سطرت هدى المطيري أروع الأمثلة في الصبر على متاعب عالم التجارة، وتأسيس مشروع مستقل لها، حيث كانت قوة إرادتها وعزيمتها وتشجيع أهلها المحفز الكبير بعد توفيق الله، فبعد أن كانت موظفة في إحدى المنشآت كمسؤولة تدريب للقسم النسائي، أنشأت لها معهد تدريب لتعليم اللغة الإنجليزية في المنطقة الشرقية، وتغلبت على صعاب كبيرة منها توفير الأموال، ومراجعة الدوائر الحكومية، وكتابة العقود، إضافة إلى تجاوزها محاولة نصب واحتيال كادت أن تبعثر أحلامها وتكبدها مطالبات مالية تصل إلى مليون ريال. تقول هدى: «أسرتي كان لها دور كبير في التشجيع، خاصة أمي التي ساعدتني وشدت على يدي من قبل بداية مشروعي (معهد كوكب اللغة الانكليزية English Planet) وإلى الآن، كما كانت أختي أول المعينين لي مادياً ومعنوياً، والمواقف كثيرة، أذكر أهمها موقف والدي -حفظه الله- وحرصه المستمر بنفسه لمراجعة الدوائر الحكومية ذات العلاقة لإنهاء ترخيصي في أسرع وقت والبدء بنشاطي». وأضافت: «كانت السلبية الأولى وقت البدء الفعلي للمشروع، هي عدم تدوين بعض المصروفات لاعتمادي على الذاكرة وقتها، وقد تغلبت على كل الصعوبات بالدعاء والاستعانة بالله اولا، ثم القراءة بنهم والاطلاع وجمع المعلومات والتحليل والفرز واتخاذ القرار والاستشارات وتحمل المسوؤلية». لقد تأثرت هدى المطيري بعدة شخصيات كانت داعمة ودافعة لها للحياة خارج نطاق الأسرة، منهم الدكتور إبراهيم الفقي والشيخ سليمان الراجحي. ومرت بمواقف مفرحة في تجربتها ومواقف أخرى سرقت الدمعة من عينيها حزناً.. حيث تقول: «أول أفراحي لحظة دخولي المعهد في أول يوم عمل وكان بتاريخ 23 سبتمبر عام 2005م، الفرحة الثانية دخول أمي لمكتبي تبارك لي البداية وقد استمر نجاحي بفضل دعائها ودعاء والدي». وتشير المطيري إلى أن أصعب فترة مرت عليها في عالم الأعمال هي مرحلة التراخيص وبدء التشغيل، حيث تشير إلى أن التأسيس استغرق عاماً كاملاً، وهي فترة طويلة جداً احتاجت فيها لصبر وتحفيز للمواصلة. لا تستشير هدى إلا من تثق بحكمته وصدقه وتشجيعه لها والوقوف إلى جانبها في حالات تستشعر فيها المخاطرة، وهم أفراد معدودون من الأسرة والصديقات، بينما تبحث عن المختصين حسب المشكلة التي تواجهها. تعلمت هدى مهارة التفويض بالعمل لاحقا، وبعد تعدد المسؤوليات وتفاصيل الأعمال أصبح الأمر طارئاً وخاصة العمل الذي يستطيع غيري فعله، ورغم ذلك تقول: إنها تحاول أن تتخلص من عيب ترك المهم من الاعمال ولم تفلح. تكره هدى عدم الجدية في الأقوال والأفعال التي توضح عدم مسؤولية الطرف الآخر.. «أحترم من يحترم كلمته ويوفي بها». السعي لأجل النجاح وتسخير الوقت لأجل أن تصل هدى للنجاح بالتأكيد كان له ثمن من التضحيات، حيث تشير قائلة: «صحتي هي الضحية رقم واحد، فرغم أني متفائلة جداً، والحماس هو محركي إلا أن القلق على النجاح لإثبات الذات يترك أثره، لكن تشجيع من حولي وبعد قدرة الله ثم قدرتي ثابرت حتى إتمام هذا النجاح بفضل الله، إضافة إلى أني حرمت نفسي من مالي الخاص برغبة مني ولست مجبرة كي أوفر لاحتمالية حاجة مشروعي للسيولة المالية». وتضيف: «بفضل من الله، ما مررت بلحظات من الهزيمة والانكسار لأني مهيئة نفسي لأي عقبة، فقط مررت بنقص في السيولة فترة من الوقت، وكنت أفكر بأكثر من حل دون أن ألجأ للقرض والحمد لله تيسر الأمر بتنظيم برنامج لإحدى الجهات الخاصة بعرض مغري، وباختصار تجاوزت المعضلة بتغيير طريقة التفكير والبحث عن بدائل». ولأن القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود، كانت هدى تحرص في إنفاقها على نفسها، وتقول: «حقيقة أنا مع الإدخار والتوفير والاقتصاد وتقليل المصاريف من باب اصرف ما تحتاجه فقط الآن، وأترك ما لا تحتاجه من مصاريف في تجارتك.. هنا تعلمت الموازنة». مرت هدى بمشاكل، وكادت أن تقع ضحية احتيال وتتكبد خسارة قد تقضي عليه.. وتقول عنها: «وقعت عقداً مع جهة ما بشأن الاستفادة من برامجي التدريبية، لكن هذه الجهة مارست علي النصب والاحتيال والتغرير التي كشفها الله لي، ولولا ستر الله لكلفني الأمر أكثر من مليون ريال.. لهذا تعلمت كتابة العقود وهي أكبر وأعظم التجارب، والتي بفضل الله تجاوزت معها موقفاً كاد أن ينسف كل ما بنيته، لكن لطف الله كان أسرع». تنقل هدى تجربتها للآخرين بما انطوت عليه من مواقف وقصص ترى أنها قد تفيد المقبلين على تأسيس مشاريعهم الخاصة.. «كل مرحلة في تأسيس مشروعي تركت أثراً ودرساً لي، خاصة التي أخطأت فيها أو خذلني الآخرون بسبب ثقتي فيهم، وظيفتي السابقة كانت في مجال التدريب وآخر مرتبة كنت بها (مديرة فرع قسم نسائي)، والفضل لله قبل كل شيء أن أتتني فكرة تأسيس معهد تدريب نسائي؛ لأني أحببت هذا المجال وأبدعت فيه أثناء وظيفتي كما أبدعت أكثر في مشروعي. وتلخص هدى هذه المراحل في ثلاث قصص: «أول قصة كانت مع رأس مال المشروع، إذ كان رأس مال المشروع داخلاً مع حسابي الشخصي، وهذا خطأ، إذ كان ينبغي فصله في حساب مستقل واستخراج بطاقة صراف ودفتر شيكات خاص به ليكون بنظام محاسبي دقيق، فالأمور المالية هامة جدا وينبغي الاهتمام بها مبكراً لمعرفة وقت استرداد رأس المال فيما بعد ولمعرفة الربح والخسارة والميزانية السنوية». وتؤكد هدى أنه من المهم تدوين الموارد والنفقات وجمع الفواتير وتخصيص دفاتر سندات قبض وسندات صرف. وزادت: «ثاني القصص كانت قصتي مع تجهيز موقع المشروع، فقد استلمت موقع مشروعي (المعهد) بإيجار سنوي، ويحتاج للصيانة والترميم، وللتجهيز بشكل كامل، هنا واجهتني صعوبة التعامل مع عمال رجال أجانب من جنسيات متعددة لاستلامهم موقع مشروعي، كيف أشرف بنفسي وأنا فتاة شابة على إصلاح المحل بشكل يومي، ومتابعة تقدم العمل وإنجازه؟، كنت أتسلح بقوتي في التفاوض معهم حتى لا يتم استغلالي، وقد أضاف هذا الجانب إلي خبرة في الكهرباء والديكور والتأثيث وكل صغيرة وكبيرة». أما ثالث قصصها في تأسيس المشروع فهي مع التوظيف، حيث تقول: «من أصعب الأشياء التي واجهتني كان اختيار الموظفة ذات الكفاءة التي تقبل براتب مقبول على فترتين من العمل، كيف أوظف من أحتاج إليها فقط؟ للأسف في بداية الأمر لم أجد سعوديات يقبلن بالعرض، فاضطررت لتوظيف مقيمات كمدربات». تهتم هدى كثيراً بالجانب التطوعي بمعهدها، وفتح الأبواب لمن ترغب في اكتساب خبرات بالعمل المكتبي الإداري، ليكون إضافة لها تساعدها في الحصول على وظيفة، علاوة على تقديم فرص للتدريب مجاناً لخريجات اللغة الانجليزية لاكتساب مهارات التدريس». وتقدم إلى هدى كثيرات في بداية مشوارهن متخذات منها رمزاً وقدوة وطلبن عصارة خبرتها ونصيحتها من داخل الأسرة ومن خارجها.. وتشير قائلة: دائماً كان السؤال الأهم كيف أبدأ، ومن خلال هذا السؤال ومجالي في التدريب نفذت أكثر من محاضرة في تأسيس المشاريع الصغيرة بالدمام والقطيف والرياض.