بعد أن بدأ الاقتصاد الصيني بالتباطؤ وذهبت الأيام التي كان ينمو فيها الاقتصاد برقم من خانتين، أصبحت الشركات التي كانت تبيع المعادن إلى الصينيين تتطلع إلى الشيء الكبير التالي. هذا الشيء بالنسبة لشركات المناجم الأسترالية هو قطعان الأبقار. ربما بدأ طلب الصين على خام الحديد والصخور المعدنية المستخرجة من الأرض بالتراجع، ولكن شهية الصينيين للحوم الأبقار أجنبية المنشأ ستستمر بالتزايد، فاستهلاك الصين للحوم الأبقار ربما يقفز بنسبة تزيد على 70% بحلول عام 2030، وذلك حسب تقرير جديد نشرته مجموعة بنك أستراليا ونيوزيلاندا (أي إن زد). تفتقر صناعة الصين إلى النطاق الكافي الذي يمكنها من تغذية ذلك النمو، حيث تأتي ثلاثة أرباع إمداداتها المحلية من قطعان يقل عدد الواحد منها عن 10 رؤوس من الأبقار. قال مايكل وايتهيد، مدير بنك أي إن زد لشؤون أبحاث الأعمال الزراعية، في تصريح له نشر يوم الجمعة: «ستستمر قدرة الصين على تلبية الطلب على لحوم أبقارها تتعرض للعرقلة والإبطاء بسبب الطبيعة المفككة التي يعاني منها هيكل صناعة لحوم الأبقار فيها.» استهلكت الصين 5.9 مليون طن من لحوم الأبقار في العام الماضي، جاء 81% منها من موردين محليين. ويقول بنك أي إن زد إنه بحلول عام 2030 ستنخفض الحصة التي تأتي من المزارع المحلية لتصل إلى 62%. ربما يعتقد الواحد منا أن المزارعين الأمريكيين سيكونون أكبر الرابحين من هذا العجز، على اعتبار أن الولاياتالمتحدة هي أكبر منتج للحوم الأبقار في العالم. ولكن الصين حظرت استيراد لحوم الأبقار الأمريكية لأكثر من عقد، بعد تفشي مرض جنون البقر في قطعانها في عام 2003. ولكن ما يزال بعض من لحوم الأبقار الأمريكية يأخذ طريقه إلى البر الصيني لأن هونغ كونغ ما تزال تسمح باستيراد مثل هذه اللحوم. وقد أدى خوف آخر من مرض جنون البقر إلى حظر الحكومة الصينية استيراد لحوم الأبقار البرازيلية في عام 2012، الأمر الذي عزز من مكانة أستراليا كأكبر مورد للصين. دفعت الشهية المتزايدة للصينيين للحوم الأبقار عدداً من الشركات الأسترالية إلى التركيز على الأبقار أكثر من تركيزها على استخراج المعادن الصخرية. فمثلاً نقلت وكالة بلومبيرج الإخبارية خبراً في الشهر الماضي يفيد بأن شركات التعدين الأسترالية، التي سبق لها أن استفادت من الازدهار الصيني الذي قادته المعادن، أصبحت الآن شركات زراعية لأن أعمال التعدين فيها بدأت بالتراجع. وفي النصف الأول من عام 2014، عقدت صفقات لا تقل قيمتها عن 2.6 مليار دولار اشتملت على أصول غذائية وزراعية من أستراليا، وهو ما يعتبر أفضل صفقات نصف سنوية منذ 12 سنة على الأقل. وتعتبر شركة ريو تينتو وشركة هانكوك بروسبيكتينج من بين شركات التعدين الأسترالية التي تتوجه نحو صناعة لحوم الأبقار. بالنسبة للشركات التي تكبدت نفقات ضخمة في نقل المعادن من مناطق نائية في أستراليا، فإن تربية الأبقار تعطيها ميزة. قال بارنابي جونز، وزير الزراعة، في مقابلة مع بلومبيرج: «المشكلة مع خام الحديد هي أنه يتعين عليك الحفر من أجل استخراجه ثم نقله بالشاحنات. لكن الأمر الرائع بالنسبة للأبقار هو أنها تمشي وتريحك من أعباء النقل.» من بين كبار الصناعيين الأستراليين العاملين في مجال التعدين، هناك أندرو فوريست، الملياردير المؤسس لشركة معادن فورتيسكيو، رابع شركة في العالم لتصدير خام الحديد. في مايو، استحوذ على شركة هارفي للحوم الأبقار في غرب أستراليا، وهي الشركة الوحيدة في الولاية المصرح لها بتصدير اللحوم إلى الصين. وفقاً لبيانات من بلومبيرج، تصل ثروة فوريست إلى 4 مليارات دولار، وهو أيضا ًمؤسس الشراكة الأسترالية الصينية لمائة عام للزراعة وسلامة المواد الغذائية، وهي مجموعة تهدف إلى «أن تجعل أستراليا أكبر البلدان الموردة للمواد الغذائية إلى الصين من حيث الموثوقية والقدرة التنافسية»، وفقاً لبيان من مؤسسة مينديرو، التي يدعمها فوريست.