بعد نهاية كل يوم من أيام الاختبارات النهائية يقوم بعض الطلبة ومن كافة المراحل الدراسية بالتخلص من كتبهم الدراسية بطريقة غريبة ومهينة للكتاب والعلم سواءً بالتمزيق أو رميها في ممرات وميادين المدرسة وعند أبوابها، ومنها من بُعثرت صفحاته على ناصية الطرق والشوارع المحيطة وكأنه شرط من شروط إتمام العام الدراسي. إن ما تحوي أوراق الكتب من علم ومعرفة يكاد لا يقدر بثمن أو على أقل تقدير أضعاف قيمة «الورقة» التي كُتب عليها ناهيك أن سعر تكلفة إنتاج الورق مرتفعة. كما أن الورق المعاد تدويره أقل كلفة بكثير من الورق المنتج لأول مرة، فتدوير طن واحد من الورق يغنينا عن قطع 17 شجرة لإنتاج طن مماثل، ويوفر 28 مترًا مكعبًا من المياه، كما يوفر (4100 كيلو وات/ ساعة) طاقة. إلا ان المحافظة على الكتب لإعادة استخدامها من قبل طلبة العام المقبل أو الذي يليه سيجنبنا الكثير من قطع الاشجار بالإضافة إلى توفير نفقات إعادة التدوير. كما أن لهذا العمل ثمارا ايجابية آنية ومستقبلية يعزز فيها الجانب التربوي لدى الطالب بقدرته على تحمل المسؤولية الفردية وإبراز أهمية دوره الفاعل بالمدرسة، وكذلك المساهمة في تخفيض مصروفات وزارة التربية والتعليم بداية كل عام دراسي من نسخ وطباعة وتوزيع كتب جديدة. كما أنها إضاءة توعوية للمجتمع بضرورة الاهتمام بالبيئة والمحافظة عليها. إن العمل على رفع مستوى الإدراك لدى الفرد -الطالب- بمسئوليته تجاه نفسه بالمقام الأول وأنه محاسب عن تصرفات سلوكه ونتائجها من أول يوم من أيام الدراسة لهو الطريق الأمثل لجعله في مواجهة مباشرة مع مستقبله. وما يتعرض له (المربي الأول) المعلم بين الفينة والأخرى من تهديد لفظي وجسدي وعبث بالمركبات، وما بُث من صور وأفلام عبر شبكات التواصل الاجتماعي من تخريب للفصول الدراسية من قبل بعض الطلبة، دليل على عدم منحهم الثقة في تحمل تبعات تصرفاتهم. كما أن لإزالة الحواجز النفسية والفكرية بين الطالب والمعلم الأثر الإيجابي الكبير في طمس الفجوة فيما بينهما، وهنا يكمن دور «المرشد الطلابي» بإقامة المسابقات ذات الطابع التنافسي وتنظيم الرحلات الكشفية والمخيمات لجميع الطلاب دون استثناء. خلال عطلة نهاية الأسبوع والإجازات النصفية وفي المناسبات الجليلة كاليوم الوطني التي تنُمي روح التعاون والمبادرة والمساواة وتزرع المحبة بين الطلاب. كما أنها فرصة للمعلمين للتعرف عن كثب على سلوكيات ومشاكل طلبتهم وتكشف لهم موضع الخلل الممكن إصلاحه في جو يملأه المرح والأخوة. كما أن إسناد «إدارة الانشطة اللامنهجية» للطلبة كتنظيم الزيارات العلمية والمسابقات الرياضية بين المدارس، والتنسيق لعمل معارض فنية لرسوماتهم وأعمالهم اليدوية وتفعيل النشاط المسرحي والأدبي، عوامل تساعد على التحفيز وتعزز الثقة في نفس وشخصية الطالب وتشعره بالانتماء. وكأني أرى الغد في عيني عندما يُسلم الطلبة الناجحون كتبهم لزملائهم الذين سيحلون في مقاعدهم العام المقبل، تهنئة وتشجيعاً لهم بمواصلة المثابرة في طلب العلم وتحصيله. ولك أن تتخيل -عزيزي المعلم-ما ستثمر عنه هذه المناسبة من ردة فعل إيجابية للطرفين: الفخر بالإنجاز لمهُدي الكتب والحماسة والإقدام لمستلمها.