صباح يوم الجمعة، استيقظت الصين على أخبار محلية بأن شركة التجارة الإلكترونية العملاقة علي بابا كسبت 21.8 مليار دولار في الاكتتاب العام الأولي في نيويورك، وهو أكبر طرح من أية شركة في الولاياتالمتحدة، وتماماً في الوقت الذي كان فيه الموظفون في طريقهم عودتهم إلى بيوتهم، أعلنت وسائل الإعلام المملوكة للدولة أن السلطات فرضت غرامة قياسية على عملاق الأدوية جلاكسو سميث كلاين ومقرها لندن مقدارها 489 مليون دولار، وحكمت على العديد من المديرين التنفيذيين فيها بعقوبة السجن مع وقف التنفيذ لطلبهم رشوة للأطباء والمستشفيات، هذان وجهان اثنان لعالم الشركات في الصين، يجب أن يقدما للمستثمرين التواقين الجدد في علي بابا وقفة للتفكير. ليست لدي معرفة داخلية لما فعله تنفيذيو جلاكسو -أو لم يفعلوه- في الصين، وقد نشرت الشركة ومقرها لندن اعتذاراً، تتخلى فيه بصورة واضحة عن بعض التعاملات المراوغة، ولكن خبرة الشركة خلال التحقيق الطويل، ودخولها في محاكمة سرية، تبرز مدى الغموض، وعدم التوقع وبصراحة عدم العدل الذي لا يزال عليه قطاع الأعمال في البر الصيني. إذا كان جاك ما رئيس علي بابا، هو الوجه الذي يمثل الصين الجديدة - المزدهرة والحديثة والدولية – فإن قضية جلاكسو هي تذكير واقعي بما هو قديم. لا أحد، على سبيل المثال، يعرف حقا ما الذي يمكن استنتاجه حيال قرار المحكمة اليوم، يبدو أن جلاكسو تتقلب وتقبل حكماً قد تعترض عليه وتطعن فيه لو كانت في أية دولة أخرى، ويبدو أن المساهمين مرتاحين بشأن تسوية تعتبر أصغر بكثير مما كانوا يخشون في البداية. ولكن نظراً لانعدام الشفافية المحيطة بالعملية برمتها، لا أحد يعرف ما هي الدوافع التي ترمي إليها السلطات الصينية بعد جلاكسو، ولا الذين سيتم استهدافهم في المرحلة المقبلة. هل ما فعله التنفيذيين في الشركة مهما كان، كان أسوأ حقا من أنشطة العديد من المنافسين الآخرين الذين يطمحون لتحقيق أرباح في الصين؟ أين تكمن الحدود للفوز بالصفقات التجارية في ثقافة الشركات التي تعج بدرجة كبيرة بالكسب غير المشروع والسماح بما ليس مسموح؟ هل تشير هذه الحالة إلى أن الصين تتطلع لتنظيف هذا القطاع ورفع مستوى المنافسة للجميع؟ لا نستطيع أن نقول ذلك لأن الصين لن تخبرنا. ومنذ فترة، أثارت حملة لمكافحة الاحتكار على الشركات الأجنبية ابتداء من مايكروسوفت إلى كوالكوم مخاوف من أن الصين تحاول إعاقة الشركات الغربية لصالح المنافسين المحليين. ربما يكون هذا هو الخبر السار بالنسبة للشركات مثل علي بابا التي تعتبر بشكل واضح في المصلحة الرسمية. ولكن كما كتبتُ قبل بضعة أيام، فإن النجاح المستمر للسيد «ما» يعتمد على أهواء الحكومة السرية التي يمكن لها أن تهاجم شركته المدرجة في الولاياتالمتحدة في أي لحظة، لأي سبب من الأسباب. ماذا لو اندفعت علي بابا باتجاه الخدمات المصرفية عبر الإنترنت الذي يثير أعصاب البنوك المملوكة للدولة فى الصين؟ يبدو من المستحيل بالنسبة للمستثمرين معرفة متى قد يصطدم الأمر برمته الحائط الصيني للتدخل السياسي. مرة أخرى، يمكن أن تكون جلاكسو مذنبة فعلاً، ولكن الطريقة التي تم فيها إجراء هذا التحقيق، الذي استمر15 شهراً، يمكن أن تضر فقط الصين على المدى الطويل، ومهما كانت الفائدة المؤقتة التي قد تعود على الشركات الصينية المحلية فإنها سوف تدفع الثمن فيما بعد من الأدلة التي تشير إلى مدى التعسف والتقلب الذي يمكن أن يكون في النظام الصيني، أنا متأكد أن هذه ليست هي الصورة التي أراد جاك ما عرضها على العالم في يومه الكبير.