في إحدى المرات أخبرني رجل ذكي جداً بأن الأسهم الوحيدة التي كان مستعداً تماماً للقيام بمراهنات كبيرة عليها هي أسهم شركة أبل. عندما سألته عن السبب، ضحك، وقال: «إنها ترتفع!» هذا كان في شهر (سبتمبر) من عام 2012. الفكرة «بارتفاع أي سهم، كما لو كان قانوناً من قوانين الطبيعة»، هي مثال على تحيّز سلوكي مهم جداً : اتباع الاتجاه العام لأوراق مالية معينة. اتباع الاتجاه العام، الذي لطالما كان ظاهرة مُحيّرة، قد حصل على بعض الاهتمام في الدراسات المالية في الفترة الأخيرة. روبن جرينوود وأندريه شليفر بحثا في عدد كبير من الاستبيانات حول المستثمرين، ووجدا أن توقعات الأشخاص عن العائدات المستقبلية عادةّ تكون مجرد استقراء للماضي القريب. بالطبع، تلك التوقعات عادة يتبيّن أنها خاطئة، لكن على ما يبدو أن الأشخاص يؤمنون بها بما يكفي للمراهنة عليها - عندما ترتفع الأسهم وترتفع التوقعات معها، عادةً ما تتدفق النقود في صناديق الاستثمار المشتركة، فقط لتخسر عندما تعود الأسهم إلى المعدل المتوسط طويل الأجل، بدلاً من المعدل المتوسط الأخير. الآن، هذا ربما يكون وهماً - إجابات الأشخاص على الدراسات بشأن توقعاتهم قد تكون في الواقع مجرد انعكاس للتغيرات في موقفهم نحو المخاطر. كما اقترح خبير الاقتصاد جون كوكرين من جامعة شيكاجو (سأقوم بتجارب لاختبار هذه الفرضيات الشهر المقبل) لكن مهما كان السبب، فإن سلوك اتباع الاتجاه يجعل المستثمرين يخسرون الكثير من الأموال. كما قام ييلي شين من الاحتياط يالفدرالي في سانت لويس بتحديد كميته في دراسة حديثة. اتباع الاتجاه العام يتعلق بظاهرة قد دعاها علماء النفس بأنها مغالطة ضربة الحظ، تيمّناً بما يُفترض أنه الفكرة الخاطئة بأن لاعبي كرة السلة حصلوا على سلسلة من التسديدات الجيدة، لكن هناك مشكلة واحدة فقط مع هذه النظرية: كما تبيّن، أن ضربة الحظ ربما تكون موجودة! لكن «المغالطة» ليست دائماً فكرة خاطئة. أحياناً البُنية الأساسية للعالم تتغيّر بسرعة، وفي بعض الأحيان تتغير ببطء، إذا افترضنا أنها تتغيّر بسرعة، عندها نعتقد أن كل تحقيق لعائدات جيدة يُشير إلى تغير أساسي نحو الأحسن، وكل تحقيق لعائدات سيئة يعني أن هناك شيئاً جوهرياً يحدث بشكل خاطئ. لكن يبدو أنه عندما يتعلق الأمر بالتمويل، ذلك النوع من الافتراض غالباً يكون خاطئاً أكثر مما قد يكون صائباً - مع عواقب وخيمة للمستثمرين الذين يتبعون الاتجاه العام. من أشهر الأمثلة على اتباع الاتجاه غير الملائم هو شيء أدعوه وهم خيار المراهنة، لنفترض أن هناك بعض الأصول التي فائدتها تشبه تعاملاً على المكشوف في البورصة لخيار مراهنة عميق خارج نطاق الربح على بعض المتغيرات الكلية مع توزيع منحرف بشكل سلبي (على سبيل المثال، مؤشر ستاندرد أند بورز 500، أو الاقتصاد الأمريكي). هذه الأصول - في معظم الوقت - ستكسب الأموال وخيار المراهنة، وهو مراهنة على انخفاض الأسعار، سينتهي دون ممارسته. المستثمر الذي يتبع الاتجاه العام سينظر إلى هذه الأصول ويقول : «واو، إنها ترتفع!» المخاطر ستبدو منخفضة كذلك، إذا ألقيتَ نظرة فقط على البيانات الأخيرة - كما يميل إلى فعله المستثمرون الذين يتبعون الاتجاه العام. المشكلة هي أن المخاطر مخفية في الطرف الأيسر المتدني من منحنى الرسم البياني، وفي بعض الأحيان، ستنخفض الأصول كثيراً. أستطيع التفكير على الفور في ثلاثة أمثلة مهمة لمثل هذه الأصول، الأول: هو المنتجات المالية المدعومة بالإسكان. كما يعرف الجميع الآن، قبل عام 2007 كان يتم تسعير هذه المنتجات فقط بناء على البيانات من فترة حياتها الحديثة للغاية؛ في الواقع. لقد تبيّن أنها في الغالب فقط تعاملات على المكشوف في البورصة للرهانات العميقة خارج نطاق الربح على سوق الإسكان في الولاياتالمتحدة. المثال الثاني هو صناديق التحوّط في التسعينيات وبداية العقد الأول من الألفية. فيكاس أجارويل ونارايان نايك وجدا أن معظم هذه الصناديق لها فوائد تشبه التعاملات على المكشوف في البورصة للرهانات خارج نطاق الربح على مؤشر سوق الأسهم. المثال الثالث هو من اليابان، ويشمل رأس المال البشري المحدد للشركات، في اليابان، معظم العاملين بدوام كامل يتم تعيينهم ودفع رواتبهم ليس بناءً على مهاراتهم العامة، لكن على معرفتهم بالأعمال الداخلية لشركة معينة. إذا سألت أي عامل ياباني عن سبب اقتناعه بعدم امتلاك رأس مال بشري خاص به، تقريباً دائماً ما يجيبون أن الشركات تمنحهم شعوراً بالأمان. فالشركات تتعهد بتوفير وظيفة لمدى الحياة، لكن في فترات الركود الاقتصادية الشديدة، تكون الشركات مضطرة لتسريح العاملين حتى هؤلاء ممن يُسَمَّون العمال مدى الحياة، وهو ما يترك العاملين المُسرّحين مع القليل من رأس المال البشري على الإطلاق. فرؤوس أموالهم المحددة للشركات هي في الواقع مجرد خيار مراهنة عميق خارج نطاق الربح على الاقتصاد الياباني. يبدو لي أن نفور اليابان الأسطوري من المخاطر هو فعلاً في الغالب مجرد مثال على وهم خيار المراهنة وتحيّز اتباع الاتجاه. المغزى من هذه القصة بسيط : الاتجاه هو صديقك حتى تختل الأمور في النهاية، فلا تنخدع به، أحياناً يتحرك العالم فعلاً تحت قدميك، لكن في معظم الأوقات تكون المخاطر مخفية تماماً، وفي العادة تكون تنتظر الفرصة لإعادة تأكيد نفسها وتعود بكل شراسة.