تظهر المؤشرات حول نية الولايات المتحدة شن غارات ضد مقاتلي تنظيم "دولة البغدادي" في سوريا، تحولاً واضحاً في سياسة واشنطن فيما يتعلق بالحروب الخارجية. وأعلن مسؤول اميركي كبير، ان الولايات المتحدة على وشك إرسال طائرات تجسس وطائرات بلا طيار، فوق سوريا، لرصد مقاتلي تنظيم دولة البغدادي، والتمهيد لشن ضربات جوية محتملة ضدهم. وأوضح المسؤول، الإثنين، طالباً عدم كشف اسمه، أن الطائرات ستستخدم لتكوين صورة شاملة أوضح، لتنظيم دولة البغدادي الذي سيطر مؤخراً على مناطق واسعة في سورياوالعراق. وكانت صحيفة وول ستريت جورنال أول من كشف، الإثنين، عن هذه المعلومات موضحة، أن هذه الطلعات الجوية المقررة سوف تبدأ "قريباً". وتشن الولايات المتحدة منذ الثامن من أغسطس، حملة ضربات جوية محددة الأهداف على مواقع للتنظيم في العراق، مركزة القصف على محيط سد الموصل في شمال البلاد، بهدف وقف تقدم المقاتلين المتطرفين. ومع إعدام دولة البغدادي الصحافي الاميركي جيمس فولي، وتصاعد المخاوف في الغرب حيال خطر التنظيم المتطرف، سرت تكهنات بأن واشنطن ستوسع نطاق ضرباتها الجوية إلى سوريا، حيث يقاتل التنظيم قوات بشار الأسد، وغيره من المجموعات الإسلامية المعارضة أيضاً للنظام. وترك مساعدو الرئيس باراك اوباما المجال مفتوحا امام امكانية شن ضربات جوية في سوريا، لكنه ما زال يتوجب اتخاذ قرار بالتدخل جويا في سوريا التي تشهد نزاعا مستمرا منذ حوالى ثلاث سنوات ونصف بين النظام والمعارضة. وأعلن جوش ايرنست المتحدث باسم البيت الابيض، الإثنين، أن اوباما "لم يتخذ قرارا" بهذا الصدد. ويقول مسؤولون اميركيون في احاديث خاصة: إن واشنطن لا تنوي إطلاقاً طلب موافقة نظام دمشق لأي طلعات جوية ولا تنسيق أية ضربات معه، ويشير بعض المحللين الى ان الدفاعات الجوية السورية قد لا تكون تعمل في شرق البلاد. وبالتزامن، قال الناطق باسم وزارة الدفاع، الجنرال جون كيربي: إن بدء عمليات جوية يتطلب تحديد الأهداف على الأرض بدقة، مضيفا: "الأقمار الصناعية توفر رؤية جيدة، لكننا دائما، إن أمكن، بحاجة إلى صور أقرب للأهداف". ورد كيربي على سؤال بشأن مدى التنسيق الأمريكي مع سوريا لضرب التنظيم: "لن أدخل في تفاصيل عمليات افتراضية.. لكن ليس هناك نوايا للتنسيق مع السلطات السورية". وأعلنت دمشق، الإثنين، استعدادها للتعاون مع المجتمع الدولي بما فيه واشنطن في مجال مكافحة الارهاب، الا انها اعتبرت ان اي ضربة عسكرية لتنظيمات متطرفة على ارضها ستعتبر "عدوانا" اذا حصلت من دون تنسيق مسبق مع الحكومة السورية. وقامت واشنطن بعملية خلال يوليو في سوريا في محاولة فاشلة لانقاذ مجموعة من الاميركيين المحتجزين لدى دولة البغدادي، غير ان الرهائن كانوا نقلوا عند وصول القوات الاميركية. وفي الأسبوع الماضي، قال الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية: إنه لا بد في نهاية المطاف من التعامل مع تنظيم دولة البغدادي على جانبي حدود غير موجودة في واقع الأمر حاليا" بين العراقوسوريا. وأكد المتحدث باسم ديمبسي، يوم الإثنين، أن الخيارات ضد التنظيم ما زالت قيد الدراسة، وشدد على الحاجة إلى تشكيل "تحالف من الشركاء الإقليميين والأوروبيين القادرين". وأضاف الكولونيل إد توماس أن ديمبسي "يجهز مع القيادة المركزية خيارات التعامل مع تنظيم الدولة في كل من العراقوسوريا عبر مجموعة من الأدوات العسكرية بما في ذلك الضربات الجوية.. الخلاصة هي أن قواتنا في موضع جيد لإقامة شراكة مع حلفائنا الإقليميين ضد دولة البغدادي". وأكد مسؤولان أمريكيان آخران، تجهيز خيارات توجيه الضربات ضد التنظيم في الأراضي السورية. وقال أحدهما: إن التخطيط للأمر جار منذ أسابيع. ولكن لم يقل أي من المسؤولين ما يفيد بأن العمل العسكري وشيك. ودعا الجمهوريون، يوم الأحد، إلى عمل أمريكي أكثر عنفا لهزيمة متشددي التنظيم في سورياوالعراق، متهمين أوباما بانتهاج سياسات أخفقت في إحباط تهديدات جديدة محتملة على الأراضي الأمريكية. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض: إن أوباما يعتزم استشارة الكونجرس بشأن ما سيقرره لسوريا لكنه لن يسعى بالضرورة إلى موافقة الكونجرس. وأضاف المتحدث أن تهديد دولة البغدادي يمثل وضعا مختلفا عن العام الماضي عندما قال أوباما: إنه يريد من الكونجرس الموافقة على استخدام الضربات الجوية لمنع بشار الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه. وأجرى أوباما، يوم الإثنين، محادثات مع وزير الدفاع تشاك هاجل. وقال توماس: إن ديمبسي يعتقد أنه لا بد من ممارسة ضغط على التنظيم في كل من العراقوسوريا، وإن هزيمة الجماعة تستلزم جهداً متواصلاً على مدى زمني طويل "وأكثر بكثير من (مجرد) عمل عسكري".