تناقلت وسائل الإعلام العربية والأجنبية في الأسبوعَين الماضي والحالي، وبخاصة الإسرائيلية منها قيام الهاكر السعودي أو "المخترق الالكتروني" الذي يُطلق على نفسه لقب "إكس عمر" بنشر قوائم على الانترنت تحتوي على تفاصيل ما يزيد على 29 ألف بطاقة مصرفية/ ائتمانية خاصّة بمواطنين إسرائيليين تضمّنت أسماءهم وأرقام هواتفهم وعناوين مساكنهم متوعّداً بالكشف عن المزيد من بطاقات الائتمان الإسرائيلية في المستقبل. الاختراق الالكتروني أو "Hacking” يتطلب معرفة واسعة جداً في مجال الحاسوب وأمن المعلومات بالإضافة إلى درجة عالية من الذكاء في مجال البرمجيات الالكترونية وكيفية تخطي برامج الحماية المتعدّدة التي توظفها الشركات المالية والعسكرية وغيرها من المؤسسات الحيوية. فعلى ذمة صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أشارت إلى انها أجرت مقابلة مع الهاكر السعودي "إكس عمر" وانه يبلغ من العمر 19 عامًا ويعزو سبب هجومه على بطاقات الائتمان الإسرائيلية إلى أن"إسرائيل تهاجم وتقتل كل يوم الفلسطينيين الأبرياء، وترتكب جرائم الإبادة الجماعية بحقهم، بالإضافة إلى أنها تنتهك القوانين الدولية..، وأنا أريد إيذاء إسرائيل ماليًّا واجتماعيًّا". مثل تلك العمليات الاختراقية للبطاقات المصرفية لربما تضعف من موقف تلك الأصوات المعتدلة الآخذة في الزيادة على وقع التغييرات السياسية الكبرى التي يشهدها العالم العربي. في حالة صحة ما تنقله صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أين صحافتنا المحلية الاستقصائية؟!، فإنه من المفرح جدًا تمكّن أحد أبنائنا الشباب من اختراق الأنظمة الإسرائيلية وإثبات بالدليل القاطع أن لدى شبابنا العربي الملكات الفكرية الإبداعية التقنية التي تماثل نظيراتها في الأمم والمجتمعات الأخرى. ولكن تحفظي على هذا الاختراق هو مهاجمته قطاع عمليات مصرفية وائتمانية مدنية مما قد يفتُّ في أخلاقيات هذه العملية أو مبرراتها من منظور دولي وبالتالي يُفقدها التعاطف والمساندة بالرغم من نبل المقصد. فهذه العملية لو وجّهت على سبيل المثال لبرامج البحوث العسكرية الأمنية الإسرائيلية أو برنامجها النووي العسكري أو الاستفادة من بحوثها المتقدّمة في مجال استخدام المياه لكان العائد المعنوي والمعلوماتي أرقى وأكثر مشروعية وقبولًا لدى المراقب المحايد سواء داخل إسرائيل أو خارجها. فكما هو معروف، هناك أصوات معتدلة داخل دولة إسرائيل تدعو للسلام وتطالب بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وإعطاء الفلسطينيين كافة حقوقهم المشروعة.. مثل تلك العمليات الاختراقية للبطاقات المصرفية لربما يضعف من موقف تلك الأصوات المعتدلة الآخذة في الزيادة على وقع التغييرات السياسية الكبرى التي يشهدها العالم العربي. وختامًا، كيف يمكن استغلال "إكس عمر" وأمثاله على المستويين المحلي والعربي بما يدعم التقنية العربية الالكترونية ويضعها في مراتب عالمية.. فكثير من شركات تقنيات المعلومات العالمية المرموقة مثل مايكروسوفت وجوجل وغيرهما توظف الهاكرز لاختبار مدى قوة أنظمة الحماية لديها.