا أبالغ اذا قلت ان قلوب السعوديين في ليلة تلك البطولة كانت تبتهل الى الله ان تحقق السعودية أول انجازاتها بمستويات كبيرة رائعة وبفوز كبير على الكويت وكوريا الجنوبية وإيران والصين وهم يومئذ فرسان آسيا، بل أكاد أجزم ان الكثيرين سجدوا لله شكرا على ذلك الانجاز الكبير. فلنفرح ما دام الفرح مباحا ومستحقا ولنذكر الله في الملعب وخارجه ولندعو الله في السر والعلن ان ننتصر ونفوز ونحقق ما نريد طالما انها حقوق مشروعة ومطلوبة، وما دام انه تنافس شريف لا يشوبه فساد مالي او اخلاقي فالعقل السليم في الجسم السليم، ومن لا يريد الرياضة وأهلها فلينفعنا بسكوته على الاقل ولا يتدخل فيما لا يعنيه... وسلامتكم.