يتوقف الكثير من المسافرين عند مساجد الطرق لتأدية الصلاة فيها إلا أن هذه المساجد تحمل الصورة المحزنة من الإهمال، بل وصل الأمر إلى عدم الاهتمام بنظافتها، حتى أصبحت في كثير من الأوقات مرتعًا للأوساخ والغبار. وحمَّل عدد من الأئمة والمشايخ والشباب وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف المسؤولية كاملة تجاه إهمال هذه المساجد، وطالبوا بأن يكون هناك علاج سريع يكفل الاهتمام بها، وفي المواسم مثلما هو الحال في هذه الأيام مع موسم الحج، وفي ظل استخدام أكثر من 70% من المسافرين والمتنقلين داخل المملكة للطرق البرية، يصبح خيار التنقل عبر قرابة 60 ألف كلم قطعة من العذاب، حين تبرز المشكلة المتجددة والحاضرة على الدوام وهي استراحات طرق مزرية، لا يوفر أكثرها الحد الأدنى للاستخدام الآدمي، كما تصف الكثير من التقارير الإعلامية، والتحقيقات الصحفية. وهنا يقول عبدالرحمن حمود القرني: من المؤسف أن نشاهد مساجد الطرق السريعة بهذه الصورة التي لا تعكس الاهتمام ببيوت الله ولا تعظيم شعائر الله. وكما هو معلوم للجميع أن أي منها يتبع لوزارة حكومية بصفة رسمية أو إشرافية لطالما حث قائد هذه البلاد -حفظه الله- على تحمل كل مسؤول الأمانة الملقاة عليه وهذا يقودنا لحقيقة مؤلمة. ويؤكد عبدالرحمن أنه لن نرى مصليات الطرق بحال أفضل، طالما المسؤول لا يسلك هذا الطريق ولا يستخدمه، وهنا يدعو عبدالرحمن بعدم الاكتفاء بإيجاد جمعيات تطوعية للعناية بها، وإنما يطالب (مكافحة الفساد) للوقوف عليها وتعيين المتسبب في ظهورها بهذا المنظر الذي لا يمثل هذا البلد المعطاء. ويردف قائلًا: وهنا أهمس في أذن كل مسؤول له علاقة بالمساجد أو كل رجل أعمال استثمر في استراحات الطريق وكانت المساجد ضمن مشروعه: إن للمساجد مكانة عالية ومزية خاصة في ديننا فالعناية بها تشريف قبل أن يكون تكليفًا؛ فهي أحب البقاع إلى الله وقد أعلى الله -تبارك وتعالى- شأنها وشهد بالإيمان لمن يعمرها بقوله سبحانه: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ}. وحث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمته على بناء المساجد، وبيّن عظيم أجرها فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من بنى لله مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من بنى لله مسجدًا قدر مفحص قطاة بنى الله له بيتًا في الجنة). ويختم القرني: صدقوني لو استشعرنا هذه الآيات والأحاديث لتسابقنا لخدمة هذه المساجد. ويذكر زياد النهدي سكرتير إداري أن المساجد الموجودة في الطرقات موضوعها مهم جدًا، ويجب إيجاد حل لها؛ لأنها بيوت الله تعالى، والاهتمام بها من أوائل الأمور وبنسبة إليّ لا أقول إن كلها غير مهتم بها من قبل الجهات المعنية، بل يوجد نسبة قليلة تلقى اهتمامًا بها، والأغلب تكون من أصحاب ملاك المحطات التي في الطرقات. ويقول زياد: بالنسبة لموضوع الاهتمام والمسؤولية أرى أن تكون من الطرفين ملاك المحطات ووزارة الشؤون الإسلامية، والأفضل أن تكون الوزارة هي المشرف العام والدائم عليها وبشكل مستمر. ويؤيد زياد فكرة تكريم المتطوعين من قبل أمير المنطقة ويصفها بالفكرة الجميلة كي يكون حافزًا لهم وقبل هذا كله عليهم احتساب الأجر العظيم من الله تعالى لخدمتهم بيوت الرحمن من أشرف الأعمال. ويضيف ماجد حسين أحمد طالب بكلية الهندسة إن مساجد الطرق السريعة تعكس الاهتمام ببيوت الله، ولكن للأسف هناك إهمال واضح للمصليات التي تتواجد بالخطوط السريعة، فمن الخبر إلى مكة (من الشرق إلى الغرب) تكاد لا ترى إلا استراحتين نظيفتين ومساجدهما نظيفة، مما يعني أن نظافة المصلى تكون بنظافة الاستراحة، فصاحب الاستراحة يكلف عمالًا لتنظيفها ما يقارب كل ثلاث ساعات، ونحن بطبيعتنا ديننا يحثنا على النظافة، ولكن الشخص إذا رأى المكان متسخًا وقذرًا لا تنتظر منه أن ينظف ما خلّف؛ فالنظافة الدورية من أهم أسباب النظافة الدائمة. ويقول ماجد: وزارة الشؤون الإسلامية غير مسؤولة عن نظافة مساجد الطرق، بل أصحاب المحطات هم المسؤولون عنها، وإلا كل يوم وآخر سيأتي شخص ويبني استراحة ويطلب من الأوقاف تحمل مسؤوليتها، ولكن في نفس الوقت لا أطلب منها رفع يدها. وجهة نظري أن الشخص الذي يريد بناء مصلى يذهب للأوقاف وهي تشترط عليه أن يوفر عاملًا لتنظيف الحمامات. ويختم ماجد: النظافة من الإيمان فمن الجميل أن تذهب جماعات من الشباب وتقوم بذلك، وهذا قد يحفز آخرين، فمثلًا كل جماعة تذهب للاستراحات التي تبعد عنها 200 كيلو أعتقد أنها لن تقف على جماعة واثنين وستنتشر في ربوع المملكة، ونزهر ببلد نظيف فالمساجد ودورات مياهها تعكس جمال البيئة ونظافة سكانها، ومن ثم يكون هناك تتويج لجهودهم المبذولة؛ لأنه فعلًا شيء يفتخر به وقد روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: «أن امرأة سوداءَ كانت تقم المسجد -أي تنظف المسجد- فماتت ففقدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأل عنها بعد أيام، فقيل له: إنها ماتت فقال -عليه الصلاة والسلام- فهلا آذنتموني فأتى قبرها فصلَّى عليها». ويؤكد سعد الدوسري أن مساجد الخطوط السريعة تعكس الاهتمام ببيوت الله حيث لابد من نظافتها وصيانتها من قبل المُلاك. ويقول سعد :مساجد المحطات من الأفضل تكون مسؤوليتها من قبل أصحاب المحطات من ناحية الصيانة والنظافة والاهتمام بها لا من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، ويؤيد سعد وجود فرق تطوعية تعمل على الإشراف الأسبوعي أو الشهري لمتابعتها من جميع الجوانب، وحبذا لو يكون لهم تكريم على تلك الجهود من أمير المنطقة. ويذكر محمد سعيد مقيطوف طالب بكلية الهندسة بجامعة الدمام أن المساجد الموجودة باستراحات الطرق السريعة تفتقر إلى الكثير من الخدمات الرئيسية من صيانة ونظافة سواء للمسجد أو لدورات المياه الخاصة بالمسجد. ومن وجهة نظر محمد أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف هي المسؤولة عن مساجد الطرق وصيانتها وأيضًا ليس بمفردها، بل نحن كذلك في المحافظة عليها وتنبيه كل من يحاول تشويه أو تخريب هذه المساجد، ويفضل محمد أن تقام مسابقات بين المدارس أو حلق التحفيظ مثلًا للعناية بتلك المساجد بإشراف من وزاره الشؤون الإسلامية والأوقاف؛ لأن في ذلك تشجيعًا لشبابنا لفعل الخير وحث غيرهم للاقتداء بهم، ويجب تشجيع ودعم الشباب في المحافظة على نظافة المساجد والاهتمام بممتلكاتها ومرافقها ليتعاون الجميع للحد من هذه المشكلة. وبكل أسف يقول حسن عسيري معلم بالمرحلة الثانوية: إن تلك المساجد بالكاد يطلق عليها مساجد فالشخص الذي يصلي بها لا يشعر بالخشوع ولا الطمأنينة، ويعود ذلك إلى سوء الفرش الموجود بالمسجد، وأيضا عدم وجود المكيفات وعدم نظافة المسجد بشكل عام، وحتى الصوتيات في تلك المساجد مهملة نوعًا ما، ودورات المياه حالتها رثة ويصعب استخدامها. ويقول حسن قد تجد بعض المحطات يهتم أصحابها بهيئتها من الخارج من محطة وقود إلى الأسواق الموجودة وبقية المرافق، ويهمل المسجد الموجود في الاستراحة، وهو أهم شيء فيها، والتقصير هنا موجود من قبل مالك المحطة وأيضًا وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، وإن كان على وزارة الشؤون الإسلامية أن تراعي الواجب عليها في هذا الأمر، ويهيب حسن الفرق التطوعية الموجودة بكثرة في المنطقة الشرقية بالاهتمام بهذا الموضوع والحرص على تثقيف المجتمع بالعمل الجماعي أو التطوع للعناية بتلك المساجد، وهذا الأمر قد وجد مسبقًا ببعض الأندية الصيفية، وهذا أمر رائع وننتظر دور إعلامنا المبارك لتسليط الضوء على هذا الموضوع، ونتمنى من الجهات المعنية أيضًا لفت النظر إلى هذا الموضوع بصورة عاجلة لحل تلك المشكلة التي لا نهاية لها. مساجد أصبحت مأوى للطيور نفايات أمام مسجد بطريق الدمام الرياض