دان أبيت ليس مصاباً بالسكري، ولا هو علم بأنه مصاب بالمرض بشكل واضح، لكن شركات التنقيب عن البيانات لها رأي مختلف. هذا الشخص البالغ من العمر 42 عاماً، والذي يعمل في تكنولوجيا المعلومات، اكتشف أخيراً أن اسمه ظهر في قاعدة للبيانات تضم أسماء ملايين الأشخاص الذين «يمكن أن تكون لهم علاقة بمرض السكري»، وهي بيانات تبيعها شركة Acxiom Corp، التي تعتبر أكبر شركة في العالم للوساطة في البيانات. وقامت إحدى الشركات التي اشترت المعلومات، وهي شركة Exact Data، بوضع اسم دان أبيت وعنوانه على الإنترنت، إلى جانب 100 شخص آخر، تحت عنوان «عينة من قائمة عناوين المصابين بالسكري». وهذه مجرد واحدة من مئات قواعد البيانات المعدة للبيع إلى شركات التسويق. وقالت بام ديكسون، رئيسة جمعية «منتدى الخصوصية العالمي»، وهي جمعية غير ربحية، والتي شهدت أمام الكونجرس حول صناعة الوساطة للبيانات: «سيصاب الناس بالصدمة إذا علموا أن اسمهم موجود على بعض القوائم، لكن هناك ملايين من الناس أسماؤهم موجودة على القوائم». وتظهر أسماؤهم في كتب الدليل التي تحمل عناوين مثل «مُعانون فوق الستين»، أو «الألم والعلل»، وفقاً لمراجعة قامت بها بلومبيرج لهذه الزاوية غير المعروفة من صناعة التنقيب عن البيانات. وهناك قوائم أخرى توضع في فئات بحسب التشخيص، منها قائمة تضم أسماء 2.3 مليون شخص من مرضى السرطان، و14 مليون شخص من المصابين بالاكتئاب، و600 ألف أسرة لديها طفل يعاني من التوحد أو من اضطراب نقص الانتباه. وتباع هذه القوائم مقابل 15 سنتاً لكل اسم، ومقابل بضعة سنتات أخرى يمكنك الحصول على تفصيلات فرعية حول كل اسم، مثل الخلفية العرقية، ومستوى الدخل، والمنطقة الجغرافية التي يوجد فيها ذلك الشخص. وبعض المستهلكين يمكن أن ينتفعوا من ذلك، مثل الذين يعثرون على دواء جديد أو على خدمة جديدة يمكن أن تساعد صحتهم على التحسن. من جانب آخر، اعتاد الأمريكيون على أن يتم تشريحهم وفقاً لخطوط ديمغرافية. وهناك عمليات تسويق شائعة ومعروفة، مثل إعلانات رعاية الحدائق لأصحاب المساكن الجديدة، وكوبونات لحفاظات الأطفال للأمهات الحوامل. لكن تجميع كميات ضخمة من المعلومات الصحية الخاصة والحساسة هو منطقة جديدة، ويقول كثير من خبراء الخصوصية إن الشركات تتمادى في هذا المجال. وقال جاي روكفلر، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فرجينيا الغربية: «هذا أمر مثير للسخط ومجحف بحق المستهلكين حين تقوم الشركات بالتربح من بيع المعلومات الصحية للأفراد والتي تعمل خلف حجاب من السرية. من حق المستهلكين أن يعلموا مَن الذي يتربح على ظهورهم». وفي فبراير الماضي اقترح بعض أعضاء مجلس الشيوخ مشروع قانون يسمح للمستهلكين برؤية المعلومات التي تم تجميعها عنهم وأن يصبح من الأسهل عليهم اختيار حذف أسمائهم من القوائم إذا رغبوا في ذلك. وفي مايو أوصت لجنة التجارة الفدرالية إلى الكونجرس بوضع المزيد من قواعد الحماية حول جمع المعلومات الصحية وغيرها من المعلومات الحساسة من أجل ضمان أن يعرف المستهلكون تفاصيل البيانات التي يتم مشاركتها على القوائم. وتقول الشركات التي تبيع البيانات: إنها مأمونة ولا تشتمل إلا على معلومات من مستهلكين يرغبون في مشاركتها مع شركات التسويق، حتى يحصلوا على معلومات أفضل حول وضعهم الصحي. وقالت «رابطة التسويق المباشر»، وهي جمعية مهنية تضم شركات وساطة البيانات: إن لديها مجموعتها الخاصة من الخطوط الإرشادية الإلزامية، من أجل ضمان أن يتم جمع البيانات واستخدامها على أسس أخلاقية. ولديها أيضاً موقع على الإنترنت يسمح للمستهلكين باختيار عدم إدراج أسمائهم أو عدم رغبتهم في تلقي مواد تسويقية. ولكن السهولة التي يمكن بها اكتشاف البيانات، والتي لا تحتاج أحياناً إلى أكثر من البحث في محرك جوجل، إلى جانب المقابلات التي أجرتها بلومبيرج مع الأشخاص الذين ظهرت أسماؤهم في إحدى قواعد البيانات التي من هذا القبيل، تشير إلى أن العملية ليست دائماً مأمونة أو شفافة. وقال دان أبيت: إنه لم يوافق نهائياً على أن يُدرَج اسمه في أية قائمة على علاقة بالسكري. وقال شخصان آخران على القائمة: إنهما لا يعانيان من السكري كذلك، ولم يكونا على علم بأنهما وافقا على عرض المعلومات الخاصة بهما. وفي حالة أبيت بالذات، لا يوجد أي شخص آخر في أسرته مصاب بالسكري، والعلاقة الوحيدة التي يعتقد أنها السبب في أن اسمه ظهر على إحدى قوائم المصابين بالسكري هو أنه شارك في بضع مناسبات من سباق الدراجات لصالح مجموعة تجمع المال لمساعدة مرضى السكري. وقال: «لو أني وضعتُ اسمي طوعاً لتُنشَر المعلومات الطبية الخاصة بي، فليست هناك مشكلة. لكني لستُ مصاباً بالسكري، ولا أريد أن تباع أي معلومات بشأن وضعي الصحي». وجدت بلومبيرج أن قوائم السكري على موقع Exact Data تشتمل على عينات من القوائم التي تشتمل على عشرات من الفئات الأخرى، مثل فئة «المقامرين» أو «الحوامل». وتشتمل قائمة السكري على 100 اسم وعنوان بريدي وعنوان إلكتروني للشخص. وأرسلت بلومبيرج رسائل إلكترونية إلى جميع الأشخاص في القائمة، ووافق 3 منهم على إجراء مقابلات. يشار إلى أنه لم تكن هناك قيود على مَن يستطيع الوصول إلى هذه القوائم، والتي يمكن الوصول إليها عن طريق محركات البحث مثل محرك جوجل.