وصل عدد من الإيزيديين من سكان شمال العراق إلى هذه البلدة الكردية بعد فرارهم من مصيدة الموت فوق جبل سنجار وقد استبد بهم التعب والخوف، ويقولون بأسى: إنهم خلفوا وراءهم ذويهم في العراء. ودخيل وهو راعي غنم فر مع اسرته إلى اخاديد صخرية عند المراعي المحيطة بسنجار، ولكن عندما بدأ رحلته الشاقة والخطيرة بحثا عن ملاذ آمن، بعيدا عن جبل سنجار ترك والدته البالغة من العمر 95 عاما. وقال دخيل: «تركت والدتي على الجبل في كهف. قالت لي: أريد البقاء هنا. انجوا بأنفسكم». وفر دخيل وآلاف آخرون خلال الايام القليلة الماضية وهبطوا من فوق الجانب الغربي للجبل وعبروا سهلا إلى الحدود السورية ثم عادوا مرة اخرى للعراق إلى اقليم كردستان العراق دون ان يمسهم مسلحو دولة البغدادي بسوء. والإيزيديون من الاقليات التي فرت من قراها أمام زحف مقاتلي دولة البغدادي(داعش) الذين رفعوا اعلامهم فوق عدة بلدات في شمال غرب العراق في الاسابيع الاخيرة. وبالنسبة لكثيرين ممن فروا من فوق جبل سنجار بفضل مساعدة قوات البشمركة خفيفة التسليح وبعص الحراس الإيزيديين جاءت المعونات الغذائية والمياه التي اسقطتها القوات الامريكيةوالعراقية على الجبل خلال الايام الخمسة الاخيرة متأخرة جدا. وقال الناجون الذين وصلوا لدهوك، الإثنين: إن محنة سكان سنجار بدأت بقصف قوات تنظيم دولة البغدادي للبلدة في مطلع الأسبوع الماضي وطردهم القوات الكردية ما دفع الآلاف للفرار إلى قمة الجبل. ولكن لا يوجد ملاذ أمن. وقال خلاف حاجي الذي يعمل في مدرسة: "حين صعدنا لقمة الجبل أطلق القناصة الرصاص علينا. وألقت الفتيات بأنفسهن من فوق قمة الجبل. لم نعد نثق بالعراق. أسروا الآلاف من نسائنا." ولم يستطع الفارون سوى حمل كميات قليلة من الغذاء والمياه والاسعافات الطبية معهم، ولم يجدوا ما يقيهم حرارة الشمس القائظة. وقال مورال رجل الشرطة: "على الجبل... مات أكثر من 30 شخصا جوعا. عاد بنا الزمن أكثر من مائة عام فوق الجبل" وروى كيف استبد اليأس برجل ما دفعه ليقتل نفسه وشقيقاته الخمس هرباً من المعاناة. وأعلنت الولاياتالمتحدة أنها شنت عدة غارات جوية على مواقع دولة البغدادي، الإثنين مستهدفة المتاريس والمركبات قرب جبل سنجار وفي وقت سابق أصابت الطائرات المدفعية التي تقصف الجبل. ممر آمن وفي واشنطن وفي الأممالمتحدة، قال مسؤولون: إنهم يبحثون سبل فتح ممر آمن لنقل من لا يزالون محاصرين على قمة الجبل، ولكن ليس هناك ما يشير لقرب تحقيق ذلك. وقال الجنرال وليام مانفيل المسؤول الكبير بوزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) أول أمس: "نحن نتعامل الآن مع الشق العاجل من الأزمة. وينصب اهتمامنا في الوقت الراهن على تقديم مساعدات عاجلة لمن يقاسون." وسئل اذا كان سيتاح ممر آمن للمحاصرين قريبا فأجاب: "نقيم حاليا ما هو ممكن وغير ممكن وندرس مدى التأثير على مواقع (المقاتلين ) الذين يضربون الحصار." وقال كيران دوير المتحدث باسم مكتب الاممالمتحدة لتنسيق المساعدات الانسانية الموجود حاليا في ارجيل بكردستان: انه وآخرين يعملون على فتح ممرات آمنة للمحاصرين. وصرح دوير للصحفيين في نيويورك عبر الهاتف: "ليس ضروريا ان نفتح ممرا آمنا وحيدا في الوقت الحالي، واؤكد انه من يهبطون من الجبل لا يزال امامهم عبور منطقة خطيرة قبل الوصول لملاذ آمن." وقالت القيادة المركزية في الجيش الأمريكي في بيان: إن أربع طائرات شحن أمريكية ألقت ليل الأحد، حمولة من المواد الغذائية والماء هي عبارة عن 74 الف وجبة واكثر من 15 الف عبوة من مياه الشرب لإغاثة المجموعة المحاصرة. ورغم المعاناة فوق الجبل لازال عشرات الآلاف يلجأون اليه لإدراكهم التهديد لحياتهم من جانب المسلحين. وزعم مورال رجل الشرطة: إن المقاتلين الذين سيطروا على سنجار قطعوا أصابع النساء بعد ان عجزوا عن أخذ خواتمهن من أيديهن. وقال وزير حقوق الأنسان العراقي، محمد شياع السوداني في بغداد يوم الأحد: إن مسلحي دولة البغدادي قتلوا أكثر من 500 يزيدي في هجوم الاسبوع الماضي. وأضاف الوزير أن المسلحين دفنوا بعض الضحايا أحياء من بينهم نساء وأطفال وأخذوا نحو 300 امرأة سبايا. والإيزيديون هم أتباع ديانة قديمة منبثقة عن الزرادشتية. ويعتبرهم مقاتلو دولة البغدادي من "عبدة الشيطان" ويخيرونهم بين اعتناق الإسلام أو الموت.