في مقالة سابقة، قمت بمناقشة جوهر تهديد الركود طويل الأمد - احتمال الفائض طويل الأجل للادخار على الاستثمار، جنباً إلى جنب مع حقيقة أن أسعار الفائدة الاسمية لا يمكن أن تتحول إلى سلبية من أجل إزالة هذا الفائض. هذا المزيج يمكن أن يُسبب فجوة مستمرة بين الناتج المحتمل والناتج الفعلي - وهو فترة ركود لا تنتهي. هذا سيكون سيئاً بما فيه الكافية، لكن التوقعات هي أكثر تشاؤماً بكثير، لأنه إذا تم تهميش فجوة الناتج فإن الناتج المحتمل سيصبح راكداً في حد ذاته. مقالة روبرت جوردون في الكتاب الإلكتروني المنشور على موقع VoxEU تجادل بأن النمو في الناتج المحتمل كان قد تباطأ بالفعل أكثر مما يدركه معظم خبراء الاقتصاد، ومن غير المرجح أن يرتفع. جوردون معروف بأنه متشائم فيما يتعلق بالتكنولوجيا، لكن في مقالته لموقع VoxEU قام بمقاومة هذه التسمية. فهو يجادل بأن تباطؤ التكنولوجيا في الولاياتالمتحدة هو بالفعل موجود منذ عقود. ونقطته الأساسية ليست هي أن التقدّم التكنولوجي سوف يتباطأ أكثر (على الرغم من أنه يعتقد أنه ربما يفعل)، كل ما في الأمر أنه لا يوجد سبب للتوقع بأن يرتفع عن مساره المنخفض القائم. وهو يقول: إن هذا الاتجاه الضعيف سيواجه بعد ذلك أربعة «رياح معاكسة» إضافية: ركود النمو السكاني، وعيوب نظام التعليم في الولاياتالمتحدة، وارتفاع عدم المساواة في الدخل (التي تحوّل فوائد النمو، كما هي، إلى أقلية غنية)، وارتفاع الدين العام (الذي سيتطلب ضرائب أعلى على الخدمة). إنها الرياح المعاكسة، وليس أي تباطؤ تكنولوجي جديد، هي التي تُلحق الضرر. تشير تقديرات جوردون إلى أن الناتج المحتمل في الولاياتالمتحدة ينمو بحوالي 1.5 في المائة سنوياً فقط - أقل مما يفترضه معظم المتنبئين الآخرين. على هذا الرأي، كما يُلاحظ، أن الفجوة بين الناتج الفعلي والمحتمل «حالياً هي ضيقة للغاية». بعبارة أخرى، يتحدث جوردون عن نوع آخر من الركود طويل الأمد: ليس الركود الدائم، لكن النمو البطيء باستمرار حتى في التوظيف الكامل. دعونا نفترض أن جوردون محق بشأن الرياح المعاكسة. إذا كان كذلك، فإن النمو طويل الأجل بمعدل أكثر راحة يبلغ 2 في المائة أو أكثر سنوياً سوف يتطلب نمواً طويل الأجل أسرع في الإنتاجية - تسارع تكنولوجي. هل هذا معقول؟ إنه ادّعاء كبير، وجوردون يجد أن الفكرة «غير مقنعة تماماً». ليكون ذلك صحيحاً بالنسبة للمتفائلين فيما يتعلق بالتكنولوجيا، فإن قوة الابتكار على مدى نصف القرن القادم ينبغي أن تتجاوز ما حدث منذ السبعينيات: «الحقبة المركزية التي ألغت الوظائف الكتابية الروتينية التي كانت تقتضي إعادة الكتابة التي لا نهاية لها لنسخ العقود والفواتير والمذكرات القانونية؛ واختراع جهاز الكمبيوتر الشخصي الذي سمح للعديد من المهنيين بكتابة أبحاثهم بدون مساعدة السكرتيرة؛ واختراع تقنيات تغيير قواعد اللعبة في قطاع التجزئة بما في ذلك أجهزة الصراف الآلي، وأجهزة مسح الكود، وإجراء عملية الشراء والمغادرة بصورة ذاتية، وأكشاك للحجز الآلي على متن الخطوط الجوية؛ وموقع الأمازون والتجارة الإلكترونية؛ وموسوعة ويكيبيديا وتوافر معلومات مجانية في كل مكان؛ وتقادم كاتالوج المكتبة المطبوع، وكاتالوج قطع غيار السيارات، والقاموس المطبوع والموسوعة المطبوعة. جويل موكير، وهو مساهم آخر ومؤرخ رائد في التكنولوجيا، يقوم بصياغة الحجة الأخرى. يقول: إن ثورة الكمبيوتر «قد أدت إلى إعادة ابتكار الابتكار». وإنها بدأت للتو. التكنولوجيا الرقمية موجودة في كل مكان، من علم الوراثة الجزيئية إلى علم التكنولوجيا إلى البحث في شعر القرون الوسطى. أجهزة الكمبيوتر الكميّة، التي لا تزال تجريبية إلى حد كبير، تعد بزيادة هذه القوة من حيث الحجم. في كتابة حديثة جداً، تم التشديد على أهمية المعلومات وتكنولوجيا الكمبيوتر عن الناتج والإنتاجية، ومن الواضح أنها ذات أهمية كبيرة. مع ذلك، ما يجب أن يوضع في الاعتبار هو أن آثار العلم غير المباشرة على الإنتاجية من خلال الأدوات التي توفّر من خلالها الأبحاث العلمية قد تجعل، على المدى البعيد، الآثار المباشرة تبدو صغيرة. إذا كان هذا صحيحاً، لماذا لا ترى الكثير من ذلك في الأرقام؟ يقول موكير، لأن الأرقام مُضللة. إن إحصاء السلع والخدمات الرقمية أصعب من إحصاء الأغراض التي تتدفق على خطوط الإنتاج. كذلك، بمجرد أن تطوّرت، يمكن تزويد المنتجات الرقمية بتكاليف منخفضة جداً. هذا أمر عظيم بالنسبة لمستويات المعيشة لكنه لا يُضيف الكثير إلى الناتج المحلي الإجمالي. من الصعب حل الخلاف بين جوردون وموكير. من الممكن، والمحتمل جداً، أن كليهما مُحقان. الاحتمالات التي لم تتحقق بعد من الثورة الرقمية تبدو فعلاً بلا حدود. عند قياسها من حيث النوعية - من التغيرات الفعلية والمتوقعة في طُرق عيشنا - فإن الابتكار بالتأكيد لا يتداعى، وقد يكون في الواقع يتسارع. لكن حتى لو كان كذلك، قد يكون جوردون مُحقاً بأن الإنتاجية المُقاسة والناتج المحلي الإجمالي سينموان ببطء أكبر مما هو مفترض عموماً. وللأسف، هذا مهم: النمو البطيء في الناتج المحلي الإجمالي المُقاس سوف يُسبب ضغوطات اقتصادية وسياسية حتى لو فشلت البيانات الإحصائية بالتقاط كافة مزايا الابتكار. أنا أعتبر نفسي متفائلا،ً فيما يتعلق بالتكنولوجيا، لكن ليس من السهل صرف النظر عن حسابات جوردون. بدون حدوث فتح كبير في الابتكار أكثر مما شهدناه لأعوام عديدة، وبغض النظر عن ما سيحدث لأسعار الفائدة وفجوة الناتج، فإن النمو طويل الأجل في ناتج الولاياتالمتحدة من المتوقع أن يكون مُخيباً للآمال.